أدب و ثقافةالمقالات الأدبية

قراءة في ديوان (حديث النبض ) للشاعرة والكاتبة خديجة أبو ريدة. …

سامر المعاني / أديب من الأردن

المقدمة :
يعدّ كتاب (حديث النبض) باكورة أعمال الكاتبة والشاعرة الأردنية : خديجة أبو ريدة والذي تضمن ثلاثين قصيدة عمودية موزونة .
وهي كما تكتب الموزون تبدع في كتابة الومضة والشذرة والخاطرة والقصيدة النثرية، كيف لا ؟ وهي التي درست اللغة العربية برغبة شديدة ، وحب لفنونها، وهي المتمكنة من بحور الشعر ، ولها حرف قادر على أن يشكل هوية وصورة مستقلة وجميلة.

وقد قالت واصفة الحب والذوق معًا :

هِيَ قَهوتي في الصُّبحِ كَمْ ألقى بها
فَوْحًا لَذيذًا في صَباحٍ مزهر ِ

هُوَ جانِبي يَهوى مَذاقا قدْ حَلا مِنْ رؤيَتي لا مِنْ فُتاتِ السّكّر ِ

الهمسُ مِنْهُ “سَليلُ آل السّكر”
كمْ قدْ رَشَفنا مِنْ حَلاهُ المُسْكِرِِ

لم تكن الرمزية حد الإفراط والمبالغة ، بل كانت في المضامين الوطنية والاجتماعية تقترب من القلب أكثر ، وهي تكتب الحنين والتراب والشهيد ، كانت في لسان بوحها الأم والعاشقة لتراب الوطن ؛ فكتبت للأردن وفلسطين ، وأبحرت في الحديث عن القدس فكانت ابنة القضية وابنة الأمة.،
ارتقت ابو ريدة في أنثاها الشرقية في ترسيخ المفاهيم والقيم الإنسانية والأخلاقية فكان حرفها جريئا وقويا ولكن كله وفاء وحياء، وتطرقت لحياة الأنثى بكل تفاصيلها ومعوقاتها ،فكانت الحبيبة , ورفيقة الدرب ، والأم ،والمربية، والمناضلة بكل ما تستطيع من نبض وعمل.

وهذه الأبيات من قصيدة بعنوان ..( أتيت مع الشوق)

وَفي هَمْسي سَتَغْرَقُ يا حَياتي
مِنَ الإصباحِ حتّى …لِلمغيبِ

عَروبٌ زادَني الإحساسُ دِفئًا
وَ مِنْ خَجلَي أذوبُ مَعَ اللهيبِ

أنا بالوَصلِ لا أُخفي اشْتِياقي
وصوتْ النَّبضِِ..يعلو كالدَّبيبِ

تُبادِلُني المَشاعِرَ في ….عِناقٍ
وَتُنشي الرّوحَ في ضمٍّ عجيبِ

بِحُبِّكَ تَحتَويني دونَ وَعْيٍ
ألا فارأفْ بِحالي يا… حَبيبي

لَهيبُ الشّوقِ فينا قَدْ تَسامى
يُحِسُّ بهِ القريبُ مَعَ …الغَريبِ

سَنْطْفِئُ شَوقَنا بغيومِِ…..وَصلٍ
فَحرُّ الشّمسِ يُُطْفَأ….بالمَغيبِ

وبين عاطفة حب الوطن والمجتمع ترتقي قصائد الديوان في الشعر الوجداني والتأملي لتكون أكثر انطلاقا وخيالا؛ فتميزت باقتناص صور فنية مكثفة ومبتكرة تصور الحالة الحسية والمشهدية بأسلوب مبهر ومفردة متحركة، توظف اكتمال المعنى مما يدل على شاعرة عميقة وحصيفة تتنوع بالمضامين وتجيد التماسك والرشاقة في العمل الأدبي؛ مما يجعل القارئ متشوقا للتتابع في الانصهار بالقصيدة التي تمتلك عناصر النص الأدبي بكل اقتدار اللغة والموسيقى والصورة.
لم تسهب ولم تحجب أبو ريدة فنون البديع ، فاستطاعت ان توظفها بين الحين والأخر حيث استخدمت التمثيل والتشبيه والجناس والطباق والسجع والترادف ،كما استخدمت الاستفهام والاستنكار في مواطن عديدة.
ومن هنا ستجد نفسك أمام باكورة أعمال ناضجة تستحق الوقوف عندها لشاعرة وكاتبة سيكون لديها الكثير الكثير ما تقدمه للساحة الإبداعية من إبداعات وأفكار وأعمال جديرة أن تكون في المكتبة الأردنية والمكتبة العربية.

اظهر المزيد
زر الذهاب إلى الأعلى