
(قارئة فراجونار)
إعداد :- نها العمراني
ولد چان اونوريه فراجونار في جريس- فرنسا عام ١٧٣٢، وانتقل مع عائلته إلى باريس عندما كان لا يزال طفلاً صغيراً ، وفي أواخر فترة مراهقته درس مع أستاذين من أشهر الرسامين الفرنسيين في القرن الثامن عشر ، وهما جان سيمون شاردين و فرانسوا باوتشر. سافر إلى روما في ١٧٥٦ وبقي في إيطاليا لمدة خمس سنوات ، نسخ فيها العديد من اللوحات لكبار الفنانين الايطاليين ، ثم عاد إلى باريس وبدأت شهرته بعدما فاز بالجائزة الذهبية في المسابقة الملكية السنوية للرسم بلوحة عن اسطورة يونانية قديمة واعتبرها النقاد بمثابة إعادة إحياء لثروات التاريخ ، وامتدحوا ما له من خفة ومهارة في استخدام الفرشاة في مخططات الإضاءة الضعيفة ، و تمت الموافقة على قبوله في الأكاديمية الملكية كمدرس في عام١٧٦٥.
لم يكن چان اونوريه فراجونار رساماً فقط بل كان من أكبر صناع الورق في أوروبا فقد ورث عن أسرته منشأة صناعية ضخمة تختص بصناعة الورق والطباعة الفاخرة وعمل على تطويرها ومع ذلك كان من أكثر الفنانين غزارة في إنتاج اللوحات بحصيلة ٥٥٠ لوحة حتى وفاته ١٨٠٦.
لمدة نصف قرن أو أكثر تم تجاهله تماماً لدرجة أن كتاب تاريخ الفن لـ ويليام لوبكي المنشور عام ١٨٧٣ لم يذكر اسمه. ربما لأنه في هذه الفترة الزمنية لم تعد الطبيعة الرعوية والطبيعة على قمة اهتمام الفنانين وحل محلها الأنماط الكلاسيكية لحياة لقصور ومظاهر الترف والثراء والذي عرف بـ موضة ( الروكوكو) وهو ما انتقده الانطباعيين واعتبروه فناً تافهاً صنع لنيل رضا الأمراء والنبلاء.
بحلول عام ١٧٧٥ سقط أسلوب الروكوكو تحت وطأة مهاجمة وانتقاد المفكرين والفلاسفة له باعتباره تسطيح لقيمة الرسم وتقييد للخيال الإبداعي واقتصاره على نقل المشاهد وخصوصا التي تحوي عريا صريحا وتم استبداله في نهاية المطاف بالكلاسيكية الحديثة . ومع ذلك ظلت لوحات هذه الفترة هي الأكثر انتشارا عبر الطباعة والنسخ والأكثر شعبية عبر استخدامها في ديكورات المنازل الراقية.
اليوم ، يُنظر إلى فراجونار على أنه نموذج لفترة زمنية بريئة إلى حد ما قبل أن تقضي الثورة الفرنسية على الأرستقراطية و تبشر بعصر جديد من الديمقراطية. فقد عاش فنانو الروكوكو في فقاعة خاصة بهم ، تشبه إلى حد كبير الطبقة شديدة الثراء في عصرنا الحالي .
نستكشف اليوم هذه اللوحة اله الأنيقة لـ چان فراجونار
(القارئة الشابة – ١٧٦٩)
الموديل في هذة اللوحة تجسد أسلوب الحياة المثقف الذي يعتز به المجتمع الراقي في فرنسا عصر ما قبل الثورة. الهيئة العامة لها المتجسدة في كتاب صغير تمسك به في يدها اليمنى المتعرجة بدقة – الخنصر الممتد – يعكس رواج الروايات المحمولة التي ازدهرت بين النخبة في أواخر القرن. ضربات الفرشاة المذهلة لـ فراجونار هي موضوع هذه اللوحة نجده في التحديد الدقيق للوجه ، في حين أن فستانها وشرائطها والوسادة الوثيرة المحشوة بكثافة انجزت بضربات كبيرة ، قوية ، وغير مقيدة.الكتاب الصغير الذي تم رسمه بإيجاز. الفرشاة النابضة بالحيوية نجحت في جذب الانتباه إلى براعة وخفة فراجونار، وملأت لوحة بسيطة لقارئة بالكثير من الدفء والحياة.
الضوء الخفيف من أعلى يعكس لون وردي على وجناتها- والذي وصفه أحد النقاد بجلد الخوخ -ويلقي بظله على الوسادة والجدار. ردائها الفخم باللون الأصفر الأنيق المكسو برباط أبيض ،شكل الجسم والعنق والشعر المتماسك المرفوع لأعلى برباط وردي داكن كل هذا نقله اونوريه ببراعة. فقد استخدم فراجونار موديلاته أثناء ممارستهم أنشطتهم اليومية بدون تكلف كنقطة انطلاق لحياته الفنية. وأصبحت لوحاته في هذا المسار ذات شعبية كبيرة في فرنسا في القرن الثامن عشر.
جليسة اللوحة هنا تمثل نموذجا أصلياً للأنوثة المرفهة . شعر مصفف بعناية في عقدة جميلة، تجلس في وضع استراحة متأرجحة ، عدم وجود أدوات الكتابة يشير إلى أنها تقرأ للمتعة وليس لأسباب أكاديمية. ملونة بدقة في ثوب مشمس ورتوش دسمة تسلط الضوء على منحنياتها الناعمة. الخلفية المبسطة والتي تعطي مزيداً من التركيز على مظهر الفتاة الحميمي الأنيق. انسيابية المظهر العام للوحة يمثل النموذج المثالي لاستخدام طلاء الروكوكو. حيث يهدف إلى إرضاء العين، متجنبا المساعي الفكرية وإضفاء إحساس بالبهجة والدفء .تجعل المشاهد أن يتساءل عما تقرأه تلك الفتاة وما هو تأثيره على أفكارها وعواطفها. المزاج العام يجعل الصورة تأملاً للجمال والقراءة وتغذي التكوين بشعور منزلي مريح .
وقد ظهر نموذج الأنثى القارئة في العديد من اللوحات الأخرى مثل :
(Henri Fantin-Latour,Portrait of Mademoiselle Marie Fantin Latour1859
(Louis le Brocquy, Girl in Grey, 1939)
(Charles Joseph Frederic Soulacroix, Lady Reading,ca.1900)
(Mary Cassatt, Young Woman Reading,1876)
(Charles Edward Perugini, Girl Reading,1878)
(Delphin Enjolras, Young Woman Reading by a Window, date unknown)
المصادر:
١- ترجمة عن
https://www.nga.gov/collection/highlights/fragonard-young-girl-reading.html
٢- ترجمة عن
https://artsandculture.google.com/asset/young-girl-reading/JgFJCH9wxBktkg?avm=4
٣-ترجمة عن
http://artdaily.com/news/102624/Fragonard-s–Young-Girl-Reading–on-special-loan-to-Speed-Art-Museum#.XFBILrpRWEd
٤-http://www.art.gov.sa/t8785.html