
أشرف توفيق
المخدرات طريق اللي يروح
ما يرجعش!!
قالت مارجريت سنكلر:أنا لن أعود!!فقررت أن تذيب أحزانها وأوجاعها في (كتاب) فقد صدر منذ سبعة سنوات كتابها (بقلب مفتوح) والكتاب يحكي لوعتها وقصتها مع المخدرات. ففي “ألف ليلة وليلة” ثلاث طرق: السلامة والندامة واللي يروح ما يرجعش.. وتقول: ولم أعرف أن المخدرات هي الطريق الثالث اللي يروح ما يرجعش وأنا أختار من مذكراتها أو كتابها الجميل الرشيق الملئ بالدموع والصراخ ما يتعلق بإدمان هذه المرأة وتعلقها بالمخدرات، أي ما يتعلق بعذاب هذه الجميلة الرشيقة الذكية الغنية. إنها تقول: “المخدرات منتهى المهانة.. يكفي أن تنظر لي وتسمع حكايتي وتعرف شخصيتي لتتحسر وتعرف (آه) ومعناها..وتعيشها..وتشعر بها!!”وهي ليست هينة.. إنها أول سيدة أولى في التاريخ تتزوج وتنجب من زوجها رئيس الوزراء وعمرها 22 سنة!! وهي أيضًا ابنة لوزير سابق في الحكومة الكندية التي كان يرأسها “ليستر يدسون” وكانت الأسرة التي تربت فيها أسرة سعيدة،
عن:مرجريت سنكلر..وكتابها ” بقلب مفتوح”
فقد تزوجت من بيترودود رئيس وزراء كندا ويقولون عنها: “دخلت البنطلون الجينز ولم تخرج منه لأنها استطاعت أن تحافظ على رشاقتها حتى بعد أن أصبحت أمًا لثلاثة أولاد!!” وكان الناس يقولون هذه العبارة دائمًا:أنه رئيس الوزراء ترودود فمن تكون هذه السردينة أم بنطلون جينز؟ وكانت هي صاحبة العبارة التي رددتها بعدها بنفس الاستماتة الأديبة الفرنسية فرانسوا ساجان:”ابصقوا على المخدرات..ابصقوا أنتم أما أنا فآسفة لقد أدمنت!!”.سألها الرئيس بوتو “رئيس باكستان”: عن الأسباب التي دعت كندا إلى إلغاء عقوبة الإعدام، وردت عليه:”إنها موجودة فقط لمن يقتل أحد رجال الأمن” أما الآن بعد أن تركت زوجها وكندا وثلاثة أولاد بسبب إدمانها المخدرات والهيروين، فهي تدعو كندا لإعادة عقوبة الإعدام مرة أخرى ضد تجار المخدرات، وفي آخر سطور اعترافاتها تكرر: “لا أمل في أن أعود إلى زوجي، لا أمل فهذا شيء من وراء العقل ولن أخرج من هذه المأساة سليمة أو كريمة!! ويأتي السؤال:”كيف حدث ذلك؟! “وصلت المخدرات لزوجة رئيس وزراء كندا وخربت بيته ويتمت أولاده وأمهم حيّة نعم فوق ذلك وقف الرئيس “ريجان” رئيس امريكا السابق وأعلن هو وزوجته (نانسي) أن المخدرات أول وأخطر تهديد للأمن القومي الأمريكي.عرفت سنكلر، الحشيش والأفيون ويقال عرف عنها زوجها ذلك ومن قبله أبوها وأحس الجميع في منزل رئيس الوزراء بهذه الرائحة العطرية المميزة!! وكان لها علاقات وكثيرة وعالمية لأن زوجها في صبر أيوب لمركزه الحساس ولأن ثلاثة أولاد هي أمهم.. ولأنها إنسانة حساسة حاولت أن تتخلص من هذا الإدمان وتقول في كتابها: “شكوت للملكة (عالية) ملكة الأردن وراسلتها بعدة خطابات وأن نصائحها لها كانت