أدب و ثقافةروايات و قصص

قصة في كراسة الجزء الأول

إلهام مسلم

قصة فى كراسة

ابلة سامية مدرسة لغة انجليزية ،مجتهدة تعطي عملها وبيتها،كل اهتمامها، انتقلت مع زوجها لمحافظة اخرى، وبالتالي انتقلت إلى العمل بمدرسة أخرى ، وفى أول يوم لها بالعمل، أصيبت بالدهشه! فقد كانت المدرسه عباره عن قصرمن القصور القديمه التى كان يسكنها البشاوات فى زمن الملكية ،
انبهرت ابلة سامية بفن العمارة ، وجمال القصر ،الذي لم يكن به جدار الا وزين بنقوش زخرفية رائعة، وما زاد انبهارها هو المحافظة على جمال القصر وعدم إهماله ، بنظرها يعتبر تحفه معماريه اثريه، بدأت اول يوم دراسى لها بالمدرسه ، وعيناها تجول فى ردهات القصر الذى أصبح عباره عن فصول وتخت،
مرت ايام وهى تحاول أن تثبت وجودها وانشتطتها التربويه فى المدرسه حتى نالت استحسان الجميع ،من المديره وهيئة التدريس ، وفى أحد الأيام بينما كانت تهم بالدخول من بوابة المدرسه،؛ استوقفها رجل كبير بالسن يحمل وردة بيضاء ،ومد يده بالوردة لها وهو يبتسم ويقول لها : اعطيها لزهره ، ثم انصرف لحال سبيله دون أن يلتفت لها ، تعجبت ابله ساميه وتسألت : لم يعطينى هذا الرجل الورده لاعطيها لزهره ؟
ثم من هى زهره !!
لم تطيل التفكير ، وولجت من البوابه ثم ذهبت الى غرفة المدرسين لتبدأ اليوم الدراسى ، فأتى لها الساعى بكوب من الشاى فشكرته وبادرته بالسؤال عن هل يوجد طالبه أو مدرسه فى المدرسه تدعى زهره ، ففكر الساعى قليلا ثم قال لها
: ربما تكون تلميذه جديده او مدرسه فأنا أعرف كل من بالمدرسه ، فكما ترين استاذه انا قديم هنا من زمن واعرف كل من بالمدرسه ، ولكن لم يرد هذا الاسم على من قبل ،
قالت : وكيف لك أن تعرف اسماء الطالبات ؟ المدرسه كبيره وبها كل المراحل التعليميه من ابتدائي الى ثانوى؟
ضحك الساعى وقال : من نتيجة اخر العام الدراسى فإدارة المدرسه تعطينى الجداول التى بها اسماء الطلبه الناجحين ، والراسبين ايضا ،واولياء الأمور يعطونى ما يجودوا به عندما ابشرهم بنجاح ابنتهم ، ابتسمت ابله ساميه وصرفته ،
ولكن المشهد تكرر فى اليوم التالى ، كما لو أن الرجل ينتظرها بالورده البيضاء ليعطيها لها لتصلها بدورها إلى زهره،
أصبح للورده البيضاء وجود فى حياة ابله ساميه ، إذ أنها اعتادت على أخذ الورده من الرجل كل يوم ، وتضعها على مكتبها حتى ينتهى اليوم الدراسى ، مع انها سألت الطالبات والمدرسين ، ولكن لم تعثر على المدعوه زهره .
وفى الصباح كانت عقدت العزم أن تسأل الرجل عن زهره هذه ، ولماذا يعطيها هى بالذات الورده دون غيرها ،
وصلت ابله ساميه لبوابة المدرسه تبحث بعيناها عن الرجل ، حتى وجدته يسير ببطء ويمسك بيده وردته البيضاء النديه ،
فأبتسمت لاول مره له ومدت يدها لتأخذها منه وهى تقول بسرعه قبل أن ينصرف : انا بحثت عن زهره ولم اجدها بالمدرسه ولم اعثر على أى أثر لها ، يجوز أخطأت بالمدرسه؟
ابتسم الرجل : كيف اخطئ ! وانا اعلم انك الوحيده التى تعرف زهره ،واعلم انك من ستعطيها الورده ، قال هذا وانصرف وتركها فى حيره ، تتبعته بنظرها وهو يسير ببطئ ، حتى انتبهت على يد صديقتها المدرسه اشجان وهى تلقى تحية الصباح عليها : ما بك يا ساميه تقفي شارده متتبعه هذا العجوز بنظرك ،هل هذا والدك ؟
: كلا ولكن هذا الرجل غريب جدا كل يوم يعطينى ورده بيضاء و… لم تدعها اشجان تكمل كلامها إذ قالت : دعك منه يبدو أنه معجب بك ، وضحكت وقالت : هلم بنا الحصه الاولى على وشك أن تبدأ. برغم مشقة اليوم الدراسى إلا ان فكر ابله ساميه ظل مشغول بكلام الرجل ، وكان من قوانين المدرسه أن لا ينصرف اى احد من هيئة التدريس ،الا بعد أن تنصرف آخر طالبه من المدرسه ، ومن عادة ابله ساميه أن تنهى عملها المكتبى بعد آخر حصه ، وبينما هى تنهى عملها لم تنتبه للوقت حتى أتت لها مشرفة المدرسه تنبها أنهم سيغلقون الفصول ، وان كل المدرسين انصرفوا ، لم يعد بالمدرسه غيرها ، قالت : معذره لم انتبه للوقت ،لا تقلقى سألملم اغراضى واغلق انا الغرفه ، اذهبى اكملى عملك وانا سأنصرف ، انصرفت المشرفه ، وجمعت ابله ساميه دفاترها وهمت بالانصراف ، وبعد أن أغلقت باب الغرفه ، سمعت دقات على الباب ، فاصغت السمع ربما هيئ لها ولكن سمعت الدقات مره اخرى ، فنادت على المشرفه لربما أغلقت أحد الفصول ولم تنتبه أن بداخله إحدى الطالبات ، لكن لم تأتى لها المشرفه ،فقررت تبحث بنفسها عن مصدر هذه الدقات ، فمشت تدق على كل باب من أبواب الفصول فبالتأكيد أن كان. يوجد احد بالداخل سيرد عليها ، وبينما هى تدق على الابواب ،شعرت برهبه من المكان ، فهو يختلف عندما يصبح فارغا من الطلبه ، وشعرت أنه لا يوجد احد غيرها فى المدرسه كلها ، ابتلعت لعابها وهى تنادى على المشرفه ،ولكن لا تجد رد سوى صدى صوتها الذى ارعبها : اين ذهبت هذه المشرفه ؟ ترى هل انصرفت ؟ إذا انصرف انا ايضا فالمكان أصبح مرعب مع هذه النقوش على الجدران ثم انى اخاف من القصور القديمه الخاليه ، كما تقول جدتى لى زمان ،كم تخفى جدران القصور من اسرار وخفايا ولربما يسكنها الاشباح بعد ذهاب أصحابها ، ارتجفت ابله ساميه من فكرة الاشباح وقالت فى نفسها : ما هذا الذى اهذى به ، انا ارعب نفسى بأفكار غريبه ، سأنصرف قبل أن يغلق الحارس البوابه الكبيره وينصرف، وبرغم انها تطمئن نفسها ، الا انها سلكت ردهه مختلفه فوجدت نفسها فى مكان آخر من القصر لم تراه من قبل ، وشعرت انها أضاعت طريقها لخارج القصر أو المدرسه ، ولكن هذا المكان بالقصر لم يتم تهيئة غرفه لتكون فصول ، غريب هذا ! والأغرب أن الغرف ما تزال بمفروشتها الاصليه ، اى اثاث قديم من نفس حقبة القصر ، تلفتت حولها كيف تخرج من هذا المكان ، نادت اكثر من مره على المشرفه ،دون جدوى ، حاولت الاتصال بهاتفها النقال ، ولكن لم تجد له اى اشاره ، أصابها الخوف ،خاصة بعد أن سمعت الطرقات مره اخرى ، ولكن هذه المره كان صوت بكاء فتاه ايضا مع الطرقات ،فتاه تستغيث كما لو أنها حبست فى مكان ما بالقرب منها ، فقالت : اين انت لا استطيع العثور على مكانك ؟
فأتاها صوت الفتاه الباكى : انا هنا اغيثينى ارجوك ، لا استطيع الخروج ، قالت : تكلمى لا تصمتى حتى اتتبع صوتك واصل اليك ، ولكن قالت الفتاه بوهن : انا هنا تعالى بسرعه ارجوك اكاد أن اموت ، وبدأ الصوت يختفى وتلاشت الدقات مما أثار هلع ابله ساميه وهى تحاول أن تحادثها ،دون جدوى وهى فى نفس الوقت تسرع من مكان لآخر لعلها تجدها ولكن فجأه وجدت نفسها أمام مصعد اثرى له مقبض ذهبى مغطى بالاتربه وعليه آثار أصابع لربما كانت للفتاه ، وولجت داخل المصعد وحبست فيه ، هكذا كان تحليل ابله ساميه ، فحاولت فتح باب المصعد ولكنه يبدوا أنه مغلق بإحكام ،فدقت على بابه ربما الفتاه بداخله؛ ولكن ما من مجيب ، لم تطل بها الحيره ،بل انتفضت من مكانها ،لان المصعد العتيق بدأ بالصعود لاعلى ،محدث صرير يصم الاذان ، وشعرت بيد تربت على كتفها ،فالتفتت بفزع
بينما كانت تحاول ابله ساميه انقاذ الفتاه الحبيسه ، ومع زيادة خوفها ،وتسارع نبضات قلبها،شعرت بيد تربت على كتفها ،اثناء ما كان صرير المصعد يصم الاذان ، التفتت خلفها ،برعب ،فوجدت رجل هرم يجلس على مقعد للمعاقين ، مصنوع من الخشب ، اى صناعه قديمه جدا، ويحمل بيده عصا غليظه وقبل أن ينهال على رأسها ،بالعصا ،فقدت وعيها ؛ من شدة الخوف، لم تسترد وعيها الا على قطرات ماء تنثر على وجهها، فتحت عيناها ، ولم تسترد توازنها بعد ، فترأى لها وجوه كثيره تنظر لها،وهى مسجية على الارض،حاولت أن تبتعد بخوف ،ولكن سمعت صوت المشرفه ، تقول : اهدئى استاذه ساميه ، ما الذى حدث لك ؟ فأطمأنت لصوت المشرفه وبدأت تستجمع توازنها ، فما كانت كل الوجوه سوى وجه المشرفه والساعى ، فقالت : ما الذى حدث لى واين انا ؟
المشرفه : يبدوا انك سقطت على الأرض وارتطمت رأسك ، وفقدت وعيك ، وكنت اظن انك ذهبت الى منزلك ، ولكن بعد ساعتين من الزمن وقبل أن أخرج من المدرسه ، سمعت رنين هاتف مكتب المديرة ، فوجدته زوجك يسأل عنك ولم تأخرت كل هذا الوقت ،وكان يحاول الاتصال بك ،ولكن هاتفك كان مغلق، فقلق عليك ، فعدت الى الغرفه ربما تكونى بها ، فوجدتك ممدده على الأرض ، ودفاترك منثوره حولك ، وفاقدة الوعى ، فأتى الساعى بالماء ، فى محاولة افاقتك،
والان ،بماذا تشعرين؟ هل أنت بخير ؟
ابله ساميه: بخير الحمد لله، ولكن اشعر بقليل من الدوار،
ساعدينى على النهوض ، ولكن قلتى انك وجدتينى هنا؟
المشرفه : بلى وجدتك هنا ، لماذا ؟
ابله ساميه : لا شئ ،لا شئ ،يبدوا انى تعثرت أو ما شابه ، ولكنى متأكده انى كنت فى مكان آخر ،غير هذا !
لا تدرى لماذ لم تصرح للمشرفه عما حدث لها ،
المشرفه : اى مكان تقصدين استاذه ؟
ابله ساميه. : كأن كنت بمكان فى القصر ، يختلف عن هنا ،غرفه لم تتحول لفصول دراسيه ،بل غرف قصر مفروشه بالاثاث الفخم ، عجيب هذا ! ابتسمت المشرفه برغم قسوة ملامحها وقالت : لا عليك استاذه ، عندما يصبح الإنسان فى حالة اللاوعى يهيئ له عقله الباطن أحداث غير حقيقيه ، هلاوس أو ما شابه ،اعتقد انك الان تستطيع النهوض ، وسيساعدك الساعى ، ليصلك لسيارة زوجك فهو بالخارج ينتظر بقلق ، والافضل أن تهاتفيه حتى يطمئن ،
ابله ساميه. : الهاتف ؟ صحيح اين هاتفى؟
المشرفه : ربما بحقيبتك ، لم نلمس شئ سوى دفاترك التى جمعها الساعى من ،على الأرض ولم يكن الهاتف معهم،
فتشت ابله ساميه حقيبتها ولم تجده ، وقد أوشكت أن تصدق أن ما حدث لها مجرد هلاوس من السقطه ولكن عدم وجود الهاتف وايضا عند نهوضها ، من على الارض ،لمحت اثار اطارين على الأرض بالقرب منها ،والغريب أن الآثار اختفت بعد أقل من مترين ، فتأكدت انها لم تكن ،تهلوس ، حمل الساعى اغراضها ، وهى تسير بجواره ، وقالت له : يبدوا أن هذه المدرسه لها تاريخ طويل، فتبسم الساعى وقال : بالتأكيد استاذتنا ، فهى من القصور العريقه ،ولكن لابد أن تنتبهى أثناء سيرك ، فالارض قديمه جدا ، ولهذا تعثرت ،
قالت : الأرض قديمه جدا هى ما جعلتنى اتعثر ؛ ام يوجد شئ اخر ، وانت تخفيه عنى ؟
تعلثم الساعى : أخفى ماذا يا استاذه ! انها الان مدرسه وليست قصر ، نزلا درجات السلالم المؤديه للبوابه الكبيره ،بينما زوجها ينتظرها ، والذى انفرجت اساريره عندما رآها ، وقبل أن تقترب من السياره قالت للساعى وهى تمد يدها بمبلغ مالى بسيط ، خذ هذا لك ، فأبتسم بسعاده وهو يأخذ منها المال ،فباغتته بقولها : والمره القادمه اصدقنى القول . فبهت الساعى وقال : استاذه هل تتهمينى بسرقة هاتفك ؟ قالت : اقول لك اصدقنى القول بالنسبه لهذه المدرسه ، لدى احساس انك تعرف اكثر مما تقول ، أما عن هاتفى فانا اعلم انك ، إن وجدته ستحضره لى ، وقبل أن تجلس على مقعد السياره بجوار زوجها والساعى يستعد لغلق باب السياره ، قالت : فى الغد أن شاءالله نكمل حديثنا،
نظر لها زوجها بفضول وقلق : ما الذى حدث لك ؟ لم تغلقى هاتفك ، لقد قلقت جدا عليك عندما تأخرت ، ما الذى حدث ؟؟
قالت : اهدئ مجرد حادث انزلاق وفقدت الوعى ، وحمد الله انك اتصلت بهاتف المديره ، وإلا كنت قضيت ليلتى فى هذه المدرسه دون أن يشعر أحد بوجودى ، قال : ساخذك لطبيب ربما تكون تأذيت من السقطه ، قالت : لا انا بخير الان ،لنعد الى المنزل ، قال : اذا غدا تحادثى المديره انك لن تذهبى الى المدرسه ، حتى تكونى بخير ، قالت : انا بالفعل بخير عزيزى لا تقلق ، ولكنى فقدت هاتفى ، واتمنى أن من يجده يرده لى ،
استمرت ابله ساميه طوال طريق العوده ،وهى تستجمع الأحداث التى جرت معها وهى تفكر ،اولا كيف وصلت لهذا المكان بالقصر ، وثانيا هل الفتاه الحبيسه هذه هى زهره ام تكون هذه روحها بعد أن قتلت فى هذا المكان ، قالت : ما هذا الذى أقوله ، يبدوا انى فعلا لست على ما يرام ، ولكن من هذا الرجل المقعد ومن أين أتى ؟؟؟ وضعت يدها على رأسها تحاول أن ترتب أفكارها ولكن الصداع لم يدع لها فرصه ، وانتبهت على صوت زوجها يقول : اعتقد انك تعانى من السقطه لنذهب نبتاع طعام جاهز ونعود للمنزل ، والأمر لله.
فى الصباح استعدت ابله ساميه الذهاب للمدرسه برغم أن زوجها نصحها أن تظل بالبيت تستريح ،ولكنها رفضت ، وعند بوابة المدرسه تلفتت تبحث عن صاحب الورده البيضاء ، ولكن لم تجده ، غريب هذا الرجل لم يفوت يوم دون أن يعطيها الورده ، انتظرت قليلا قبل أن تدخل المدرسه ،لعله يأتى الان ، ولكن حارس البوابه قال لها : اقترب موعد الحصه الاولى يا استاذه ، سنغلق البوابه ، فاسرعت بالدخول ، وبدأت اول حصه ، وعقلها مشغول بمائة سؤال ، لم تهتم بصاحب الورده قدر اهتمامها لمعرفة الطريق الذى سلكته بالامس ، ترى هل ستعثر على هاتفها ؟ حانت لحظة الاستراحه بين الفصول ، وانطلقت الطالبات يتسابقون للذهاب لحوش المدرسه ، كانت فرصه لابله ساميه أن تنطلق فى دهاليز الفصول لعلها تعثر على اى شئ يدلها عن المكان الذى كانت فيه بالامس ، ولكن لم تجد سوى حائط فقط ولا شئ يدل على وجود غرف أخرى بالقصر غير الغرف الدراسيه ، انتبهت على صوت الساعى وهو يقول : هل تبحثين عن هاتفك استاذه ، قالت : وهل وجدته ؟ قال : لا لم ابحث عنه ، ولكن لم تقفين هنا بجوار الحائط هذا آخر الفصول ، ثم أن حضرتك سقطت فى الناحيه الاخرى بعيدا عن هنا!!
