
أحمد الأكشر
-١-
لأني أحبكِ
صار الكلام على شفتيَّ
ترانيم راهبٍ يتمتم عشقاً
بمنتصف الطريق.
كقشة نجاة تمسك كف حبيب غريق..
كقبلةِ توقٍ تشعل خدكِ بألفِ حريق
-٢-
لأني أحبكِ
صرت أصادر صوت الطيور
إذا ما تَغنَت بعيداً عن حقولي
و صادرت أيضاً نجم السماء
إذا لم يسكن فوق جبيني
و صرت أغني فوق الربا
و أبحرتُ بعيداً ببحرِ جنوني
-٣-
لأني أحبكِ
دخلت قصور الناي القديم
ألملم منه دبيب خطاكِ .
أجمع منه صدى خلخالك
و خربشة ظفرك فوق المرايا
دخلت ابعثر صوت الغصون
و أنقش صوتك فوق الجدار.
-٤-
لأني أحبكِ
تعودتُ أمشي فوقَ السحاب
و انحت لأجلك جبال الصعاب
نثرتُ بوادي العشق كلامي
لينضج الوله برحم الأماني
ليثمر شعباً من الياسمين
يهلل فرحاً مع العاشقين
-٥-
لأني أحبكِ
أضفت إلى دستور العشق بنداً جديد
أن يبقى النبض بكل وريدٍ طفلاً وليد
و لمسة يدكِ لخد الزنابق تصبح عيد
أمرت العنادل بجوف الليالي بصمتٍ طويل
إذا ما هَمستِ لكأس اللهفة هل من مزيد .
-٦-
لأني أحبكِ
جعلت النشيد بكل المدارس
رنين أسوارك حين تطيري بسرب النوارس
جعلت ثيابك بساتين جوري
و أغصان الكاكاو فيلق فوارس
يقف ببابك يقظٌ و حارس
-٧-
لأني أحبكِ
بدأت التقويم بنقش يديكِ فوق المياه
شطبت من القمح ذاكرة السنابل
و تقبيل نيسان لزهر المشاتل
ليصبح كل التأريخ بعد وجودك
ليصبح نقشاً بعيون الأيائل
-٨-
لأني أحبكِ
ارَتحلتُ داخل حكايا الصغار
و أفواه الأميرات بشط النهار
و طفت ألملم محار البحار
أجمع لآلئ سحر الغرام
أطوق خصرك بطوقِ انبهار.
-٩-
لأني أحبكِ.
أتقنت لغة المزامير و لحن النعام
لأكتب شعراً بلا أصواتٍ بلا كلمات
لأسمع طرباً يعودُ إليَّ إذا قبلتُكِ بلا قُبلات
انشئ وطناً يحنُ إليكِ إذا غابت شمسكِ عن الطرقات
-١٠-
لأني أحُبكِ
اعتنقت مذهب دراويش التصوفِ
اقيم الليالي بمحراب عينكِ
ارتل عشقي بكل تطرف
ارتل حبي و لا أتوقف
تصير التراتيل جسد التحضر
-١١-
لأني أحبكِ.
صار الربيع بكل الربوع أربع فصول
و فصل الشتاء نعومةُ كفكِ حين السلام
و صار الشمال فوق جبينكِ
و كل الشرق عند عيونكِ
و أصبح غرب الكون بنحركِ حين يحط عليه الحمام
-١٢-
لأني أحبكِ
صار الوقت يمر سريعاً
صار الليل يمشط شعره بخطوط يدكِ
و يسقط نجمه يقبل يدكِ و ينساب عشقاً
على شفتيكِ
صار الوقت يقتل أكثر و يجرح أعمق
إذا ما ثملت بشهقةِ فمُكِ
-١٣-
لأني أحبك
هجرتُ المليحة و الهيفاء و ذات الشامة
فوق الشفة و تلك العتيقة مثل الفرات.
كفرتُ بكل إناث الدنيا
لأعلن ايماني بحبكِ وحدكِ
لأصرخ فوق رؤوس الجبال
أني أحبك
لأني أحبك ..
صرت أحطم صروح المحال
-١٤-
لأني أحبكِ
كتبت القصيدة بطول جدائل كل النساء
كتبت القصيدة تلك المثيرة
و تلك العنيدة مثل المسافة بيني و بينكِ
و بين الحقيقة و وهج الخيال
كتبتك اسماً يكره دوماً ياء النداء
رسمتكِ بحراً بلا شطآن
يضم المكان بحضن الأمان.
-١٥-
لأني أحبكِ
أحبكِ…أحبكِ
كنتُ الغريب عن المألوف …
أشهقُ حُباً بصوتِ الباء تجر الحاء لتلمس قرطك
لتسمع روحكِ شهد الحروف .
لأني أحبكِ
صرت الوحيد الفريد لديكِ
نهرُ المحبةُ بين يديكِ و ضوء الشموع
ضجيج يشاكس عبثَ السكون
-١٦-
لأني أحبك
كثيراً و جداً
ببعض الجنون و نبض الزنابق
حرقتُ الظنون بحمق الصواعق
و قلتُ كلاماً يثور انفجاراً
و قلتُ كلاماً يلف الدنيا ..غرباً و شرقاً
و يأتي ليلاً يبيت بحضنك
و يبحر صبحاً فوق الزوارق
لأني أحبكِ
كثيراً و جداً
أحبكِ حتى تغيب الظنون
و يشرق وجهك بكل المشارق
أحمد الأكشر