صعبة التطبيق” واعترف لها الرئيس جيسكار ديستان بمشكلة المخدرات في فرنسا وقال لها جاك شيراك: في أسرتي واحد أدمن المخدرات وأمكن علاجه بتهديده بحرمانه من الميراث والطرد، وعندما قال لها الرئيس بوتو أنه أعدم في باكستان 200 مجرما سنة 1987 بسبب المخدرات، ابتعدت عنه وتركته وخرجت عن قواعد البروتوكول،فقد انتابها خوف أن يعرف ما تحت لسانها فيأمر بإعدامها ! وتقول مرجريت:أنها لم ترتبط في صباها بأحد الشباب مثلما تفعل الفتيات في هذا السن بفرنسا، لكنها تعرفت على مدرس بريطاني جاء إلى كندا للدراسة، وكانا يقضيان الأمسيات في النقاش والدراسة وسماع الموسيقى الكلاسيكية وأعجبت به حينما تولى الدفاع عن أحد الطلبة الذين أبعدتهم الجامعة لأسباب سياسية.وقد تعلمت مرجريت تعاطي المخدرات والحشيش والماريجوانا، وهي لا تزال طالبة في الجامعة، وفي أحد البيوت على حافة البحر،حيث النورس يتصارع فوق الرؤوس، وحيث تقضي ساعات تغني فيها وتستمع إلى الأغنيات المسجلة تقول:”كان من السهل أن تحصل على الماريجوانا، فقد كنا نزرعها في حدائقنا جميعًا، وكنا نشتريه بثمن بخس وبكميات كبيرة قادمة من المكسيك أو كاليفورنيا كنت ألتهم كل شيء: (الموسيقى والمخدرات، والحياة، ذات يوم تناولت مهلوسًا وقضيت ثمانية ساعات فوق شجرة أحسست خلالها أنني عصفورة ) .وذات يوم، وبعد أن التقيت ببير ترودود – الذي كان وزيرًا للعدل آنذاك – سافرت مع مجموعة من أصدقائي إلى المغرب وتقول: حينما وصلنا إلى أغادير بين جماعات الهيبز، كان أول شيء فعلته هو أن أجرت منزلاً من البامبو على أحد الشواطئ”،وتقول:”وكان عليّ أن أفعل مثلما يفعلون، أعزف الجيتاروآكل مثلهم،وأن ألقي بكل المبادئ المرتبطة بالحرية الجنسية والحياة،فلأول مرة عانيت من مضار السلام والهدوء والحرية الكاملة وتقول مارجريت: أنها من المغرب تعلمت كيف (تتعاطى الكيف) الذي يدخنونه بواسطة أنابيب طويلة من الخشب، كانت حياة سهلة هادئة،أحسست من جديد أنني مقيدة،وتتحدث عن عقار الهلوسة الذي تتعاطاه بأنها صعدت به “ببطء سلم التنوير الهلامي”، وتقول مرجريت: أنها عندما التقت بعد ذلك للمرة الثانية بترودود، بأنها أحست بالخجل قليلاً لأنها تركت نفسها تسقط صريعة لنزوات الهيبز، وكان كل ما يهمني هو أن لا أضع شيئًا على كاهلي وأنا أقابل رئيس الوزراء المقبل.ولا شك أن تجربة زواج مرجريت من بيير ترودود قد أبعدتها بصفة مؤقتة عن هذا العالم الضائع: ليس من السهل على فتاة هيبية ترتدي قميصًا هنديًا وتنورة ريفية أن تتحول في أشهر قليلة إلى سيدة كندا الأولى، فسرعان ما اكتشف أن فتاة العشرينات قد أصبحت امرأة عجوز عليها أن تفعل كل شيء بحساب.