فقالت بتهكم : الم تسمع عن الجدران المتحركه والأبواب الخفيه بالقصور القديمه ، ضحك الساعى وقال: حضرتك يا استاذه ، متأثره بافلام اسماعيل ياسين ، واكمل هذا القصر ليس به سوى الفصول التى رأيتها ، ولو خرجت ونظرت خلف القصر لن تجدى سوى اسطبل للخيل تم تحويله لفصول أخرى ،كالمعمل واخر للموسيقى وفصول لباقى الانشطه المدرسيه ، هنا سمعت صوت صديقتها اشجان تنادى عليها ، وعندما اقتربت منها ، شاهدت ابله ساميه فى يدها ورده بيضاء ، وهى تقول : اين انت يا ساميه حضرت اليوم متأخره ، فوجدت ، صاحب الورده البيضاء ،هذا الرجل المعجب بك ، يطلب منى ايصال الورده لك ، وايضا أن أقول لك ،هذه المره الورده لك لأنك اقتربت كثيرا ، ثم انصرف ،هل فهمت شئ ؟ اخذت منها الورده ولم تقل شئ ، تعجبت اشجان من تصرفها ،وقالت : اذا أن أعطيك الشئ الاخر ، فاليوم أصبحت انا المرسال الخاص بك ، نظرت لها ابله ساميه وقالت وهل لديك شئ اخر لى ؟ قالت : لن اعطيه لك حتى تصارحينى بما بك ، فأنت اليوم لست على ما يرام،
: كيف هذا انا بخير ، ماذا لديك لى ، قالتها بنفاذ صبر،
: قالت وهى تمد يدها بهاتف ابله ساميه : هذا يخصك ؟
اختطفت ابله ساميه الهاتف من يدها وهى تقول : اين وجدتيه؟ لقد فقدته بالامس فى المدرسه،
قالت : انا لم أجده ، ثم انك تقولين فقدتيه بالمدرسه ! كيف هذا !! بعد أن اعطانى الرجل الورده ، ولجت من بوابة المدرسه مسرعه لانى تأخرت ، فأذا بى اجد فتاه جذبتنى من ملابسى واعطتنى الهاتف وقالت لى : من فضلك اعطيه للاستاذه ساميه لقد سقط منها أمس بالقرب من البوابه ولم استطيع اللحاق بها ، قالت ابله ساميه : من هذه الفتاه ؟ هل هى طالبه هنا ؟ كبيره ام صغيره ،اقصد فى ابتدائى ام اكبر ،
اشجان : مهلا مهلا ما بك حبيبتى ، انها فتاه اعتقد فى سن الثانية عشر أو أكثر ،ولكن لا اعتقد انها طالبه هنا ، لأنها لا ترتدى الزى المدرسى الخاص بمدرستنا بل زى مختلف وان كان يبدوا موديل قديم ، لا ادرى سوى انها فتاه جميله جدااا
واسمها زهره ، اسم على مسمى حقيقى ،
امتقع وجه ابله ساميه عندما سمعت الاسم وقالت : خذينى لها ، الرجل محق لقد اقتربت منها ،لم تفهم اشجان. منها شئ ، ولكن قالت : الى اين يا ساميه الفتاه اعطتنى الهاتف وانصرفت، اسمعى بعد انتهاء اليوم الدراسى لى كلام كثير معك ، فأنت ورائك شئ اريد ان أفهمه وربما استطعت مساعدتك ، قالت : اتمنى انك تستطيعى مساعدتى ،
بعد انتهاء اليوم الدراسي، اجتمعت ابله ساميه مع اشجان بمفردهم فى غرفة المدرسين ، وبعد أن تأكدت ابله ساميه من خلو الدور من اى شخص سوى هى واشجان ، جلست على المقعد بجوارها وقالت : سأحكى لك ما حدث لى هنا بالامس شرط انك تقسمى لى انك لن تشى بسرى لأحد ،
وبعد أن انتهت من سرد الأحداث ، ابتسمت اشجان ، فتعجبت ابله ساميه من سر هذه الابتسامه ، فقالت اشجان : لا تتعجبى من ابتسامتى ، فانا من اهل هذه البلده وشبيت فيها على اساطير تحاك حول هذا القصر قبل أن يصبح مدرسه ،ومنها انى كنت اسمع أن للقصر جدران مزدوجه ، تجعل من يدخل فيها ينتقل لمكان آخر ، قالت : كيف هذا ثم انى. لم ادخل بين جدارين ، اوضحى كلامك ، قالت : هذا يا ساميه ما سمعته ولكن اصدقك القول أنهم يقولون إن شبح زوجة صاحب القصر تظهر من وقت لآخر لمن يكون بمفرده فى القصر ، وابتسمت اشجان واكملت ، الغريب أنهم يقولوا أن زوجة صاحب القصر قد قتلها زوجها ودفن جثمانها اسفل بئر المصعد كيف هذا وصاحب القصر كان رجل قعيد لا يتحرك الا بمقعد للمعاقين ، واكملت ابتسامتها وهى تقول : هل تصدقى أن هنا فى هذا القصر يوجد مصعد ، نظرت لها ابله ساميه نظره ثاقبه وقالت : بلى اصدق بل ورأيته ايضا ، هنا نظرت اشجان لها بخوف وقالت بصوت مرتجف : ساميه حبيبتى هل انت تهذى ام تقولى الصدق قالت : الم أقل لك منذ قليل انى وجدت المصعد وأنه تحرك واخر شئ رؤيتى للرجل المعاق ولم أدرى بنفسى بعدها ، قالت اشجان : سامحينى اعتقدت أنك تحاولى اخافتى فقط ولكن بما انك شاهدت المصعد والرجل والمكان الذى وصفتيه لابد أن اقابلك بالسيده جميله ،
قالت : من هذه السيده يا شجان ؟ ولم تريدين منى أن اقابلها؟
نظرت ابله ساميه لاشجان متسأله: من هى جميله التى تريدين منى أن ألقاها!! ولماذا؟
اشجان : لا تتعجلى ياساميه ، الان لابد أن ننصرف، وإلا سنجد المشرفه فوق رأسنا الان ،وانت تعلمين كم هى صارمه فى تنفيذ آوامر المديره ، وزيدى على هذا ،جاسوستها الخاصه، عقدت ابله ساميه حاجبيها بعدم الفهم ، ولكن اشجان أسرعت بجمع دفاتر الطلبه وهى تقول : لا مشكله ،سأقوم بتصحيحهم فى المنزل ، ولكن دونى لى رقم هاتفك ،وانا سأشرح لك كل شئ، كادت ابله ساميه تنتهى من تدوين رقمها لاشجان ، حتى حضرت المشرفه بملامحها القاسيه ، ونظرة الارتياب بعينيها ،وهى تقول : امازلتما تباشرن اعمالكن المكتبيه ، لكما اكثر من ساعه ، واريد أن اذهب، قالت اشجان : انتهينا لا تقلقى سنذهب فورا ، وهى تنظر لابله ساميه ، بمعنى ،الم اخبرك ،
