أخبار الفنأدب و ثقافةروايات و قصص

قصة فى كراسة الجزء الثالث

الهام مسلم

3

اثار العصا على جسد والدى عندما كانت امى تساعده ،
رفعت ابله ساميه نظرها عن الصفحه وهى تتسائل : شروق ! ما هذا ! كنت احسبها مذكرات تعود لزهره ! ترى من هى شروق هذه ،ثم جميله وفتاة المصعد ، اى واحده فيهن التى كانت تستغيث بى ؟ اعتقد انى لى حديث طويل مع المدعو برقوق ،فهو من يملك مفاتيح كل هذه الأسرار، لم تنتبه أن الوقت سرقها ،الا عندما سمعت صوت جرس الباب، وصوت المفتاح فى المزلاج ،فعرفت أن زوجها قد عاد من عمله ، فرفعت الغطاء عنها لتقابل زوجها ولكن ،لم تكد تضع قدميها على الأرض حتى إصابتها الدهشه مما رأته،اسفل قدميها، واسرعت تلتقط ما وجدته، ولم تتبينه جيدا لدخول زوجها الغرفه؛فاسرعت تخفيه اسفل الوساده ، ورحبت بزوجها ،الذى قال : حضرت لاطمئن عليك ، وسآخذ بعض الاوراق، كيف حالك الان ؟ ارى انك تحسنت قليلا ، وهو ينظر لكوب اليانسون، فقالت : بلى انى افضل الان شكرا يا عزيزى، ولكن هل ستنصرف الان؟ قال : بلى انتبهي لنفسك جيدا ، حتى اعود فى المساء أن شاءالله، سأتناول طعام الغذاء مع اصدقاء لمناقشة بعض أوراق القضايا ،ولا تقلقى فقد أحضرت لك طعام جاهز ، وأثناء ذاهبه ، قال تناولى طعامك قبل أن يبرد وتناولى الدواء ،واخلدى للراحه، ابتسمت مودعه له ، ونظرت للفة الطعام على المائده ولكن تذكرت ما اخفته اسفل وسادتها ، فاسرعت الى الغرفه وهى تقول: عجيب هذا دائما ما يقطع زوجى الأحداث المهمه بحضوره ، لنرى ما وجدته ، رفعت الوساده وقالت : قناع !! وامسكته تقلب فيه بإعجاب ، ولم تهتم كيف وصل هذا القناع الى غرفتها ، فيبدو انها رسائل تأتيها فرادى من من لا تعرف ، فقد كان من نوع أقنعة الحفلات التنكريه التى ترتديها النساء فى حفلات القصور لأنه صنعه قديمه جميل بشكل جناحى فراشه يوضع على العينين فقط لا يغطى الوجه كله ، وله يد ذهبيه للإمساك به، أخذته ووقفت أمام المرآة ووضعته على عيناها ، وهى تتأمل نفسها كيف سيكون حالها أن كانت من سكان القصور،
وضعته جانبا على المزينه ، وعادت إلى كراستها لتكمل ما بدأت،
: من المذكرات:
أحضرت امى الطبيب الى المنزل ، فقد تركت والدى على فراشه ، واسرعت الى الخارج لتحضر طبيب يقطن فى أول شارعنا ، ولكنها لم تجده ، وكانت السماء تنذر بهطول المطر ، فلم تعرف ماذا تفعل فالطبيب ليس فى بيته ، وبينما كانت تعبر الطريق كادت سياره فخمه أن تدهسها ،ولكن السائق تفاداها، ولكن امى سقطت على الأرض ، تقريبا منهاره من شدة الانفعال، ترجل الجالس فى الخلف من السياره وكان يظهر عليه علامات الثراء ، والوجاهه ، فحاول هو وسائقه أن يساعداها ، مع زجرها من السائق ، أن تنتبه للطريق، فقالت لهم معتذره ، انها تركت زوجها مريض وذهبت لتحضر له الطبيب ولكن لم تجده ، فترفق بحالها الرجل ، وقال هونى عليك فانا طبيب ،اين منزلك ؟ سأرافقك فلا تقلقى ، وحضروا الى المنزل ،وانا اراقب هذا الطبيب ، الذى يدل مظهره على الثراء ،فتعجبت من اين اتت به امى، وهل لدينا مال يكفى لهذا الطبيب مقابل الكشف على أبى ؟ كنت على مقربه من باب غرفة وابى والطبيب يقوم بفحصه ،متعجب من آثار الضرب على جسده ، والذى برره للطبيب ، أنه تعرض للضرب من قبل بعض البلطجيه ، انصرف الطبيب من عند أبى ، وأثناء خروجه من الغرفه لمحنى ، فأشار لى أن اقترب ، ورفع راسى إليه وقال لى : ما اجمل عيناك ، ثم أخرج من جيبه نقود ،واعطانى إياه ، ورفضت ولكنه أصر أن آخذها ، وهو يربت على راسى ،وانصرف ورائحة عطره على وجهى ورأسى، بعد انصرافه ،اخذت امى النقود منى ، وقالت : أنه رجل خير ، فحص والدك دون مقابل ، بل واعطاك ثمن الدواء بطريق لطيفه ، هكذا فقدت ما نفحنى إياه هذا الطبيب الثرى،
شعرت ابله ساميه بالجوع وايضا بالملل ، فتركت الكراسه على مكتبها ،ثم تناولت الطعام ، وفى المساء حضر زوجها ، وقضت امسيه هادئه ،ثم ذهبت الى الفراش واستسلمت للنوم ، لا تدرى كم من الوقت نامت ولكن شعرت بحضور ، شئ غريب بالغرفه ، اقشعر بدنها ، كما لو كانت طاقه قويه تملاء المكان ، تحسست بيدها تبحث عن زر الكهرباء، ولكن يدها وقعت على القرط وبجواره القناع ، وعلى الضوء الخافت الاتى من الصاله ، اعتدلت وبطريقه خارجه عن إرادتها ارتدت القرط ووضعت القناع على وجهها كمن يستعد أن يتلقى اتصال سمعى ومرئى، ولكن بطريقه مختلفه ،بعيدا عن التكنولوجيا الحديثه، بدأت الصوره تتضح أمامها
بطريقه خارجه عن إرادتها، اعتدلت جالسه،وتناولت القرط لتضعه فى اذنيها، وامسكت القناع ، ووضعته على عينيها ،كما لو كانت تستعد لمشاهدة فيلم، وبدأت الصوره تتضح أمامها ، وعلى الغير المتوقع ، كان المشهد العام غرفتها وهى تنظر على اقدامها المغطاه ،فاعادت النظر ، فشاهدت فتاه تجلس عند اقدامه،،شقراء ،جميله وان كانت الاضاءه الخافته لاتظهر كل التفاصيل ،كادت تقفز من مكانها من الخوف ، لكن لم تستطع كما لو أنها ،مقيدة بالفراش،لا مفر أن تتابع ما يحدث ،الفتاه كانت تتصرف كما لو أنها بمفردها ،بغرفتها ،فهى جالسه على حافة الفراش ،تمسك بيدها قلم وكراسه ،. وتدون فيها بضع كلمات،ثم تلقى بالكراسه على الفراش ، وتذهب إلى الشرف ،ثم تعود ولكن لتجلس فى زاويه ،من الغرفه وتجهش بالبكاء ،وفجأه يفتح باب الغرفه لتدخل سيده نحيفه ،تنحنى وتجلس بجانبها وتحتضنها ، وتقبل راسها وتقول بضع كلمات ، لم تستطع ابله ساميه سماعها ، بتلقائيه مضحكه ،كانت تضغط على القرط ،كما لو كان سماعه أصابها العطب، دون فائده لم تسمع حرف سوى أن السيده نظرت لابله ساميه ، اقتربت منها ، وهى تتراجع بجزعها بخوف للخلف حتى اقترب وجه السيده من وجهها ونزعت القناع من يدها ،والفزع كاد يقتلها ، ولكن وجدت القناع بيد زوجها وقد أضاء الغرفه ، وهو متعجب ، ويمسك القناع بيده ، قائلا : من اين لك بهذا القناع ، اعتقد ان الوقت قد حان لذهابك لطبيب نفسى ،فحالتك تزداد سوء واشيائك الغريبه هذه لا ادرى من اين تأتى بها ، وامسك اذنها ،بل وهذا القرط الذهبى ؟؟؟
نزعت ابله ساميه ؛القناع من يده غاضبه ،وقالت : ما شأنك بأشيائى ؟ قال : من غير المعقول استيقظ اجدك ،إما تقفين بالشرفه تحت المطر حتى تبتل ملابسك وانت غير عابئه بالبرد ، والان اجدك جالسه على الفراش بعد منتصف الليل، تضعى هذا القناع الغريب على وجهك، هل كل هذا طبيعى؟ لقد افزعتنى! بتصرفاتك هذه ، لولا أن الجو بارد وليس لدينا ، اغطيه كافيه لكنت تركت لك الغرفه ، ونمت على الاريكه،
شعرت ابله ساميه ، انه لديه حق ، فكل ما يحدث لها غير طبيعى ، وايضا لن يصدقها أن قالت له الذى رأته، سيقول انها جنت ، فأخذت القناع ونزعت القرط من أذنيها ، ووضعتهم فى الدرج بجوار الفراش ، وتصنعت انها غاضبه ، وتدثرت بالغطاء ونامت ، وفى الصباح ذهبت الى المدرسه وهى عاقدة العزم أن ؛ تجرى حديث مع الساعى برقوق ، وكانت قد وصلت المدرسه مبكره لم يكد الحارس أن يفتح البوابه حتى وجدها أمامه ، فدلفت للداخل دون حتى أن تلقى عليه التحيه، ثم توجهت إلى غرفة المدرسين، ووضعت دفاترها ، مستغرقه فى التفكير ، من أين تبدأ الحديث مع برقوق، وهل هو يعرف شئ حقا عن هذا المكان ، ام أنه فقط يعرف دروب القصر فقط ، انتبهت من شرودها على صوت برقوق ،
: صباح الخير استاذه ،حضرت مبكره اليوم ، هل أحضر لك كوب من الشاى؟ نظرت له وقالت : بلى ولكن اولا اريدك ان تصارحنى القول فيما يخص هذا المكان،
قال بصوت منخفض : استاذه ساميه ، ارجوك اتركى كل هذا ، فأنت تعرضين نفسك لأشياء انت فى غنى عنها ، المره السابقه عدت بسلام ، ولم يشعر بنا احد، والا تعرضنا للمسأله القانونيه ،بل ربما اتهمنا بسرقة مقتنيات القصر، وكما يقولون ؛من تدخل فيما لا يعنيه ،وجد ما لا يرضيه ، قطبت حاجبيها ، لعدم توقعها هروبه من طلبها ، وقالت : بلى يعنينى ، ولكن يبدوا انك خائف ، سأذهب إلى جميله و هى التى ستساعدنى، انصرف لا اريد منك شئ ، وهى تكاد أن تلقى فى وجهه بالدفاتر من الغيظ ، شعر برقوق ،بغضبها، ولكنه انصرف ، وبدأ حضور المدرسين والطلبه ، واقبلت اشجان وجلست بجوار ابله ساميه، وقالت : اتيت مبكره على غير عادتك ؟
قالت : استيقظت مبكره اليوم ، ولدى اعمال مكتبيه انهيها ، انسيت أن حفل المدرسه لليوم الرياضى غدا ، وانا المسؤوله عنه ، والطالبات يتدربن على تمثيل مسرحيه لعرضها فى هذا الاحتفال ، قالت بغير اهتمام : تشغلين نفسك باشياء كثيره ،الا يكفيك الحصص وغباء الطالبات، فنظرت لها ساميه بعتاب ، وقالت : هذا ما يجعلنا لا نتقدم ،اتدرين أن هذه المسرحيه كتبتها طالبه عندى ، وهى التى اقترحت على ، أن يتم تمثيلها على مسرح المدرسه ، بل بعض الطالبات يملكن موهبة التمثيل ، قررن أن يمثلن فى هذه المسرحيه ، وانا أجدها فكره جيده ، اولا تركتهن أن يعتمدن على أنفسهن ، بل وقلت اريد ان افاجئ بالاداء المسرحى ، ولا حتى اعرف شئ عن نص المسرحيه ، قالت اشجان : اها لهذا اجد بعض الطالبات ، فى الاستراحه بين الحصص ، ياخذن جانب بحوش المدرسه ، ويمثلن ، وانا اتعجب ،ماذا يفعلن ؟
قالت : أرايت أنهن يعتمدن على أنفسهن ، ويريدوا أن يجعلوا الاحتفال هذه السنه مختلف ، قالت : الا تشرفى عليهن فى تدريباتهن ؟ قالت : لا فانا تركت المهمه لهن ، وبالتأكيد هن يردن أن تكون مسرحيه ناجحه ، تعلمين الفتيات لهن قدره واصرار على النجاح ، وابتسمت واكملت ، خاصة فى مجال التمثيل، ابتسمت اشجان وقالت : هن طوال الوقت يمثلن علينا ، لحظات من الحديث حتى أتى برقوق بكوب شاى لابله ساميه ووضعه أمامها ، وهو صامت وبسرعه ، لمحته وهو يضع ورقه صغيره اسفل دفترها ، ولمحته اشجان ايضا ، وانصرف دون كلمه ، وبخبث قالت اشجان : ارى انك اليوم لم تحصل على وردتك البيضاء كالمعتاد كل يوم ،نظرت لها وهى ترتب دفاترها ، وقالت : اعتقد انى سمعت جرس الحصه الاولى، فأنبرت اشجان ، وتناولت رشفات سريعه من كوب ابله ساميه ، وهى تردد ،هكذا انت تحبين الغموض ، ولكن لا يمنع هذا انك تخفين عنى شئ ما؟
انتهى اليوم الدراسى وبعد خروج آخر طالبه من الفصل ، أسرعت ابله ساميه بأخراج الورقه التى اخفاها برقوق ،اسفل الدفتر ، وبخط أنيق لا ينم على أن صاحبه ساعى ، كتب فيها
انتظرك فى الخلف عند اسطبل الخيل ، بعد ذهاب الجميع ، لامر هام ، قلقت ابله ساميه ،ما الذى دعاه ليغير رأيه ،ثم لماذا أخفى الورقه عن اشجان! لابد أن اصطحبها معى لن أذهب بمفردى ،وليكن ما يكن ، أراد التحدث فى وجودها خيرا صنع، وان رفض سأخذ اشجان واذهب الى جميله ،
اصطحبت اشجان بعد مداولات بينهم ، لتقنعها مع وعد أنهما لن يدخلن القصر ، ذهبتا للمكان عند الاسطبل ، لم يجدوا برقوق، همت اشجان بالانصراف ، وأنها قلقه وقلبها مقبوض،ولكن ابله ساميه شجعتها ، ورجتها أن تنتظر دقائق فقط وان لم يحضر تنصرف ، ولكن ما هى إلا ثوانى وحضر برقوق، وقال : هيا بنا بسرعه ، فقالت اشجان إلى اين؟ لن أدخل القصر مره ثانيه ، قال : لا لن ندخل القصر هذه المره،
قالت ابله ساميه : اذا الى اين تاخذنا؟
قال : لا تقلقى ، ولكن هل كان من الضرورى احضار استاذه اشجان ، التى بدورها نظرت له شذرا ،قال: معذره لا أقصد شئ ولكن اعلم رأيك من المره السابقه،
قالت ابله ساميه: حسنا هيا بنا ،ولكن لا تأخرنا ، ووضح الى اين نذهب ؟ قال : فى الطريق ، فى الطريق ،سأقول لك ،لكن الان لنسرع ،حتى لا يرانا احد ،وسنخرج من بوابة الخدم،
وعند خروجهم ، انتظرت ابله ساميه واشجان ، أن يوقف سيارة أجره ، ولكنه وقف أمام سياره ملاكى وأخرج مفتاح ، من جيبه ، وأشار لهم أن يركبوا السياره ، قالت : لا لن اضع قدمى بهذه السياره ، ومن صاحبها؟ قال : لا تقلقى يا استاذه فهذه سيارة طبيب اعمل عنده بعد الظهر سائق، وهو ايضا يريد مقابلتك ، تعجبت وقالت : مقابلتى انا!! ولماذا يريد مقابلتى ! هل يعرفنى !وماذا يريد منى ؟
قال : رويدك يا استاذه ، هذه غلطتى ،لم اوضح لك ،هذا الطبيب مثلك ، يحيره هذا القصر ، وعندما قصصت عليه ما حدث لك فيه ، اهتم بالأمر ، ثم عندما علم بدخولنا القصر ،زاد اهتمامه ، خاصة أنه المعالج النفسي للسيده جميله، وعندما طلبت منى توضيح بعض الأمور ، وانت غاضبه منى لرفضى ،خشية عليك ، فهاتفته ، فأمرنى أن احاول احضارك له ، هذا كل شئ ، والان بعد ما قلته لك ، هل ستأتى ،ام انصرف لحال سبيلى ، كادت الأفكار تعتصرها ، ويتردد فى اخذ القرار ، وافقت برقوق أن تذهب معه ، واشجان تحاول تثنيها ولكنها قالت : لا ضير فى زيارة طبيب ، اصلا زوجى يريد أن يأخذنى لطبيب نفسي ، ها قد قصرت عليه الطريق ، هيا انطلق لنرى ما آخرة هذه الحكايه ،
ظلت ابله ساميه ،صامته لا ترد على اى سؤال تطرحه اشجان ، كما لو أنها تحضر نفسها لامتحان صعب ،ولا تريد أن تطير المعلومات من رأسها ، حتى وصلوا إلى عيادة الطبيب، اخذهم برقوق لداخل العياده ، ثم دخل إلى غرفة الطبيب ، الذى أمره يدخل ابله ساميه فقط ، فخرج من عنده وأشار لها أن تدخل ، وعندما نهضت اشجان ايضا ،قال : لا فالطبيب يريد الاستاذه فقط ، فقالت : لا عليك اشجان ، انتظرى هنا ، لن يطول بقائى بالداخل ، دخلت للطبيب ، الذى أسرع يرحب بها ،وكان رجل وقور كبير السن ، يظهر على ملامحه خبرة سنين ،كم تخشى من هؤلاء الاطباء ،جلست أمام مكتبه ، وهى لا تدرى ما المقصود من طلبه لزيارتها ،
قال : بالطبع تتسائلى عن سبب طلبى رؤيتك ،سأقصر الطريق لك ، فأنا احتاج مساعدتك اكثر مما تحتاجى انت مساعدتى، كانت نظرتها تدل على عدم الفهم ، ولكنه قال : على حسب رواية برقوق ، اعتقد إنك تتمتعى بشئ غير معتاد لن اقول حاسه سادسه ،او اى من هذه الكلمات ؛ ولكن بطريقة ما استطعت ، التواصل مع أشخاص ليس لهم وجود الان ، احاول ان افهم اى ميزه أو ربما صله بينك وبين هؤلاء الأشخاص ،
قالت : سيدى انا جديده فى هذه البلده ، ولا اتمتع بأى ميزه روحانيه ؛ان كان هذا ما تقصده، بل انا اريد ان اعرف ما الذى يحدث لى ،فى بادئ الأمر كنت خائفه ، ولكن الان اعتدت الأمر ولكن اريد توضيح كيف اكمل التواصل ، وايضا انا لا اعرف اى اشخاص تتحدث عنهم؟ فهى فتاه فقط ،
قال : كونى على ثقة بى ، واحكى كل شئ حتى اى تفاصيل صغيره ،قد ترينها غير مهمه ، واكرر كلامى ، ثقى بى ،
بتردد بدأت تقص ابله ساميه كل الاحداث للطبيب،
وفى الخارج كانت اشجان تنتظر والملل يتسرب لها ، وتنظر فى ساعتها ، وتقول ، تأخرنا يا برقوق ، لنا اكثر من ساعه ، ادخل لترى هل انتهوا ، أم أذهب ،انا ، لم تكمل كلامها حتى خرجت ابله ساميه ، وقالت لبرقوق : الطبيب يقول لك أن توصلنا لمنازلنا ثم تعود له ، وفى الطريق لم تتكلم برغم فضول اشجان لتعرف ما حدث بداخل غرفة الطبيب ، ولكن ابله ساميه لم تشبع فضولها ،بل ظلت تقول لها : فيما بعد اشجان لا تقلقى ، فلك معى مهمه أخرى ، وجمت اشجان ونظرت لها ،وقالت : يا ليتنى ما سألتك ، ما نوع هذه المهمه ؟ اعلم انك ستورطينى فى أشياء انا فى غنى عنها ،
ابتسمت ابله ساميه وقالت : لا تقلقى ، اعتقد انى اقتربت ،من معرفة كل شئ ، فنظر لها برقوق فى مرآة السياره ،وقال لها: اقتربت من ماذا ؟ هلا وضحت كلامك ؟
قالت : لا تقلق فأنت لك ايضا دور مهم ،
انشغلت ابله ساميه، بترتيب حفل اليوم الرياضي، فقد كان بالنسبة لها ؛يوم التحدى ،لتثبت لإدارة المدرسه ، قدرتها على إدارة الفاعليات المدرسيه ، وبدأت تشرف على الطالبات المشاركات ، فى الحفل ،وكانت بعض المدرسات ،يساعدنها ، حتى أتت إليها اشجان وقالت : اين انت يا ساميه، لى وقت ابحث عنك ، قالت :كما ترين مشغوله مع الفتيات ، ما ورائك ، قالت : لدى احساس أن الحفل سيؤجل ، قطبت ابله ساميه جبينها ، وقالت : فال الله ولا فالك ، لم تقولين هذا ؟
قالت : لست انا من يقول ، بل الطقس بالخارج ، اه نسيت فأنت ليس لديك وقت للخروج للملعب ، فبعد أن صفينا المقاعد. بدأت الرياح بارده ، وارى انها ستمطر بغزاره اليوم،
قالت : هل اصبحت خبيره فى الارصاد الجوية؟
لكن قطع حديثهما الساعى ، يقول : استاذه ساميه ،المديره تريدك الان ، نظرت اشجان لها ، الم أقل لك !
ذهبت ابله ساميه ، لغرفة المديره التى قالت لها : يبدوا يا استاذه أن الحفل سيؤجل ، فالطقس سيئ اليوم ، ولن نستطيع أن نقدم الحفل ، نظرا لأنه يقام فى حوش المدرسه ، وأعتقد أنه سيكون صعب الجلوس بالخارج ،
قالت : بالله بعد كل هذا ، تضيع مجهوداتى ، وايضا مجهود الطالبات ، قالت : لا تقلقى سيقام الحفل لكن فى يوم آخر ،
واعتقد انى لابد أن اصرف الطالبات ، لان الطقس سئ جدا اليوم ، رتبى اشيائك ، وايضا دعى الطالبات المشاركات بالحفل أن يرتبن اشيائهن بنظام ، حتى الموعد الجديد للحفل ،
خرجت ابله ساميه من غرفة المديره وقد فتر حماسها ، ولكن عندما خرجت لشرفة المدرسه ، وجدت الرياح تتلاعب باستار المسرح ، والعمال يحاولوا أن يجمعوا المقاعد وكلا يسرع ، فالسماء بدأت تمطر ، والغيوم تكاثرت ، فاسرعت الطالبات بالخروج من المدرسه حاملات حقائبهن
فوق رؤسهن ، ليتفاداو الأمطار ، التى بدأت تتزايد ، فاسرعت الى الداخل ، لتصرف الفتيات ، وتغلق نوافذ الفصل ، نبهتها اشجان أن تسرع ، فالجميع بدأ فى الخروج ، قالت :اذهبى انت ، وانا سأجمع بعض الاشياء التى تركتها الفتيات وانصرف ، ولكن فجأه عم الهدوء المكان ، إلا من صوت هزيم الرعد وتساقط الأمطار على النوافذ ، قالت تحدث نفسها: ما هذا الطقس الغريب ! وتلفتت حولها وخرجت من الفصل ، وهى تقول : بهذه السرعه الجميع انصرف ، اين المشرفه اذا ؟ وما هذا السكون الذى عم المكان ، انتبهت على صوت رنين هاتفها فاسرعت لداخل الفصل ، تبحث عن حقيبتها ، لترد على الاتصال ، وكان زوجها ، يطمئن عليها ، ويطلب منها أن تنتظره لأنه سيأتى لها ، وان لا تنصرف لأنها لن تجد وسيلة مواصلات الان ، فقالت : لا تشغل بالك سأتصرف ، وغلقت الهاتف ، وسمعت صوت باب المدرسه الداخلى يغلق ، فاسرعت تنبه الحارس انها لا تزال بالداخل ، ولكنه انصرف دون أن يسمعها ،
انتظرت قليلا ربما أحد يفتقد وجودها ، ولكن يبدوا أنه لا أحد انتبه لغيابها ولا حتى اشجان ، هنا قالت : سأتصل بأشجان ربما تساعدنى ، اتمنى ان يكون الحارس لديه هاتف ، أمسكت هاتفها ومع اول رنه نفذ منه الشحن ، فالقته بغضب ، فى الحقيبه ، وهى تفكر كيف تخرج من المدرسه ، فهى حتى ليست خارج جدران الفصول ، ارتعدت من الخوف لمجرد فكرة أنها حبيسه فى هذا المكان بمفردها ، ولكنها سمعت خطوات أحد ما آتى من الردهه ، فهبت سريعا خارج الفصل ، ربما المشرفه آتيه تتمم على الفصول كما جرت العاده، ولكنها صدمت عندما رأت فتاه صغيره آتيه نحوها تبكى ، فعرفت انها ايضا حبست ، فأقتربت منها الفتاه وقالت : هل ستعاقبينى لانى تأخرت؟ قالت وهى تحاول الاقتراب منها،
: لا لن اعاقبك ، ولم اعاقبك كما ترين انا ايضا تأخرت ، اقتربى لكى ابحث لك عن شئ ترتديه فالجو بارد وانت ملابسك خفيفه، ولكن الفتاه ابتعدت خطوات عنها، وقالت : كلا انا لا اشعر بالبرد ولكن انت التى ترتجفين ،
قالت : عندك حق ، انا بالفعل ارتعد ولكن لا ادرى هل هو من البرد ام الخوف ، قالت الفتاه : انت كبيره على أن تشعرى بالخوف ، ابتسمت وقالت : الخوف ليس له سن بنيتى ، ثم انى خائفه من أننا لا نستطيع الخروج من هنا،
قالت الفتاه : انا اعرف طريق يخرجك من هنا ، ولكن تعيدينى انك لن تخبرى أحد ، قالت ابله ساميه: بلى اعدك ولكن ارشدينى للطريق لنخرج سويا ، سلكت الفتاه الطريق المؤدى لغرفة المديره وابله ساميه خلفها ، متعجبه من أمر الفتاه ،كيف عرفت طريق آخر للخروج، ولكن الفتاه نظرت لها مبتسمه وهى تفتح باب آخر بجوار غرفة المديريه وهى تقول لقد وعدتينى ، قالت : بالطبع وانا عند وعدى ، ولكن الى اين تؤدى هذه الغرفه ؟ قالت : انها ليست غرفه انها درجات سلم تؤدى لمكان آخر تستطيعى الخروج عن طريقه،
نزلت هى والفتاه الدرجات ، والغريب أن الفتاة كانت مع كل درجه تغنى مقطع صغير من اغنيه للأطفال قديمه ، لم توضح ابله ساميه قلقها أمام الفتاه لأنها ببساطه خافت منها ، فهى غير طبيعيه ، واكملت نزول الدرجات خلفها ، وخرجت الفتاه من باب آخر وخلفها ابله ساميه ، التى بهتت من منظر المكان ، فقد كان عباره عن معمل ملئ بالطاولات وتراصت فوق بعضها قوارير زجاجية، والعنكبوت ناسج خيوطه حولها ،
فهمت تقول شئ ، ولكن الفتاه وضعت سبابتها على فمها وهى تقول : هشش لا تتكلمى ، فقط هل ترين هذا الباب اخرجى منه ستجدى نفسك فى حديقة القصر ، نظرت لها وبصوت منخفض وقالت : الن تأتى معى ؟ لا تخافى ، سأقلك لبيتك ، ولكن الفتاه تركتها وركضت للداخل ، تحيرت ابله ساميه ،هل تترك فتاه وحيده فى هذا المكان ، اللعنه على عقول الاطفال ، فعادت الى الباب لتلحق الفتاه لتأخذها معها ، ولكن وجدت الباب مغلق ، كما أنه لم يفتح من قبل ، فشعرت بالخوف، وخرجت مسرعه من الباب الذى أشارت لها الفتاه عليه ، وبالفعل وجدت نفسها فى حديقة القصر ، وهيئ لها أن المنظر العام مختلف عما اعتادته ، بل وشاهدته عربه يجرها حصان وتجلس سيده بالخلف بملابس قديمه الطراز، وجلت لحظه تتسائل اين انا ؟ لا لا يمكن حدوث هذا هل هذا الباب نقلنى لزمن آخر، شعرت بدوار وكادت تفقد وعيها ولكن شعرت كمن يربت على وجنتيها أن تستيقظ ، فقد كان برقوق يحاول افاقتها من اغمائها ، وهو يقول : يبدوا انك اعتدت على فقدان وعيك فى هذا المكان استاذه ، فانتبهت وقالت :برقوق! اين انا ؟
قال : بالمدرسه يا استاذه ، كنت بالخارج ولم المحك تنصرفين فخشيت أن تكونى بالداخل ، فقررت تفقد المكان ، مع أن الحارس أكد لى أن المكان خالى واغلق الباب ، حمدا لله انى عدت الى هنا ، قالت : كيف هذا ، الان كنت بالخارج ،فتاه صغيره دلتنى على طريق للخروج واختفت أو ربما رفضت تخرج ، لا ادرى هل كنت اهلوس ؟
قال : لا عليك لنذهب من هنا ،الجو أصبح اسوء الان ، سأحضر لك سيارة أجره، قالت : ولكن اولا اريد أن أتأكد من شئ ، تعجب منها ، ما الذى تريد التأكد منه ،لكنها لم تتركه يتعجب طويلا قالت : اتبعنى يا برقوق، دون أسأله ،
فذهبت من نفس الطريق حتى وصلت للباب المؤدى لدرجات السلم ، وبرقوق متعجب من معرفتها بهذا المكان ، وقال هذا الباب مغلق ، ولا احد يستعمله ، فهو يتبع الجانب الآخر من القصر ،وهو مغلق من سنين ، ولا يفتح ولا احد لديه مفتاحه، ولكن ابله ساميه أمسكت مقبض الباب ، وبسهوله فتحته،
قالت: أرأيت ، لقد صدق طبيبك ، اه بالمناسبه ما اسمه ،اصطحبتنى اليه دون أن تذكر لى اسمه،
وقف برقوق مبهوت ، وهو يقول اسمه دكتور عاكف ، ولكن لم أتخيل انك يا استاذه ، بهذه السرعه توصلت لشئ حاول الطبيب أن يعرف مكانه ولم يصل اليه!
نظرت له بغضب وقالت : ماذا قلت ؟ هل انت وطبيبك تستغلونى للوصول لمآربكم،؟ قال : معاذ الله يا استاذه ، لم اقصد هذا ، ولكن كما قال لك ، أنه يحتاجك اكثر مما تحتاجينه ، هذا هو المقصد ، ام انك لم تستوعبى كلماته؟
قالت : انتظر لا تسبق الأحداث وتكلم بعد أن ننزل الدرج،سبقته بالنزول حتى فتحت الباب الاخر الذى تنتهى عنده السلالم ، فقال : عجيب هل هذا السلم فقط تم بنائه لهذه الغرفه فقط ، قالت : ادخل يا برقوق ، ام مازلت خائف؟
قال : لا لست خائفا بقدر اندهاشى ،غريب أنه المعمل الخفى ، لدكتور امين ؟ قالت معمل خفى ،وطبيب اخر ، ما الامر ؟ سابقا قلت انك تعرف كل قطعه بالقصر والان تظهر اندهاشك بهذا المعمل ،لا لابد ان افهم كل شئ ، والا سأقدم استقالتى واطلب من زوجى الرحيل عن هذه البلده، وأبدأ البحث انت وطبيبك عن غيرى، قال : حسنا لا تغضبى ولكن سأشرح لك كل شئ ، قالت : هات ما عندك ، وبصدق ،فهذه هى مهمتك الاولى ، قال : هذا القصر قبل أن يؤمم ، يملكه أحد الباشوات الكبار وكان له ولدين وبرغم ثرائه إلا أنه كان قاس عليهم فى تربيتهم ، حتى أنه سفرهم للخارج ، ليكملوا تعليمهم ، أحدهما كانت اهتماماته ، بالسهر والنساء وكان فاشل بمعنى الكلمه ، قد يكون فعله هذا ،ردا على قسوة والده ، أما الآخر فكان ذكى مهتم بدراسته ، ورث من والده القسوه ، و الذكاء ، وعندما توفى الاب ، عادا الاثنان ، الاخ الاكبر باع نصيبه فى القصر لأخيه الأصغر ، الذى أصبح طبيب ،
قالت : معنى هذا أن الشقيق الأكبر ،هو الفاشل ،
قال : بلى ،ولكن ظل بالقصر ، لم يتركه أخيه لعلمه أنه مستهتر ، وقد يتسبب فى تشويه اسم العائله ، ومرت الايام فلاحظ الاخ الاكبر واسمه سمير ،ان أخيه الطبيب ، خالد وهذا اسمه يختفى معظم النهار ، غارق في أبحاثه وعلومه ، لم يهتم برغم أن خالد سمح له باستخدام الجناح الذى أصبح مدرسه الان ، واشترط عليه ألا يدخل الجزء الآخر من القصر ، كل هذا مقابل أن يدعه يقيم معه ،ولكن سمير عندما كان بحديقة القصر ،يتريض مع كلبه المفضل شاهد أخيه خالد يدخل من باب الخدم ومعه فتاه صغيره، اول الامر تخيل ربما فتاه يساعدها أو أتى بها لتخدم فى القصر ، وانتظر طوال النهار ، ولكن لم يظهر خالد أو الفتاه ظن ،انها ربما ذهبت ، سأل الخادمه والتى هى بالمناسبه ؛ جميله التى ذهبت لها وكانت فى هذا الوقت فتاه فى الثامنة عشرة، وكانت دائما تتجنب سمير ، لعلمها بأخلاقه وعندما سألها عن الفتاه الصغيره ، قالت ؛انها لا تعلم شئ عن الفتاه ولم ترى اى فتاه اتت هنا ، تحير سمير ، ثم صرف نظره عن هذا الموضوع ، ولكن تكرر المشهد مع فتيات أخريات ، يدخلن دون أن يراهن احد مع أخيه ، ولا يعرف اى من خدم القصر عن وجودهن ، حتى أتى اليوم الذى واجه سمير شقيقه بهذا الأمر ، فى البدايه انكر كل شئ ، ودار بينهم حديث عنيف ،برغم أن سمير مستهتر إلا أنه لم يحب استغلال فقر وبرائة الفتيات، واستدعى جميله الى غرفته ، وهو يعلم أنها لا تدخل غرفته ابدا بل تتركها لخادمه أخرى ، ولكنها ذهبت إليه عندما وجدته فى حالة غضب ،خشيت أن يبطش بها ، ولكنه بلطف طلب منها أن ترتب اشيائه فى الحقائب لأنه سيغادر القصر ، ولكن ما هى إلا ثوان وقد حضر خالد وصرف جميله ، التى كانت تصيغ السمع من خلف الباب ، ولكن لم تفهم شئ مما قاله ، وبعد فتره ،وجدت أن سمير يذهب الى المكان الذى حرمه عليه شقيقه ، بل وكان يساعده ،،وفى أحد الأيام سمع كل من بالقصر ،مشاجره بينهما وتتخللها تهديدات من سمير بأنه سيكشف أمره ، وكما تعرفين الخدم فى تلك الأيام صم بكم عميل ، ولا أحد يجرؤ أن يفتح فمه ، وبعدها اختفى سمير من القصر ، والغريب أن غرفته كما هى ، برغم تأكيد خالد أن شقيقه سافر إلى أوروبا ، ولن يعود ،

اظهر المزيد

نهاد كراره

نهاد كراره محاسبة وكاتبة مصرية صدر لها كتب مشتركة مثل بوح الصحبة و قطرات مطر وكتب فردية نيسان الوجع مدن الفراشات الدمشوري وآخر حدود الحلم نشرة العديد من المقالات علي المواقع الالكترونية المختلفة كموقع قل مقالات اجتماعية وبعض القصائد العمودية والعامية علي المواقع الأخرى صدر لها عدد من القصص في جرائد مختلفة منها صوت الشعب و جريدة القصة وغيرها عضو مجلس إدارة لموقع الصحبة نيوز مدير تنفيذي لدار الصحبة الثقافية للنشررالإلكتروني
زر الذهاب إلى الأعلى