وحينما أصبح مركز ترودود حساسًا، فقد انتقل من وزير للعدل إلى رئيس وزراء كندا، قال لها خذي أجازة.. وقرري المخدرات أم أنا؟! ورغم هذه الفرص التي لا تحلم بها، ورغم أن ترودود وضع نظامًا دقيقًا يمنع وصول المخدرات لها، إلا أن داء الإدمان قد سرى في دمها، إنها تحب الماراجوانا، وهذا المسحوق الأبيض الهيروين وإنها تشتهي المخدرات كلها..كما تشتهي الطعام الحلو كله، وبدلاً من أن تفكر في هذا العرض ارتبطت بشاب أمريكي استطاع أن يمولها بما تريد من الصنف ؟! وانهارت حياتها الزوجية، وحينما قرر زوجها أن يدخلها مصحة للعلاج،انهارت أكثر وأصبحت تجاهر بشرب سجائر الماراجوانا بقصر رئيس الوزراء!!..ولما لم يجد رئيس الوزراء أملاً أصدر بيانًا يقول فيه: ( بناء على رغبة السيدة حرم رئيس الوزراء، فلقد انفصلا مؤقتًا ومن حقها أن ترى أولادها في أي وقت، والأمل في أن تعود إلى بيتها قريبا) ولكن حتى هذا الأمل انعدم تمامًا. إن هذا أمل كل أسرة خرج منها مدمن، والحقيقة أنها لم تعد. ..ولهذه العبارة أسمت كتبها فى عنوان فرعى – أبدًا لن أعود – أي أنه انفصال نهائي.. وكان وفي كل سطر من الكتاب تقف وتقول: (آه) وتتذكر الماضي وأيام العز، وتقول صدقوني لست سيئة إلى هذه الدرجة، ولم يصدقها أحد ..ونشرت صحف تورنتو صورة لها بالبيجاما البيضاء وتعليق يمس رئيس وزراء كندا في الصميم يقول:” ليلة بيضاء”!! ويقصدون ليلة “حمراء صهد” قضتها “مرجريت” ببيجامتها البيضاء مع المخدرات؟ ..وحاولت صديقتها القديمة التي قابلتها في المغرب وقضوا بعض أيام اللهو والشباب، إنها ياسمين أغا خان (ابنة ريتا هيوارث) أن تنقذها بطوق الشهرة، وفرضتها على السينما فيلمًا بعد فيلم، فلا تزال صغيرة وجميلة ورشيقة وتحب البنطلون الجينز، ولكن الهيروين هدها فلم تستمر ولم تفلح.وفيما بعد تعرفت على الفريق الشهير (الرولنج ستون) الذي يقوده المطرب “مايلي هاجز” وتعجبت منه أنه قوي ولطيف ولا يشرب أي نوع من المخدرات،مع أن باقي الفريق يفعل ذلك وقال لها: أن صحتي وصوتي رأس مالي، والمخدرات والخمر ضد ذلك!! وقالت له كلاما صعبا، فأنا لا أستطيع ذلك، ثم أن باقي أفراد الفريق يفعلون ذلك وهم مثله بصحة جيدة وصوت جيد، وقال لها أنا أنظر للمستقبل وهم لا ينظرون إلا للحظة،..وبكت!! وقررت الانفصال النهائي عن زوجها. إنه متدين منظم،وهي مدمنة بهيمية، ثم أنها قد اختارت أحد طرق “ألف ليلة وليلة” “سكة اللي يروح ما يرجعش..ما يرجعش”، ولذا فإنها لن تعود – لا تستطيع – ولا تريد.وفي هذه المذكرات أو الاعترافات، تحدثت مرجريت عن علاقتها بالمخدرات أكثر من أي شيء آخر حتى أولادها وزوجها، وتقول أن الجاه والأبهة ليس جديدًا عليها، أو أنها لم تعرفها إلا باقترانها بزوجها ترودود رئيس وزراء كندا، ولكنها ابنة لوزير سابق في الوزارة الكندية التي كان يرأسها ليستر، وأنها ضحية هذا المجتمع الذي يعطي الجاه ولا يعطي الحنان، ويمنح الأبهة لتكون بديلاً عن القرب الأسري والاحتواء الأبوي، ولذا نشأت وهي تشعر كما تقول: “كنت الولد الوحيد للأسرة – حتى الوقت الذي كانت فيه شقيقاتي مقترنتان وناجحتان في عالمهما – كنت أعيش منفصلة” وهي ترى أن هناك سببين لطلاقها من زوجها وعدم توبتها: المخدرات والصحافة!! فتذكر حادثتان كانتا وراء قرار بأنها لن تعود!! الأولى: في زيارة رسمية للبيت الأبيض، تتقول: (كان لقاؤنا الأول مع جيمي كارتر وعائلته لقاءً (غير رسمي) لذلك جاء سهلاً خاليًا من التعقيدات ومن عيون المراقبين، أما حفل العشاء الرسمي، فقد كان كارثة، لقد حرصت قبله على أن أظهر في أحب فستان إلى نفسي، وقد كان ثوبًا أبيض اللون مرصعًا باللؤلؤ يرتفع ذيله عن القدم ثلاث بوصات (ولم أكن اعرف أن الجوارب التي وضعتها كانت مثقوبة). وطلعت صحف الصباح لتقول: (مدام ترودود وأخطاؤها المعتادة!! مارغريت فعلتها ثانية). فقد كان ردائي، كما اتضح لي، كارثة فظيعة! فكيف أجرؤ على دخول البيت الأبيض برداء لا يلامس الأرض، وفي جوارب بها ثقوب؟)..وذهبت لأعتذر لزوجة الرئيس جيمي كارتر، روزالين وأخبرها أنني لم أكن أقصد على الإطلاق عدم الاحترام، وقد وجدتها ضائقة أكثر مني من رد الفعل الإعلامي وساخطة على الصحافة وشعرت بأنني أبدو أكبر منها وأكثر خبرة في تلك الأمور عندما قالت بكل جدية: (لن أسمح من الآن وصاعدًا أن تنشر الصحف وصفًا لأزياء الضيوف من السيدات أثناء حضورهن إلى البيت الأبيض) إلا أنني أخبرتها أن شخصي وليس ردائي هو سبب ذلك الهجوم الصحفي الذي استهدف تجريحي، وليس انتقاد أزيائي.أما الثانية، فتقول عنها مارجريت ترودو: ” والحقيقة أن حياة رولينغ ستونر كانت معكوسة، فنهارهم ليل وليلهم نهار! وجلسنا نحتسي الشمبانيا ونلعب (الطاولة)، وندخن (الحشيش)، كان الجو مرحًا، وكنت أنا في غاية السعادة بانضمامي لهذا الجو،وغادرت تورنتو في اليوم نفسه إلى نيويورك،وهناك صدرت تعليقات الصحف: (مارغريت تسير في ممرات الفندق بالبيجاما،جنس وسكر وعربدة في جناح زوجة رئيس الوزراء، كما نجح أحد الصحفيين،وكان يبيع قصصه لصحيفة دايلي إكسبريس اللندنية في أن يصطادني في حديث هاتفي ذكرت له فيه اننى لم أعد أطيق حياتي الرسمية، ولم أعرف أنه كان يسجل الحديث، وأنه باع الشريط المسجل بعد ذلك في جميع أنحاء العالم، وظهرت صورتي للجميع عن أنني الزوجة التي يمكن لها أن تذهب إلى أبعد مدى كي تهرب من زوجها”.) ولكن أعجب ما جاء في مذكراتها أو كتابها “بقلب مفتوح” كيف أنها كانت تستطيع أن تخدع الطبيب المعالج..وكيف أنها كانت تستطيع إقناع طبيبها بكل ما ترى كنوع من العلاج،وهو يستسلم!! والغريب أن الطبيب أصدر كتاب عن المدمنات، وكيفية علاجهن ، دوٌن أشياء كثيرة فيه عن علاجه “لمرجريت سينكلر”وكيف نجح معها؟!