
إذا الشعب يومًا أراد الحياة…
“إن السلطة لا تستمد قوّتها من ذاتها، بل إنّ مصادر السلطة متجذّرة خارجها، أي داخل المجتمع، إذ لا تستطيع أي سلطة القيام بأي عمل، مهما كان بسيطُا، من دون قبول وتعاون عدد كبير من من المؤسسات والهيئات والأفراد. من هنا يصبح بالإمكان ضبط السلطة الظالمة والجائرة، والتحكّم بها من جذورها، عن طريق سحب القبول والطاعة.”
فربّكم ماذا تنتظرون؟!
كلّنا مسؤول، نحن مسؤولون عن الأعمال التي نقوم بها وعن الأعمال التي نجيز لسوانا القيام بها باستفادتهم من طاعتنا وتعاوننا. فيصبح العصيان جائزًا بل واجبًا حين يسود الظلم.
فبربّكم ماذا تنتظرون؟!
فلنعد إلى جان جاك روسو، الفيلسوف الفرنسي في كتابه، العقد الإجتماعي، حين بنى وشرح شروط بناء الدولة الفائم على أساس الحماية، يتخلى الفرد عن جزء من حريته، مقابل الحصول على الأمن والحماية، أيّ أمن؟! وأيّ حماية؟! “إن ممارسة السلطة تعتمد على خضوع “المحكوم” وقبوله، وإنّ هذا “المحكوم”، قادر على ضبط سلطة “الحاكم” أو حتى تدميرها من خلال سحب قبوله وتعاونه.”
وفي التاريخ أمثلة متعدّدة تؤكّد حق الشعوب في رفض الطغيان ورفع الظلم عنها: إن الاميركيين المُسْتَعمَرين، في مقاومتهم للإنكليز، تمنّعوا عن رفض الضرائب والديون، كما رفضوا إطاعة القوانين الظالمة. أليست الحرية والعدالة أساس شرعة حقوق الإنسان التي وقعتها أغلب الدول؟!
إن غاندي، أبرز الإستراتجيين في العمل اللاعنفي، إعتبر هذا النضال ضرورة لإعادة التوازن في ميزان القوى كونه يتمتّع بقدرة على تحقيق الحرية والعدالة. فثورة الملح التي كانت مقدمة للعصيان المدني ضد الإمبراطجورية التي لا تغيب عنها الشمس، حيث أدت هذه الثورة إلى سنة كاملة من العصيان أدت إلى زعزعة السلطة البريطانية وفرضت عقد مفاوضات ندّية بين حزب المؤتمر الهندي والسلطة البريطانية.
فبربّكم ماذا تنتظرون؟!
ولندخل أكثر في عمق الموضوع، فهناك منظاران لطبيعة السلطة:
الأوّل: يقول بأن مصير الناس يعتمد على حسن نية الحكومة وقراراتها، وأن سلكتها تنبع من القلّة المتربعة على الحكم، وأنها تستطبع ضمان إستمراريتها، فهي ثابتة ويصعب مراقبتها وبالتالي تدميرها.
الثاني: يقول بأن مصير الحكومات وحتى الأنظمة تعتمد على إرادة الناس وقراراتهم وتأييدهم، وأن السلطة نابعة من أجزاء متعدّدة داخل المجتمع نفسه، وبأنها هشّة، فاستمراريتها وبقاءها مرهونان بعملية تجذرها داخل المجتمع عبر التعاون مع المؤسسات والأفراد، وهو منوط برضى المجتمع نفسه.
فإن كنتم من الفئة الأولى، فالثورة هي القدرة على التغيير، وهذا لا يكون في الأنظمة الديمقراطية التي يجب أن تجهد في سبيل التصحيح والإصلاح. أما وإن كنت من الفئة الثانية، فالعصيان المدني هو الحل الذي يؤكد التغيير من دون عنف.
يتبع…
الأسبوع القادم