المقال الاسبوعي

فنجان”هوس القمة”

بقلم/ منال سناء

فنجان قهوة مـــــــع ديدة☕
فنجان سنــوي.. لا يخلو بيت في مصــر
من اللغط فيه..
فنجــان معاناة تمر به الأســر المصرية
(ماراثون) بين أبناءنا طلاب وطالبات الثانوية العامة
…مبروك للجميع….
إليكم تفاصيل يوم الحفيدة والذي ازعج الجدة.
ذهبت الحفيدة يوم ظهور النتيجة إلى ديدة مبكراً جداً على غيــر العادة،وكأنها تختفى عندها؛ وجلست تفرك يدها بيدها متوترة لم تستطيع إعداد الفنجان عيونها زائخة يميناً ويساراً؛ وكأن ملك الموت واقف أمامها؛ هاربة من عدو؛ قلبها تسمع دقاته وكأنها مَدافع،روحها تنسحب رويداً رويدا تودع الجالسين؛نظرت ديدة لوجه الحفيدة الشاحب وشفتاها المسودة وعيونها الراحلة لعوالم خفية؛ شاردة الذهن فهمت ديدة أنها في انتظار نتيجة أولادها التوأم
(زين/زياد)

قامت ديدة وأحضرت القهوة ثم طبطبت علي يدها التي تحولت إلى قطعة ثلج وقالت: خير كله خير اطمئن؛ِ و أثناء رفع الفنجان؛جاء رنين المحمول، وسقط الفنجان وإنسال ما به من قهوة وحاولت تمالك أعصابها.
رددت: أيوه بجد،قول والله ثم اغلقت الهاتف وفرحت نصف فرحة
ديدة: طمنيني النتيجة خير صح لكن في كسرة ليه..؟
الحفيدة: ابداً (زين و زياد) نجحوا الحمد الله لكن المجاميع؛ زين حالفه الحظ بمجموع كبير ومُشرف؛ أما زياد لم يحالفه الحظ؛ المجموع ليس عالي.
ديدة: ألف..ألف..مبروك..ألف حمدالله
ماهذا أرى انكِ لا تختلفين عن كل من هم بنفس الفكر العقيم؛ ليس معنى أنهم توأم إذاً متشابهين في القدرات هذا أولا؛
ثانيا: هذه السنة ليست الإختبار الحقيقي لذكاء وقدرات الطالب بل هي بكل أسف الإختبار الخانق للأحلام، والمحبط؛ بل المفزع؛ لدينا و حصري في محافظات
مصــر.
لا تكوني من هؤلاء متجمدِ الفكر؛الضيقة آفاقهم،ينظرون تحت الأقدام؛ و تحركهم أقوال من حولهم؛ لا رغبات أولادهم.
ذكرتيني عندما نجح خالك من أكثر من (أربعين عاماً) كان حلم جدك أن يدخل الطب؛ ظهرت النتيجة مخيبة لحلم جدك حبس نفسه ثلاثة أيام لا يكلم أحد لا يقابل أحد.
دخلت عليه غرفته؛ وطلبت منه أن يفرح أبننا نجح؛ ليس معني أن الطب فات أصبح الولد فاشل، و خائب؛
فلا تنسى
أن مجموعه كبير.
لم يلحق بالطب ولم تكن هناك جامعات خاصة؛ دخل علوم،وتفوق وأصبح استاذاً ثم دكتوراً إلى أن وصل وأصبح عميد كلية العلوم؛ ويمتلك أكبر معامل تحليل ولم يكن أقل من أولاد الأعمام؛والخالات
هذا كان فكر زمن فات..
عجباً لكم تدعون التغيير؛ وتطالبوننا بالتغيير؛ بل نشعر أنكم مختلفين عنا، وفي لحظة ترجعوا للخلف…للوراء حيث فكرنا العقيم؛ ونظرتنا الضيقة أليس هذا وصفكم أجيالنا الأجيال القديمة.
أين التطور.. أين رياح التغيير..اين فكر الجيل الحديث، والثورة علي التجمد والتخلف..؟ أرى أمامي صورة جدك؛قفي وانزلِ و كونى وسط وبجانب أولادك احتفلي بهم ومعهم؛ و ابتعدي عن هؤلاء متجمدين الفكر والمحبطين حتى لا يبثوا داخلك الشجن والألم.
إملاءِ أرجاء البيت بالزغاريد واشتري شربات؛ قدميه لكل من يأتي للتهنئة؛إن كأس الشربات شعار الفرحة بالنجاح.
أحفادى … وقراء فنجان ديدة
نصيحتي البسيطة…أن تربية أولادكم واجب … ليس للتفاخر و التباهي
إغرسوا فيهم التميز من أجل بناء الغد المُشرق لا من أجل التفاخر أو شهرة
علموا أولادكم كيف يكونوا هم..
لا أنتم
عودوا أولادكم أن الممر الواضح الثابت المتين جواز المرور للنجاح.

أرجو أن يتعافى المجتمع من هوس القمة هوس كليات القمة طب، هندسة صيدلة؛ ودون هذا هم أقل؛ المجتمع يحتاج لإنسان قبل المهنة كل المهن في حاجة لها.
سائق إنسان خير من شخص جلس علي القمة لا يرى ولا يسمع ولا يحس ولا يهتم.
أهل القمة هم اُناس يعيشون من أجل خدمة مجتمع و بناء إنسان.
ليس القمة منصب إنه عمل وجهد، عطاء في أي مجال ومكان.نحن نفعل في أولادنا وأنفسنا الغرائب والعجائب؛نحن مرضى؛ و صَنعنا الفرعون والمُستغل؛
والله عيب ما يحدث؛ وما أرى من تجمهر طلاب أمام منازل المدرسين من أجل حجز الدروس للعام الجديد بل طوابير أمام مراكز الدروس الخصوصية”السناتر” ونرى إغماءات وسقوط أسور «بلكونات» بسبب الحشد من أجل حجزتلك الدروس عند “وحش الكيمياء”؛ “حوت الفيزياء”؛ “عبقري الفلسفة”.
تلك أسماء سميتموها لم نعرفها من قبل.
غير الرعب الذي يُحول حياة الطالب إلى جحيم والسبب…البيوت طوارئ؛ الإعلام أخبار تَبث القلق والتوتر؛ وتصريحات؛ و
أجواء اللجان والتشديد الأمني؛ بداية من وصول أوراق الأسئلة والإجابة ونقلها إلى اللجان؛ وبدء الامتحانات وسط إجراءات أمنية مكثفة؛وكأن الولد مُقدم علي حرب ليس إمتحان؛تري في محيط المدارس تجمع الأهالي للاطمئنان على أولادهم؛ حالة من التوتر ؛القلق، الخوف.
السؤال
لماذا أطلقت علي هذه السنة سنة تحديد المصير؛ الخروج من عنق الزجاجة؟
لماذا نتعامل مع هذه السنة بمقاييس ومفاهيم تختلف عن كل أعوام الدراسة؟انتبهوا… انتبهوا…
انتبهوا.. أيها السادة من هوس القمة
بقلم/منال محمد سناء

اظهر المزيد

منال سناء

" كاتبة مصرية " صاحبة أشهر فنجان قهوة في الوسط الأدبي " فنجان قهوة مع ديدة " الحفيدة/ منال سناء
زر الذهاب إلى الأعلى