يا أصحاب الأعمال !

بقلم : حسام الدين عوض
لا أخفي ميلي لتجنب استخدام تسمية “رجال الأعمال” بعد أن أصبحت مذمة في حق من ينسب لها! وبعد أن ارتبط هذا الوصف في أذهان الكثيرين ، بقيم الجشع .. والفهلوة .. والقدرة على اللعب بالبيضة والحجر!
والحق أن كثيراً ممن كونوا ثروات طائلة .. إنما كونوها بطرق غير مشروعة .. فبدءاً من السمسرة التي لاتخلو من شبهة ومن تسقيع الأراضي واستيراد أو تصنيع السلع رديئة الجودة .. ومروراً بالتربح على حساب المال العام ، ثم انتهاءاً بالتعامل بالرشى وغش البضائع وضرب الفواتير وغير ذلك!
ولهذا فسوف أستخدم مسمى “أصحاب الأعمال” حين أتحدث عن الشرفاء الذين كونوا ثرواتهم وبنوا أعمالهم وشركاتهم ومصانعهم بعرقهم وجدهم واجتهادهم ، فساهموا في تشغيل مئات الآلاف من الأيدي العاملة في مصر والوطن العربي ، وفي تقديم قيمة مضافة للسلع ، وفي دعم الاقتصاد القومي.
أعلم أن أكثركم يا “أصحاب الأعمال” لو كتب مذكراته ، وتحدث عن سنوات الصبر والمثابرة ، وعن أوقات المعاناة والبذل ، ثم جمعت هذه المذكرات في كتاب أو في عدة كتب ، ولو قدمت بعض قصص نجاحكم في برامج التوك شو ، لكان ذلك رصيداً نافعاً لعشرات الآلاف من شباب بلدنا الذي يعتصره الإحباط ، ولو أن وسائل الإعلام حرصت على تقديم قصص نجاحكم للشباب حرصها على الاحتفاء بالجدل السوفسطائي الليلي الذي لاينبني عليه عمل ، لكان ذلك أجدى وأنفع للشباب وللوطن .. ولكان نوراً لكل سادر في الغي منهم ..تائه في فياف شتى!
أقول لكم أيها الشرفاء “أصحاب الأعمال”: إن الأوطان في أمس الحاجة لكم ، وإن عليكم أن تردوا لها بعض جميلها عليكم! أقول ذلك وأنا أعرف أن أكثركم ينفق من أمواله مختاراً على الأيتام ، ويساهم في إعالة الكثير من المطلقات والأرامل ومن فقدن عائلهن ، ويعين الفقير والمسكين ، ويكرم ذا الحاجة المعوز ، ولايبخل أو يضن على من يطلب عونه بالمساعدة اللازمة والمعونة الضرورية.
لكني أود أن ألفت أنظاركم لأمور أخرى يفتقر إليها الوطن ، وتعوزها مصلحة الأجيال المقبلة ، فاستعينوا بالله ، واضطلعوا بدوركم الهام وبمسئولياتكم التاريخية تجاه الأجيال القادمة ، وألخص تلك المسئوليات فيما يلي:
1- مسئولية تجاه المرءوسين والموظفين والعمال (إلزامهم باتباع إرشادات وقواعد الأمان – الالتزام تجاههم بالحد الأدنى للرواتب – الالتزام تجاههم بمواعيد العمل الرسمية وبإجازات الدولة – تحفيزهم على الابتكار والإبداع من خلال مسابقة دورية لتقديم أحسن فكرة لتطوير العمل – التواصل الإنساني معهم من خلال لقاء نصف شهري والعمل على حل مشكلاتهم الشخصية إن أمكن – الالتزام تجاههم وإلزامهم بتطوير كفاءتهم الفنية أوالمهارية أو الإدارية من خلال الالتحاق بالدورات المتخصصة – تقديم القدوة الحسنة وتجنب إهانة المخطئ أم تجريحه والاكتفاء بالعقوبة المالية الرحيمة – تقديم الأكفأ والأكثر موهبة وإبعاد من يمارس التزلف الرخيص).
2- مسئولية تجاه البيئة (تبني مشروعات التشجير – تبني إقامة حدائق في الميادين العامة على نفقتكم – نشر ملصقات تجنب التلوث الضوضائي والبيئي والامتناع عن التدخين في الأماكن المغلقة – عدم إلقاء مخلفات التصنيع في النيل أو في المصارف).
3- مسئولية تجاه الدولة (تجنب المضاربة في العملات الأجنبية – الحرص على عدم التهرب من الضرائب – المساهمة في إنشاء صناديق استثمارية لدعم المشروعات الصغيرة – تعظيم قيمة الإنتاج الذي يقدم قيمة مضافة للسلعة والابتعاد قدر الاستطاعة عن التجارة السهلة وعن استيراد السلع الترفيهية والترفية).
4- مسئولية تجاه المجتمع (دعم تزويج الشباب والفتيات – التواصل مع الأجيال الشابة وتقديم الخبرة لهم دون مقابل واحترام أفكارهم مهما بدت حالمة أو غير ممكنة – تخصيص نسبة من التعيينات لذوي الاحتياجات الخاصة – تخصيص نسبة ولو ضئيلة لتعيينات جديدة ولو لم يكن العمل بحاجة ماسة إليها – دعم الجمعيات الخيرية بالملابس المستعملة والتي لا يخلو منها بيت).
5- مسئولية تجاه الشركات الأصغر (ترك المجال لمنافسة الشركات الصغيرة ، البعد عن احتكار السلع أو الخدمات ، تعظيم قيمة التعاون على قيمة التنافس).