مقالات الرأى

” مرض البغبغة “

بقلم الكاتبة/ منال سناء

” مرض البغبغة “

بقلم الكاتبة/ منال سناء

داء أمتنا اليوم هي اللسان

لسان البغبغاء ترديد الكلام بدون وعي؛ وحتى يتم تدمير شعب؛ وتقطيعه نحتاج فقط شخص أوتي بلسان لا يمل الحديث ولا يكل من تكرار نفس الكلام. ماشيًا بيننا بشعار أنا مُحْبط…و هدّام…

ما يحزنني اليوم إننا انقلبنا بعد أن كُنا “أمة إقرأ ” إلى “أمة إسمع وإنقل”؛ انقلب المجتمع من “خير الكلام ما قل ودل ” إلى”خير الكلام ما كثر ،و توغل، و تسرب، ودمر “. برغم أن الكلام هبة من الله لكن البعض استخدم هذه النعمة بإساءة بالغة.. ناسيًا أن لا يجب أن نسير بين الناس ب” الفاحشة و الفساد “.
«لا يخرج من فمك كلام فاسد،‏ بل كل ما كان صالحاً للبنيان».
تقول الأمثال:‏ «سكينة اللسان شجرة حياة،‏ واعوجاجه سحق في الروح».‏ فمثلما تنعش المياه شجرة عطشى،‏ كذلك الكلام اللطيف ينعش روح الذين يسمعونه.‏
أما اللسان المعوَّج فيسحق روحهم.‏حقاً إن لكلماتنا قدرة إما أن تجرح أو تشفي.
ينتاب الشعب المصري أعراض مرض خطير ظهر قريبا في أجواء الشارع المصري مرض (البغبغة ).وهو مرض ترديد الكلام بدون فهم وبدون وعي، وترديد أي كلام من غير التدقيق من المصدر؛ وإلي أين…؟و من نتائج هذا المرض” البغبغة” الكلام الكاذب،و المبالغ فيه، الكلام الجارح والسب، واللعن، والإساءة إلى الآخرين، والتحدث بالباطل في سيرة الناس، والتهكم علي العلماء وشيوخ الأزهر؛ حتى شهدائنا الأبرار لم يسلموا من التطاول…
إنها لعنة تَوغلت إلى النفوس ظاهرة جديدة؛ وطارئة علي مجتمعنا الجميل. هذا المجتمع الذي خرج منه العباقرة، الكُتاب العظماء،الجنود الأقوياء.إختفي شعار ” إن قلة الكلام وكثرة الأفعال هي ميزة الإنسان والإنسان العاقل هو الذي ينطق بعد تفكير ورويّة”.
ووصل حالنا إلي لا تصمت ولا تعطِ أحدًا فرصة للحديث؛ وتكلم بغير انقطاع؛
أصبحنا شعب مُمل؛ وبرامج مُملة،ودراما مُملة؛ وكل شيء مُمل.
كما قال فوليتر : ” إذا أردت أنْ تكون مملاً فتحدث في كل شيء” وهذا بالفعل ما يحدث في شارعنا المصري؛ و بيوتنا وفي اجتماعاتنا ” هنا و هناك “. أصبح الجميع فقهاء في كل الأمور متخصصين
يتحدثون بطلاقة. ومن أكبر المشاكل التي تواجهنا أنه مرض مُعدي… مرض يجد البعض فيه لذة؛ والبعض مدمن. لا يمر علينا يوم إلا ونجد شخص يتجول ناشراً الأخبار أو الفضائح. هذا شخص مريض؛ و يطالعنا بسلسلة من السخافات اللفظية؛ وعبارات من قاموس مسيء.
يتفنن البعض في تأليف وإخراج ونشر هذا القاموس.
والذي أريد فهمه متى التخلص من ترديد الكلام ونقل كلام وزيادة وتحبيش الخبر بالتوابل هل من المعقول يحدث هذا في مجتمع مؤمن أن كثرة الكلام يخرب البيوت،و يجلب المشاكل.
* يا شعب مصر الحبيب…..
“لِيَكُنْ كُلُّ إِنْسَانٍ مُسْرِعًا فِي الاسْتِمَاعِ، مُبْطِئًا فِي التَّكَلُّمِ، مُبْطِئًا فِي الْغَضَبِ، لأَنَّ غَضَبَ الإِنْسَانِ لاَ يَصْنَعُ بِرَّ اللهِ”.
(رسالة يعقوب 1: 19، 20)
“صُنْ لِسَانَكَ عَنِ الشَّرِّ، وَشَفَتَيْكَ عَنِ التَّكَلُّمِ بِالْغِشِّ”.
(سفر المزامير 34: 13)
“رُبَّ ساكتٌ يُعَدُّ حَكِيمًا، وَرُبَّ متكلم يُكرَه لطول حديثه”.
* يا أمة محمد تذكروا أقوال السلف الصالح:
قال: ” الهيثم بن صالح ” لابنه(يا بني إذا أقللت من الكلام أكثرت من الصواب؛ و إذاأكثرت من الكلام أقللت من الصواب).
قال:” عمرو بن العاص ” رضي الله عنه (الكلام كالدواء إن أقللت منه نفع؛ وإن أكثرت منه قتل).
قال:” عمر بن الخطاب ” رضي الله عنه (من كثر كلامه كثر سقطه؛ ومن كثر سقطه قل حياؤه، ومن قل حياؤه قل ورعه، ومن قل ورعه مات قلبه).
أخشى ماأخشاه موت القلب الذي يجعلنا نبالغ ولا ندقق فيما يقال؛ ومتى يقال؟ وأدعو الله للشعب الذي بعضه أصيب بمرض البغبغة في نقل الكلام،و الأخبار، والصور بدون دراسة أن يرسل الله لنا من يجد إليه علاج؛ ليتم شفاءنا العاجل، والسريع حتى يأمن شارعنا من الفتن، والخلل اللفظي؛ والانحلال…وحتماً أن نغلق أفواهنا ما لم يكن حديثنا ضروري ولائق.
( اللهم ضع يا رب “حافظًا لفمي، وبابًا حصينًا لشفتي”).

اظهر المزيد

منال سناء

" كاتبة مصرية " صاحبة أشهر فنجان قهوة في الوسط الأدبي " فنجان قهوة مع ديدة " الحفيدة/ منال سناء
شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى