
مانويلا
………
(١)
قدرٌ يجتاح أودية الماضي
يخرجك من بين الأغصان
فتشت كثيراً و كثيراً عن بنت
تعشقها الاحزان
بالحزن سيدتي نرقى
بالحزن نبتدأ الآمال
شطحات هي تلك الكلمات
أم هو من وحي بنات الجان
لا ..لا .
.لا ..يمكن أن أعشق فتاة
من وطن الافراح
مانويلا تسكن أوردتي
من قبل ملايين اللحظات
مانويلا تأتي تراودني عن قلم
يكتب سكتات
كم مر بالعمر إناث
كم مرت سيدتي انشودة ..
ما علقت في أذني أو جسدي
إلا من تأتي بالأحزان
مانويلا تأتي تفقدني ذاتي
تتشعب داخل نبضاتي.
لا أذكر أني يوماً طرت كهذا اليوم
لا أذكر أن يوماً قد كنت كتبت
عن بنتٍ فاتنة في الحزن.
إن الفتيات إذا أسقطن زخاتٍ سوداء
تستعر يديَّ كما تستعر الشمس في أيلول..
أصير سرب حمامٍ يحلم بأغصان الزيتون
(٢)
مانويلا فتاة تحتضن الدمية خلف الباب ..
تشكو حالتها للجدران
و للمرآة و لنقر الساعة على الدولاب
مانويلا تخاف بزوغ الشمس
بلوغ السن القانوني لقرع الباب
أن يدخل كوخها فارس يلثم وجهه بالنصر
تخاف مانويلا ذاك القصر
مانويلا تخاف على الليمون ألم العصر
هل يأتي يوماً فيه تكون جارية القصر ..
مانويلا بنت تخشى اللوم و تخشى القهر
مانويلا تكره لو نعتوها بذات الخصر
مانويلا تعشق كل جميل
لكن تكره من ينكر أن لديها فكر..
مانويلا تثمل بلا نبيذ أو كأس يغشاه الخمر
لو جمعوا كل نساء الكون
مانويلا تظل في عيني مليكة هذا العصر
(٣)
من تأتي بالفخار و تصنع أفواه الرُمان
من تبحر أملاً في بحرٍ مملوءٌ بالأحزان
من تضرب أرض الخوف بأرجلِ نيسان
مانويلا جاءت في دنيا تفتقد ضمير الانسان
لتحرر كل بنات الارض من بين براثن سلطان
ذكور الدنيا في كل الارض سلاطين
وديانهم مفروشة بالجواري
بحورهم مراكبها جواري
سمائهم غيومها جواري
من أين سيأتي الذكر إلا من رحم مانويلا
(٤)
مانويلا بأرض العزلة باتت تفترش الطرقات
ناي و قيثارة و معها ملايين الفتيات
تلك التي عقر جسدها الايام
و هذي التي ضَيَعَ قطار الزواج محطتها و العنوان
و تلك التي في بيتها مجرد عدد ليكتمل النقصان
و تلك التي أصابها الجهل بالعطب و أقوال الكُهان
كلهن أحلام معطلة و مؤجلة
و منتحرة على مشانق العار و الذَكَرُ السجن و السجان
( ٥)
مانويلا قومي و انتفضي الآن و ليس الغد
لن يبقى شيئ في الدنيا أخضر
لو باتت أغصانك تزهر زهر أسود
تسكنها غربان الشك و عقبان الآهات
أين الوردات البيضاء
أين الأنغام المائية الزرقاء
مانويلا أنت الدنيا فكوني
سيدتي الحمقاء
فالدنيا تحتاج الحمق كما تحتاج الحملان
ثوري و انتفضي من موتك
فالدنيا نحياها كالأشجار
في العمق نضرب فيها جذور
و نرفرف نقطف أحلام الأمطار
مانويلا جاءت تبلعني حبراً
تقذفني داخل أعصار ..
أحمد الأكشر