
كتب زيد الطهراوي
تميزت الكاتبة اللبنانية مي زيادة بأسلوبها المشرق في الكتابة، بدون إغراق في المحسنات اللفظية و البديعية، إلا ما جاء بلا تكلف و كانت الكاتبة مي تشارك في الحياة الثقافية و الأدبية، في بيئة عربية محافظة، تنظر للمرأة نظرة انتقاص، تمنعها من حقها في طلب العلم و الانضمام إلى أخيها الرجل في ركب الإبداع. و في نفس الوقت كانت ترفض أن تهمل المرأة بيتها و أطفالها، فكتبت تنصح المرأة أن تعود من اجتماعاتها مع النساء للحديث في أمور تافهة، و تهتم بطفلها الرضيع الباكي قائلة لها:(إن بكاء الأطفال أشد إيلاما من بكاء الرجال). و في صالونها الأدبي التقت مي بأدباء و شعراء كعباس محمود العقاد، و مصلحين كأحمد لطفي السيد الذي نصحها بقراءة القرآن الكريم لتحسين أسلوبها؛ففعلت و استفادت من إعجاز القرآن في بلاغته و كنوزه المعرفية. كتبت مي عن حرية المرأة التي لا تتنافى مع خلقها الحسن،و تكلمت عن الرجل الذي لا بد أن يحترم شعور المرأة و كرامتها، و كتبت في الحب و عن الحب، فأزهرت الكلمات في بستانها، و أثمرت اعجابا كبيرا من القراء المتعطشين للمزيد من الإبداع و النقاء، لقد كانت مي كأديبة ناجحة في ما تقدمه و تتفاعل معه، و لكنها في حياتها الشخصية لم تجد من يقف معها الا القليل من رفاق الكلمة؛ و هي تعاني في مصحة الأمراض العقلية في لبنان، التي أجبرت على دخولها حين تخلى عنها ابن عمها، و هو الرجل الذي أحبته و كادت العلاقة أن تنتهي بالزواج، فتنكر لها و أعان على دخولها للمصحة و الحجر عليها. و غادرت مي العصفورية بإلحاح من الأدباء الذين تألموا لما تعرضت له من ايذاء و ازدراء، و رجعت مي إلى مصر لتموت وحيدة ؛و قد أعطت أمتها الكثير من الوعي و الأدب، و لم يمش في جنازة الأدبية المشهورة إلا ثلاثة من المثقفين هم: خليل مطران و أحمد لطفي السيد و إنطوان الجميل