خرجت هى واشجان والفضول يكاد يقتلها ،لمعرفة ماذا تخبئ اشجان فى جعبتها ، وخوفها أن تورط نفسها فى شئ هى فى ،غنى عنه ، وبالاخص انها تعرف اشجان معرفه سطحيه ،
ولكن قالت : لن يضر أن حادثتها بالهاتف ،انصرف كلا فى حال سبيله ،على وعد بالمحادثه الهاتفيه،
وفى المساء تسآئل زوجها عن سبب قلقها ، وكل لحظه وأخرى تنظر فى شاشة الهاتف ، قالت : انتظر مكالمه من صديقتى ولكن تأخرت بالاتصال ، لا ادرى لم تأخرت كل هذا الوقت،
زوجها : دعك من هذا التوتر ، واتصلى بها انت ،او قد تكون منشغله بأمور بيتها ، دعك منها ، واجلسى لنشاهد هذا الفيلم سويا ، جلست مستسلمه تتابع أحداث فيلم قديم ممل لاسماعيل ياسين ، ولكن فجأه هبت من مكانها ،وقالت ، هذا هو ما حدث ، لدرجة أنها افزعت زوجها ، فقال : ما بك ساميتى هل اصابك مس ؟ فقالت : كيف لم انتبه كل هذا الوقت ، لقد كنت ضحية خدعه ، انتبه زوجها : خدعه اى خدعه تتحدثين عنها ، قالت له: ساقص عليك ما حدث معى ، وبعد أن انتهت قال : اذا انت لم تزل قدمك ، فلماذا كذبت ولم تصارحينى بالحقيقه ؟ امالت رأسها نحو الأرض وقالت بخجل : اعتذر يا عزيزى فقد كنت متقمصة شخصية شارلوك هولمز واتضح انى كنت غبيه ، فقال : لا لن تذهبى لهذه المدرسه ، فإن ما حدث لك هناك ، يخفى شئ اخطر من انها خدعه ، فقالت : انا أرجح انها خدعه ، عندما شاهدت الفيلم القديم وكيفية استخدام خدع بسيطه لاخافة الممثلين بالفيلم ، فطرأ لى ونحن فى العصر الحديث الان التقنيات أصبحت عاليه ، والخدع تكاد تكون حقيقيه، وربما الاصوات التى سمعتها تكون تسجيل وسماعات عالية التقنيه ، ثم لا تقلق ، سأتجنب التواجد بمفردى فى المدرسه ، نظر لها زوجها نظرة شك ، وعدم تصديق ، ولكى يتأكد أنه ستنفذ ما تقول له قال : تأكدى يا ساميه ، أن كانت هذه خدعه ، وتم استخدام تقنيه حديثه لتوهم من يصل لهذا المكان ، فلابد أن ثمه شئ خطير يحدث ، أما أن تتوخى الحذر ، أو تقدمى استقالتك ، والمدارس كثيره فى البلده ، وجمت ابله ساميه من حديث زوجها ، وأنه ربما يكون عنده حق ، فى كل كلمه ، ولكن انتبهت على جرس الهاتف ، فاسرعت تلتقطه ، وبسرعه ولجت الى غرفتها ،وهى ترد بصوت منخفض ،الو ،الو ،
اشجان على الجانب الآخر : ما بك ساميه لم تتحدثين بصوت منخفض ، قالت : لا شئ ولكن لا اريد ان أزعج زوجى فهو للتو ذهب ليخلد الى النوم ، لا تضيعى الوقت ، قولى ما الذى تريدين اخبارى به ؟ اشجان : اشعر انك متوتره ولكن على كل حال ، جميله هذه سيده كانت تخدم بالقصر أو ،تستطيعىن أن تقولى ، ولدت فيه وتربت فى دهاليزه ، وتعرف كل شبر فيه ، لمعت عينا ابله ساميه وقالت : اكملى وماذا ايضا؟
اشجان : ولا شئ لهذا السبب فكرت أنه يمكن تعرفى منها شئ لما حدث لك ، أو كيف وجدت نفسك فى هذا المكان بالقصر ، اقصد بالمدرسه ، ابله ساميه : حسنا يا اشجان ، رتبى لى ميعاد معها لاقابلها فى أقرب وقت ، وقبل أن تتكلم اشجان ، دخل زوج ابله ساميه الغرفه ، فقالت : حسنا يا اشجان فى الغد أن شاءالله ،سنرتب الجدول سويا ، تصبحين على خير، وأغلقت الخط وخرجت من الغرفه ،تصحبها نظرات الشك من زوجها ، فهو يعلم فضولها تمام المعرفه.
ولكن تأتى الرياح بما لا تشتهي السفن ، لقد مرض زوج ابله ساميه ،وارتفعت حرارته ، مما جعلها تطلب اجازه بضعة أيام ،حتى يسترد عافيته ،ولم يتسنى لها محادثة اشجان ،وهى ايضا لم تحادثها ، وبعد بضعة أيام ، بدأ زوجها يسترد عافيته ، فطلبت منه أن تذهب نصف ساعه ، لتبتاع بعض الاشياء للمنزل وتعود سريعا ، وما أن همت بفتح باب المنزل ، حتى أصابها الذهول مما رأت ، لقد وجدت باقه من الورود البيضاء أمام الباب بعدد الايام التى لم تذهب فيها الى المدرسه ، شعرت بالخوف الحقيقى ، معنى هذا أن صاحب الورد يعرف محل إقامتها بل يعرف باب منزلها ، ولاول مره تشعر أنها مراقبه ، فعقدت العزم ، أن تذهب الى اشجان ، فالأمر لا يحتمل ، اتصلت بأشجان بينما هى تنزل درجات سلم البنايه وهى تمنى نفسها أن تجدها انصرفت الى المنزل ، وعندما ردت اشجان على الاتصال ،: قالت : للتو دخلت المنزل هل انت على ما يرام ؟ زوجك بخير ؟ فقالت : نعم نعم ولكن اريد أن آراك الان ، هل استطيع الحضور اليك ، حسنا اعطينى العنوان ، استقلت سيارة أجره وانطلقت بها إلى بيت اشجان،وما أن وصلت ودقت الباب ،استقبلتها صديقتها وهى قلقه : ما بك حبيبتى ؟ لون وجهك مخطوف ،كما لو أن ورأك مصيبه ، قالت : هى بالفعل مصيبه هلم بنا إلى جميله هذه اسرعى من فضلك ، اشجان : اهدئ ساميه ما بك ! انتظرى برهه لاغير ثيابى ، واتصل بجميله ، لا اريد أن نفزع السيده ، بحضورنا المفاجئ ، ابله ساميه : اسرعى ارجوك ، ليس لدى وقت ، وساشرح لك فى الطريق إليها كل شئ، استقلتا سياره اجره وأخذت ابله ساميه ،تحكى لها ما حدث حتى وصلت إلى منزل السيده جميله ، وكانت تقطن فى الدور الاول من بنايه قديمه ، وأخذت ابله ساميه ،تحث اشجان أن تسرع ، وبعد عدة محاولات من دق جرس الباب ، اخيرا فتحت سيده عجوز الباب ، وكانت تتمتع بقامه معتدله برغم كبر سنها ،الا أن مسحة الجمال لم تفارقها ، وقالت : من انتم ! فقالت اشجان : معذره يا ست جميله ، انا اشجان مدرسة حفيدتك بالمدرسه ، هل تتذكرينى ، ونظرت اشجان لساميه وقالت : يبدوا أنها لا ترتدى سماعات الاذن ، فقالت كلامها مره اخرى بصوت اعلى ، فقالت : اهلا وسهلا تفضلى استاذه ، ولكن من هى الاستاذه التى ترافقك ؟ قالت ابله ساميه : بعتذر لحضرتك لتطفلى ولكنى احتاج الى مساعدتك ، تعجبت المرأه ،وقالت : مساعدتى انا ؟ بما يمكننا مساعدتك ؟
قالت اشجان بصوت عال : هل يمكن وضع سماعة الأذن لكى نستطيع أن نتحدث دون أن يصل حديثنا للماره بالشارع، نظرت اليها جميله بغيظ ،فهى لا تحب أن يذكرها أحد ، بضعف السمع لديها ، وقالت : حسنا تفضلن بالدخول ، ولكن قبل الدخول اتركن احذيتكم بالخارج ، لا اريد أن ينسخ منزلى ، اومئت اشجان براسها لابله ساميه ،ان تنفذ ما قالته السيده ، وولجن داخل المنزل ، كان منزل صغير ولكن نظيف ومرتب بأناقه ، وستائر النوافذ قد صنعت بذوق رفيع ، برغم معيشة السيده المتواضعه الا أنها أولت منزلها اهتمام خاص ، يدل على تأثرها بالمعيشه فى حياة القصور،وجلسن يتأملن التحف الصغيره التى ربما استولت عليها جميله من القصر،
اتت اليهن بعد أن وضعت سماعات الاذن ، وقالت : معذره لم اضيافكن بشئ ، قالت ابله ساميه : لا تشغلى بالك فأنا فى عجلة من امرى وهو فقط سؤال ، واتمنى أن يكون لديك اجابته، قالت : يبدوا انك متعجله حقا ، تفضلى هات ما عندك، قالت لها ابله ساميه ، كل ما حدث لها ، حتى لم تغفل عن أن تسرد لها ما دار بينها وبين الساعى ايضا،
لم تقاطعها جميله بل ،تركتها تكمل حديثها وهى منصته لكل كلمه وبعد ،ان انهت ابله ساميه سردها ، عم الصمت عالجميع ،فى انتظار ؛تعليق جميله على ما سمعته ، ولكنها لاذت بالصمت برهه ، مما جعلت ابله ساميه تقول لاشجان ،
:هلم بنا نذهب ، اعتقد انها نامت أثناء حديثى ، انى اشك أيضا أن كانت تتذكر اسمها ، ولكن ردت جميله عليها بسخريه وقالت : هل تظنين انى اصابنى الخرف ولم يعد باستطاعتى أن أتذكر شئ ، همت اشجان أن تعتذر لها ،ولكنها أوقفتها بإشاره من يدها وقالت : لا عليك استاذه، فهى لا تعرفنى جيدا ، ولكن سأقول لك ما اتيت من أجله ، بحكم سنوات عمرى التى قضيتها بالقصر ، اعلم كل شئ فيه ، ومشفقه عليك فقد اقحمت نفسك وبدون قصد ، فى خبايا واسرار قذره كنت فى غنى عنها ، ولكن لكى تنتهى من هذه الورطه ، لابد أن تكشفى المستور ، الذى ظل لسنوات حبيس بين الجدران ، لم تفهم اى منهن حرف مما قالت ،ولكنها أكملت حديثها ، اسمعينى جيدا ، سأقول لك ما الذى تفعليه لكى تنتهى من هذا القلق ، اتعرفين برقوق ؟ نظرت لها ابله ساميه وهى تقول برقوق !! قالت اشجان بسرعه : هذا اسم الساعى فى المدرسه ,قالت جميله : هذا الفتى سيساعدك ،فكل منا له ثأر فى هذا القصر ، قالت ابله ساميه ؛ فتى ؟ أنه تقريبا فى الخمسين من عمره ، ضحكت جميله : بالنسبة لى هو لا يزال فتى شاب ، لكن قبل أن تقولى له شئ ، لابد أن يعرف انى من ارسلك ، وإلا لن يساعدك ، وأؤكد لك انه مصدر ثقه، كل ما عليك أن تقولى له عن مقابلتنا هذه ، ثم اطلبى منه أن يصحبك فى العطله الدراسيه حيث تكون المدرسه خاليه من اى شخص ، ثم قولى له انى أمرته أن يرافقك الى بهو الفيروز ، وهو سيريك الطريق ، ولكن لا تدعيه يتركك بمفردك لابد أن يرافقك حتى تنتهى من مهمتك ، ولى طلب عندك ، نظرت لها ساميه : ما هو طلبك ؟ قالت : أن تحضرى لى العصا التى كان سيضربك بها الرجل المعاق ، لم تفهم ابله ساميه ، أهمية هذه العصا ،هذا غير أن أوصالها ترتجف من الفكره نفسها ، أن تتعايش مره ثانيه مع هذا الرعب ، ولكن تذكرت انها لن تكون بمفردها ، غير ايضا انها تريد وبشده تنهى الموضوع لكى تستريح ، ولكن انتبهت انها تأخرت على العوده ، فاسرعت تجذب اشجان من زراعها كى تنهض ، فقالت جميله ، مهلا لا تتسرعى ، ولكن فكرة أما تخوضى التجربه للنهايه أو ترحلى عن البلده ، انتبهت بكلماتها خاصة أنها تذكرت صاحب الورد ، وقالت : هل صاحب الورده البيضاء تعرفينه هو ومن تدعى زهره ؟ قالت جميله : لا اعرف من هو صاحب الورده ولا زهره هذه !!! أسرعت ابله ساميه تحث اشجان على مغادرة المكان ، وهى تكاد تفقد صبرها ،وقالت : ما هذا يا اشجان اتيت بى لهذه المرأة لتحل لى مشكلتى ،فزادتها تعقيدا،
