
ينزل السلم من الدور السادس حيث يعيش بحذر لكي لا يراه أحد ويمنعه من رؤية حبيبته.. يكاد يجن من شوقه لها رغم أنه لم يرها منذ الأمس فقط.. حزين هو يتساءل كيف تركته بسهولة، فقط يريد رؤية عينيها الخضراوين وجمالهما الناعس واللتين أسرتاه بنظرتها الجريئة في عينيه خلال فترة زواجهما القصيرة، علمته فيها الجرأة وعدم الخجل من التعبير عن مشاعر جميلة، جعلته كيانا مختلفا محبا للحياة مستمتعا بها وبمشيتها المتدللة الواثقة كملكات الجمال، والتي لا تخجل من تقبيله في عناق طويل رهيب يغيب فيه الزمن وينسى معه الدنيا ذاهبا معها في عالم آخر ألوانه مبهجة وموسيقاه ناعمة.
لكنه متحير، غاضب لتغيرها المفاجيء؛ إذ صارت رافضة علاقته معها أو حتى تقبيلها، لا يتصور أنها لم تعد تحبه ولابد أن هناك سببا آخر ولابد أن يعرفه.
بالأمس أتت صاحبتها، عانقتها وقبلتها، شعر بالضيق فهو يغار حتى من أنثى مثلها، وذهبت حبيبته معها ولم تلتفت له ولا لدموعه.
لكنه مصرٌ اليوم على رؤيتها ليملأ عينيه منها ويشتم رائحتها ويلومها على هجره.. هذا إن تذكر فأمامها ينسى كل ما يريد قوله وما أعده سابقا من كلام..
يتوارى بجانب باب شقتها.. نعم، هى تعيش هنا.. فهو يشعر أنها قريبة منه..
يتناهى صوتها لسمعه فيطرب قلبه، لكنه يقلق لوهن صوتها.. أتكون مريضة.. أم حزينة لبعدها عنه.. يتساءل كيف أن سعادته كانت قريبة منه ولا يعلم بوجودها.
يتوارى بسرعة خلف الباب الذي تفتحه أم صاحبة حب عمره ويغافلها ويدخل من خلفها بكل الجرأة التي اكتسبها من محبوبته، يتجه صوب غرفة النوم فيجدها تنام واهنة على ذراع صاحبتها، ينظر لها نظرة والهة لكنه يفجع من نظرتها النارية محذرة إياه من الاقتراب منها.
يسمع صاحبتها تضحك وتنادى:
– ماما إلحقى العاشق الولهان نزل للهانم.. دا حب بقى ولا إيه؟! لكن بتهاجمه كأنه عدوها.
تفرح الأم جدا، وتقول:
– بجد بتهاجمه؟ تبقى حامل!
تدمع عينا مشمش من الفرح.. بيري ستنجب أطفالهما.. تسقط دموعه متخيلا أبناءه في شقاوة وجمال أمهم الذي يفوق جمال أي قطة شيراز أخرى!