نبي القرآن ونبي الروايات!

بقلم : حسام الدين عوض
وصلني موضوعٌ يقول كاتبه إن المرويات قد نسبت أموراً مخلَّةً ومخجلةً لرسولنا -صلى الله عليه وسلم- ، وبالتالي قفز كاتبه إلى استنتاج مفاده أن نكتفي بنصوص القرآن الكريم في التعرف على شخص الرسول ، وأن نترك نصوص السنة التي نسبت العنف والكراهية والغلظة لرسولنا صلى الله عليه وسلم.
أقول : هذا الكلام غير علمي وغير متماسك وغير موضوعي ، وذلك لأسباب كتيرة منها أنَّ الروايات نفسها تظهر جوانب مشرقة كثيرة في شخص رسولنا الكريم ، مثل وفائه الشديد لأم المؤمنين خديجة اللي عاش معاها خمساً وعشرين سنة هي الفترة الخصيبة في حياته كذكر ، وهي المرأة الصالحة الاستئنائية التي استوت جميع النساء في عينه بمجرد موتها ، ثم حبه الشديد لابنته فاطمة الزهراء أم الحسنين وزوجة أمير المؤمنين علي بن أبي طالب ، والتي قال عنها: هي بضعة مني يؤذيني ما آذاها ، وقد رفض زواج سيدنا عليّ عليها ، كما عرضت هذه الروايات حبه وتقديره لأم المؤمنين عائشة وصبره عليها وعلى غيرتها واندفاعها ، ثم هو يقول لها رغم كلِّ هذا : “إذا كنت عني راضية فإنك تقولين لا ورب محمد وإذا كنت غضبى قلت لا ورب إبراهيم”! تصور من يرضى على من؟
وكذلك وصفه القرآن الكريم بأبلغ الأوصاف وأجملها وأكملها ، وبما يعجز عنه الشعراء وتضنّ بمداده الأقلام ، فقد وصفه القرآن الكريم بأنه :
1. رحمة للعالمين ؛ قال تعالى: ” وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلاَّ رَحْمَةً لِّلْعَالَمِينَ ” (الأنبياء : 107)
2. البشير والنذير والسراج المنير ؛ قال تعالى: ” يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ شَاهِدًا وَمُبَشِّرًا وَنَذِيرًا () وَدَاعِيًا إِلَى اللَّهِ بِإِذْنِهِ وَسِرَاجًا مُّنِيرًا ” (الأحزاب : 45 ، 46)
3. صاحب الخلق العظيم ؛ قال تعالى : ” وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ ” (القلم: 4)
4. بالمؤمنين رؤوف رحيم ؛ قال تعالى : ” لَقَد جاءَكُم رَسولٌ مِن أَنفُسِكُم عَزيزٌ عَلَيهِ ما عَنِتُّم حَريصٌ عَلَيكُم بِالمُؤمِنينَ رَءوفٌ رَحيمٌ ” (التوبة: 128)
5. بشرٌ مثل المؤمنين وواحدٌ منهم ؛ يزكيهم ويعلمهم الكتاب والحكمة ؛ قال تعالى : ” لَقَدْ مَنَّ اللَّهُ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ إِذْ بَعَثَ فِيهِمْ رَسُولاً مِّنْ أَنفُسِهِمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِن كَانُواْ مِن قَبْلُ لَفِي ضَلالٍ مُّبِينٍ ” (آل عمران: 164)
ثم حدد القرآن العظيم مهمته الرسالية في البيان والدعوة إلى الله بالحكمة والموعظة الحسنة دون حمل الناس على الإيمان به أو قهرهم وقسرهم على خلاف مايعتقدونه
1. قال تعالى: ” فَإِنْ أَعْرَضُوا فَمَا أَرْسَلْنَاكَ عَلَيْهِمْ حَفِيظًا ۖ إِنْ عَلَيْكَ إِلَّا الْبَلَاغُ” (الشورى : 48)
2. قال تعالى : ” فَإِن تَوَلَّوْا فَقُلْ حَسْبِيَ اللَّهُ لَا إِلَٰهَ إِلَّا هُوَ ۖ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ ۖ وَهُوَ رَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ ” (التوبة : 129)
3. قال تعالى : ” فَإِنْ أَسْلَمُوا فَقَدِ اهْتَدَوْا وَإِنْ تَوَلَّوْا فَإِنَّمَا عَلَيْكَ الْبَلَاغُ ” ﴿آل عمران : 20)
4. قال تعالى : ” فَإِنْ تَوَلَّوْا فَإِنَّمَا عَلَيْكَ الْبَلَاغُ الْمُبِينُ” (النحل : 82)
5. قال تعالى : ” لَّسْتَ عَلَيْهِم بِمُصَيْطِرٍ” (الغاشية : 22)
6. قال تعالى : ” نَّحْنُ أَعْلَمُ بِمَا يَقُولُونَ ۖ وَمَا أَنتَ عَلَيْهِم بِجَبَّارٍ ” ( ق : 45)
7. قال تعالى : ” وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ مَا أَشْرَكُوا ۗ وَمَا جَعَلْنَاكَ عَلَيْهِمْ حَفِيظًا ۖ وَمَا أَنتَ عَلَيْهِم بِوَكِيلٍ ” (الأنعام : 107)
8. قال تعالى : “لَّيْسَ عَلَيْكَ هُدَاهُمْ وَلَٰكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَن يَشَاءُ” (البقرة : 272)
الخــلاصة: المرويات فيها وفيها! فدعك من كلام من يصفون أنفسهم بالقرآنيين ، لأن كلامهم عبارة عن دعوى مهترئة ومتهافتة وسائلة ، ودعك أيضاً من كلام المتعصبين الذين يزعمون أن كل مافي كتب السنة صحيح ولامجال لنقده بحال!