اشجان : انا اعتقدت أنها ستساعدك ،
ابله ساميه : اى نوع من المساعده ، انها تقريبا شبه تهددنى ،اما أخوض التجربه أو ارحل عن البلده ، وبقلق شديد قالت : ناهيك عن الوقت الطويل الذى ضاع بدون فائده تذكر ، سوى انى عرفت أن الساعى اسمه برقوق ، اه يا ربى ماذا اقول لزوجى عن تأخرى عندما اعود للمنزل ،، استقلت سيارة أجره وتركت اشجان تعود لمنزلها ونزلت عند السوق ابتاعت بعض الاغراض وعادت سريعا الى المنزل وهى تدعو أن يكون زوجها نائم والا يكتشف تأخرها ، ولكنها عندما عادت ، لم تجده بالمنزل ، بينما تبحث عنه فى الغرف وجدت باقة الورود البيضاء وقد وضعت فى إناء على الطاوله ، نظرت لها بخوف ، هل اختفاء زوجها يكون مرتبط بهذه الباقه ،

عصفت الهواجس ،بعقل ابله ساميه ، ترى اين ذهب زوجها وهو مريض؟ ثم من وضع الورود بالإناء ، تذكرت انها ألقت بباقة الورد فى سلة المهملات خارج المنزل ، وليس من عادة زوجها الاهتمام بالورود الملقاه لهذه الدرجه! تلاعبت الأفكار السيئه ،برأسها ، حتى قطع رنين هاتفها سيل الأفكار ، واسرعت بالرد ، وكان زوجها يعتذر أنه خرج دون ترك رساله لها ، وأنه ذهب خارج البلده لمهمه خاصه بعمله ، وربما يقضى ليلتين أو أكثر ،لطبيعة عمله ، فهو محامى ، وتم توكيله فى قضيه ، وطلب منها أن تتوخى الحذر وتبتعد عن جنانها وفضولها ، اغلقت الهاتف وقالت : اه أرى أن القدر يرتب لى ، دون تدخل منى ، كنت افكر كيف سأخرج يوم الاجازه دون زوجى ، وها قد جائتنى الفرصه جاهزه ، هل ساتركها أم أكمل ما بدأت ؟ لابد من ترتيب افكارى ، اولا لا اعرف مكان المدعو برقوق ، ثانيا ، لن أذهب معه بمفردى ، لابد أن اصطحب اشجان معى ، ترى هل توافق؟ أن غدا لناظره قريب ، فهو يوم الخميس ، ساتحدث معها ، واتمنى أن ترافقنى ،
وفى الصباح وعند بوابة المدرسه ، اقتربت ابله ساميه ،وهى تلقى بنظرها على البنيان الفخم ،برغم تحوله الى مدرسه وهى تقول فى نفسها : ترى ماذا تخبئ لى هذه الجدران، وجالت بعينيها ، تبحث عن صاحب الورده البيضاء ، ولم ترى له أثر ، ولجت الى المدرسه تتلفت حولها ، تبحث عن الساعى برقوق ولم تجده ، ومع بداية اول حصه ، استدعتها المديره لمكتبها ، وعندما ذهبت لها قالت : صباح الخير استاذه ساميه ، ردت عليها التحيه ، فقالت : اجلسى استاذه ، اعلم ان اليوم ليس لديك سوى حصه دراسيه واحده ، قالت ابله ساميه : نعم سيادة المديره ، لكن ما الامر ؟
المديرة : تم تكليفك اليوم فقط ، بأخذ حصص زميلتك هبه لأنها فى اجازه مرضيه ، ولكن لا تقلقى فهم حصتان فقط ،
ابله ساميه : لكن صفوفها إعدادى ،وانا ادرس لابتدائى ، من باب أولى استاذ مختار ،هو من يأخذ جدولها، ابتسمت المديره ، هذا عمل يا استاذه ، ثم الاستاذ مختار جدوله مزدحم اليوم ، تفضلى ، الان على فصل استاذه هبه ، وأبدأ عملك ، خرجت ابله ساميه ، متأففه من مكتب المديرة ،فقد كانت تمنى نفسها بيوم راحه ، ولكن نفذت الأمر ، ولكن عندما دخلت الفصل ، وجدت اثنان من السعاه يحملون تخت للطالبات ، ويحاولوا أن يضعونه فى آخر الصف ، فقالت لهم : هل هذا وقت مناسب لترتيب الفصل ، لماذا لا يتم هذا بعد الانتهاء من اليوم الدراسى ؟ قال الساعى : معذره يا استاذه ، ولكن تحطم التخت ، فاحضرنا هذا التخت القديم من مخزن المدرسه مؤقتا ، إلى أن يتم اصلاح التخت المكسور ،
ونحن انتهينا الان وسننصرف ، بدات ابله ساميه الشرح للطالبات ، ولكن لاحظت أن الفتاتين الجالستان على التخت القديم ،متأففات ، فقالت : ما بكن ، غير منتبهات للشرح ،
قالت الطالبه : هذا التخت يا استاذه قديم جدا ولا استطيع فتح الدرج لاضع دفاترى ، يوجد شئ ما يمنع فتحه، اقتربت ابله ساميه تساعدها لفتح الدرج ، وبعد عدة محاولات ، استطاعت أن تفتحه بعد أن وجدت ،كراسه قديمه قد حشرت بالدرج وسببت فى عدم فتحه ، فأخذت ابله ساميه الكراسه القديمه ووضعتها على المكتب واكملت الشرح ، وبعد انتهاء الحصه اخذت الكراسه وهمت بألقائها فى سلة المهملات، ولكن تراجعت فى اخر لحظه ، منعها الفضول ، أن تلقى نظره على هذه الكراسه القديمه ، برغم أنها تعلم أنه لن يوجد بها سوى دروس مدونه ، وأثناء الاستراحه بين الحصص ، تقابلت مع صديقتها اشجان ، التى افترشت امامها ورقة جريده على مكتبها وتراصت فوقها سندوتشات الفول والطعميه ، التى بالفعل بدأت فى التهامهم ، وكوب من الشاى بجوارها ، وما أن لمحت ابله ساميه قالت : تفضلى يا ساميه ، ابنة حلال ، تناولى معى الطعام ، فقالت ابله ساميه : صحتين وعافيه لقد تناولت فطورى ، ولكن سأطلب كوب من الشاى، لفت انتباه اشجان الكراسه القديمه فوق دفاتر ابله ساميه فقالت : ياه اين عثرت على هذه الكراسه ، تبدوا قديمه جدا ، لم ترد عليها بل قالت : اين برقوق الساعى ؟ اريد ان يحضر لى كوب من الشاى .
اشجان : ارسلته المديره ليحضر النجار ،
ابله ساميه : انصتى الى يا اشجان , لقد قررت أن اخذك معى وبرقوق لنذهب غدا لبهو الفيروز كما قالت جميله ،
ارتبكت اشجان ، حتى أنها كادت تختنق من الطعام الذي فى فمها ، وقالت : هل جننت يا ساميه !! تذهبى الى المجهول وانت لا تعرفى ماذا ينتظرك هناك ، لا لا لن اوافقك على هذا ،
قالت : الست انت من اخذتينى لجميله هذه ؟ اذا اكملى جميلك وأتى معى ، من غير المعقول اذهب بمفردى ،
اشجان : تعلمين انى اخاف حتى من خيالى ، فكيف اذهب معك ؟ ثم ماذا ستقولين لزوجك ؟
قالت بلهجه آمره :ستأتين معى شأت ام ابيت ، فلا مفر ، ثم انك تعرفى برقوق هذا اكثر منى ، اتفقى معه ، أن نتقابل غدا باكر امام المدرسه ، سيكون الطريق خال من الماره ، وفى نفس الوقت لن نلفت الإنتباه لنا ، وتركت اشجان وانصرفت على أن تتقابل معها هى وبرقوق فى الصباح الباكر ،
عادت ابله ساميه الى منزلها ، وهى تشعر أنها على وشك أن تورط نفسها فى مشكله ، ولكن فضولها يقتلها لتعرف ماذا حدث لها ، ولم تقضى ليلتها جيدا كانت ملئ بالكوابيس والنوم المتقطع حتى اشرقت شمس يوم الجمعه ، ارتدت ثيابها ووتناولت فنجان من القهوة المركزه لتنهى صداع عدم النوم ، واتصلت بأشجان ، والتى ردت عليها وهى تتثائب ،
من ، ساميه ، خير حبيبتى ، لم تتصل باكر هكذا !! هل أنت بخير ، ردت ابله ساميه : ماذا ؟ هل نسيت موعدنا ؟ هيا انهضى واستعدى للقائى عند المدرسه ، وأغلقت الهاتف ، وهى تعلم انها تضع اشجان أمام الامر الواقع ، وأنها سوف تحضر،
نهضت اشجان من فراشها ، تلعن نفسها وأحدثتها : اعلم ان تدخلى فيما لايعنينى ، سيجلب على المصائب ، مالى انا وما حدث لساميه ، بينما ترتدى ثيابها ، اخذت تفكر بحجه تقولها ،لوالدتها ، لتبرر خروجها باكرا يوم الجمعه ، بعدما انتهت من ارتداء ملابسها اخذت دفترين من على مكتبها ، وخرجت فوجدت والدتها متعجبه ، الى اين يا اشجان؟
اشجان : صباح الخير يا امى ، الى المدرسه ، لدى مجموعة تقويه ،للطالبات ، لا تقلقى لن اتأخر، والتقطت ، قطعة خبز من على المائده ، وغمستها بطبق الفول ، وهى تتصنع التعجل للذهاب ، وجدت ابله ساميه تنتظرها بترقب ،
اشجان : صباح الخير يا ساميه ،
ابله ساميه : كل هذا تأخير ،لى اكثر من نصف ساعه انتظرك،
وأين برقوق الساعى؟ اشجان : من رأى أن تصرفى نظر عن هذا الموضع ونذهب ، ثم انى لم أجد برقوق أمس ،لاتفق معه،
ابله ساميه بغيظ : ماذا ؟ اذا لم لم تقولى هذا عندما حادثتك،،
اشجان : نائمه انا كنت نائمه ، ولم يكن لدى رصيد بالهاتف ،
لم تنهى اشجان باقى حديثها ، حتى وجدت الساعى يلقى عليهم التحيه ، وقال : لقد ارسلتنى السيده جميله لكن ، وقالت انكن تنتظرنى ، تعجبتا ، الاثنتان ، كيف عرفت جميله بموعدهن اليوم ، لم تهتم ابله ساميه ، وقالت : حسنا ، هيا بنا لا اريد أن نضيع الوقت ، اخذهن الساعى ، ودار حول سياج المدرسه من الخارج حتى وصلوا لبوابه صغيره فى الخلف ، وفتحها بمفتاح معه ، وقال ،: هذه البوابه كانت لاستخدام الخدم ، لكن اولا كن حريصات الا تبتعدا عنى ، حتى لا نفترق بالداخل ، فالمكان بالداخل يتشابه، قالت ابله ساميه : هيا تقدمنا فأنت اعلم منا بالمكان , ادخلهم الساعى من مطبخ القصر ثم وجدن أنفسهم بداخل المدرسه ، همت اشجان تقول شئ ، ولكن أشار لهما برقوق أن يتبعاه ناحية جدارين يتقاربان ،كدهليز ضيق فتعجبت ابله ساميه، انها لم تراه من قبل ،وقالت: لكن أنا لم ارى هذا من قبل ، بل سلكت طريق آخر ! غير هذا ؟!الى اين تأخذنا؟ قال : لا تقلقى استاذه ، لا استطيع ان اصحبكن من الطريق الاخر ، لان المكان مراقب بكاميرات ، كما تعلمين المدرسه ، بها اماكن تحتوى على تحف قديمه ، لهذا وضعت كاميرات مراقبه ، برغم أنه لا أحد يعلم عن وجودها غير إدارة المدرسه ، أما هذا الدهليز لا يعرفه احد غيرى ، بقلق وتوجس ، اتبعته الاثنتان ،حتى وجدن أنفسهم فى البهو الذى وجدت ابله ساميه نفسها فيه ، فقالت : أنه هو هذا المكان ،فاشار لها الساعى أن تخفض صوتها ، وسألها ، اتعجب كيف وصلت لهنا ، ولكن اين سمعت صوت الاستغاثة،
قالت : هناك بجوار المصعد ، ساروا ناحيه المصعد ، واشجان تتلفت حولها بخوف ، وتنتبه لخطوات اقدامها بصعوبه ، على ضوء مصباح الساعى ، فالمكان مظلم والاتربه تملئه وبرغم أن الاثاث مرتب ، قالت ابله ساميه : غريب عندما كنت هنا لم يكن المكان مظلم هكذا ، بل كان يملئه ضوء النهار،
قال الساعى :توجد طاقه بالسقف ، عند منتصف النهار تفتح تلقائيا، فتنير المكان ،هكذا حال بعض القصور القديمه استاذه،

اظهر المزيد

نهاد كراره

نهاد كراره محاسبة وكاتبة مصرية صدر لها كتب مشتركة مثل بوح الصحبة و قطرات مطر وكتب فردية نيسان الوجع مدن الفراشات الدمشوري وآخر حدود الحلم نشرة العديد من المقالات علي المواقع الالكترونية المختلفة كموقع قل مقالات اجتماعية وبعض القصائد العمودية والعامية علي المواقع الأخرى صدر لها عدد من القصص في جرائد مختلفة منها صوت الشعب و جريدة القصة وغيرها عضو مجلس إدارة لموقع الصحبة نيوز مدير تنفيذي لدار الصحبة الثقافية للنشررالإلكتروني
شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى