أدب و ثقافةروايات و قصص

لوز و حب

أسامة سعد الدين

مقهى شهير في منتصف المدينة..
مكاني المفضل لثلاث سنين متتالية.. حتى اصبح مدير المقهى احرص علي افراغ الطاولة قبل الخامسة ..ميعادي المقدس.

امامي بطاولة ..زبون اخر ..ائتلف المكان منذ ستة اشهر..
رجل في مشارف عقده الرابع.. بملامح تشبه رجال السينما الأمريكية في عشرينات القرن الماضي والحرب العالمية الثانية ..بشعر ناعم واكتاف عريضة ..نظارة بنصف إطار اسود.. عينه الزرقاء اللامعه واناقته الراقية..تدلان علي علو قدره وذكائه المتقد.
تعارفنا مسبقا.. يعمل مستشارا هندسياً في احدى الشركات العالمية .. والتي بدورها تقيم مشروعاً تجارياً ضخماً بهذا الحي الراقي .. نراه من طاولتينا انا وهو.
اما هو ..فعينه اغلب الأحيان ترقب موقع العمل .. يصدر الأوامر .. ويتحرك ليباشر بعض الاعمال ثم يعود.
ومع الوقت .. وتكرار جلوسنا في نفس الأماكن .. ادركت انه يتابع احداً ما ..بذات الموقع.
في هذا النهار تخلي عن تركيزه المعهود في المتابعة..حين رأى شخصا ما قادم من الموقع في زهوٍ بسيط.. راقب القادم ثم جلس وتبسم.
دخلت علينا ببهائها.. فتاة في نهايات عقدها الثاني ..ببشرةٍ ببياض اللوز وشعر بني كقشرته..و كل منهم يجمعهم التجعيد واللذة.
عين صُبّت من البراءة وقسمات لو اقسمت علي بلاد ..لفتحتها بالمودة.
جلست امامه وقد ازالت قبعة العمل. طلب لها كيك الشوكولا ومياه غازية .. ضحكت وقالت كيف تعرف طلبي؟..فتبسم

شكرته بشده..ثم سألها عن سير العمل .. بدات بالشكوي من تعنت العمال و رداءة بعض الفنيات في الاعمال
ثم همت ان تلملم خصلاتها لاعلي بكلتا يديها ..واضعة مشبكاً انيقاً في فمها دون ان توقف حديثها..
-تباً كيف يفعلون ذلك !! –
وهو منغمس معها..لا ادري إن غرق في التفاصيل ..او في بحرها هي.
مرت برهة من صمت ..ثم قالت .وقد توترت:
بخصوص رسالة الامس ..لم تكن بالخطأ.
وأرجو الا تقاطعني كي لا انهار..
هل انا معجبة بك ..لا….أحبك ..نعم
اتابع تفاصيل حياتك منذ اربعة اعوام ..منذ تلك المحاضرة اللعينة في العمارة..التي لم افهم منك بها اي شيء..ربما لاني كنت اكثر فتنة بك يومها من ان استوعب اي شيء
و اخرجت دفترا من حقيبتها ..به قصاصات ورق ..صور له في اماكن قد قطعتها مع كتابات حولها..
قالت : انت تعيش وحيدا في حياة بائسة .ولم تتزوج او تخطب امرأة..وانا احبك اكثر من ذاتي.. ولم تتمالك قواها..فاذرفت عينها..
قالت وعينها تنهمر : .. قل لي اني لست جميلة بما يكفي ، او انك تحب امرأة اخرى..قل لي اني لست مثقفة او لطيفة كما ينبغي..
قال وهو يجمع رباطة جأشه : ..لا احب اخرى ..ثم سكت
قالت : اتحبني ؟ ..سكت
سكت..حتى ان عينها الباكية إن كان لها عين..لبكت
امسك بيدها..فابتعدت …فقبل رأسها..فتمسكت
قال انتي لاتحبينني ..هذا حبيبتي ..محض هوس..
وانا قطعة بالية من البشر..دهسه الزمان حتي هُرِس ..
ومحيط عينه الواسع اطبق علي فمها المتلعثم … حتى خَرِس
احتضنته بشدة.. كأنه اكسير حياة لقلب مات..
قالت لما لااااا ..لما تصر علي الابتعاد وانت تعلم انك لن تسعد الا معي !..تضع سيفاً في صدري… هاتفاً ..توجّعي !!
..سكت …
ادركت انه لن يتغير ..فأطرقت.
..مسحت دمعها الغالي..ثم رحلت دونما همس كلمة..

مرت ساعة منذ رحلت.. وهو صامت .. عينه في النافذة خلف سرابها.
جاءت عيني بعينه ..ادرك اني اتابع الموقف منذ بدأ رغما عني..
اخرج قلمه الفضي ..كتب علي ورقه امامه..ثم نادى للنادل مشيرا اليّ
جاء الي النادل بالورقة كتب بها :
” ان كنت تحب الفاكهة وانت جائع ..وفقدت اسنانك في حادث..
ثم عرضت عليك افضل الثمار ..هل ستاخذها ؟
ام تعتذر ؟
ام تطلب منهم عصرها؟
ثم قل لي كيف تحب فنجان هذا الاسبريسو !!”

تمت
#ابن_سعدالدين

اظهر المزيد

نهاد كراره

نهاد كراره محاسبة وكاتبة مصرية صدر لها كتب مشتركة مثل بوح الصحبة و قطرات مطر وكتب فردية نيسان الوجع مدن الفراشات الدمشوري وآخر حدود الحلم نشرة العديد من المقالات علي المواقع الالكترونية المختلفة كموقع قل مقالات اجتماعية وبعض القصائد العمودية والعامية علي المواقع الأخرى صدر لها عدد من القصص في جرائد مختلفة منها صوت الشعب و جريدة القصة وغيرها عضو مجلس إدارة لموقع الصحبة نيوز مدير تنفيذي لدار الصحبة الثقافية للنشررالإلكتروني
شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى