أدب و ثقافةروايات و قصص

صهر الحديد

أمل زيادة

في أحد المنازل الريفية على حدود مدينة غزة
وقف شاب فلسطيني عشريني عربي القسمات عيونه واسعة مكحلة طبيعي وشعره أسود ناعم وتتوسط جبهته بقعة سوداء عريضة من أثر السجود له شارب خفيف نحيف الجسد متوسط الطول قمحى اللون مع أحد القيادات المحسوبة على المقاومة من حركة حماس ؛ وأحد قادة كتيبة عز الدين القسام قائلاً بحماس : أنا مستعد .
وقف رفاق الشاب بجواره وهم يلفون حول جسده حزام ناسف
وهم يتلون عليه بعض الآيات القرآنية مبشرين إياه بالجنة ونعيمها
والشاب الذي لم يتجاوز العشرين عاماً متقبل الأمر بصدر رحب وإبتسامته لا تفارق وجهه
وبعد أن صار جاهزاً ..
وقف أمام القائد الذي لم يكن سوى رجل فى أواخر العقد الرابع من العمر ويلتحف بعباءة صوف ويلف حول رقبته شال المقاومة الشهيرالابيض والأسود وقد تخللت لحيته الشيب رغم شكله الصغير مقارنة بعمره الحقيقي
قائلاً : سيدي
نظر إليه أبو علاء قائلاً بلهجة مطمئنة :
لا ينشغل بالك يا ولدي على عائلتلك ؛هم تحت رعايتنا .
هز الشاب رأسه قائلاً برضا تام بقضاء الله وقدره : أنا وأهلى فدى القضية يا سيدي أبو العلاء
وانحنى يطبع قبله على كف أبو العلاء الذى مرر يده على رأس الفتى قائلاً : جزيت خيراً يا ولدي .
مر بعض الشباب المجاهدين الواحد تلو الآخر بعد أن أصطفوا فى طابور منتظرين دورهم لتقبيل قائدهم وكلهم أمل فى نيل مباركته لهم ..
وظلو على هذا الحال برهة من الوقت و
وهم يقبلون رأس ابو العلاء الذى كان يشد على أيديهم بقوة قائلاً : بارككم الله يا شباب
ثم توقف أمام أحد الشباب الأكبر سنا ًبينهم قائلاً بلهجة آمرة : لا أريد أية أخطاء .. يرسل التسجيل لقناة الجزيرة عقب التفجير مباشرة وللجزيرة فقط .. حققنا نجاحاً ملموساً بفضل عملياتنا الأخيرة وتم الإفراج عن **200 معتقل من أبطالنا ممن كانوا آسرى سجون بني صهيون . (معلومة حقيقية )
هز الشاب رأسه قائلاً: كما تؤمر سيدي ..
في حين أصطحب الشباب جهاد الشاب الفدائى .لغرفهمجاورةمعدةلتسجيلهذهاللحظات
وقف الشاب وهو يضع على جبينه شارة كتيبة عز الدين القسام الخضراء المكتوب عليها الشهادتين وهو يرتدي الملابس العسكرية المموهة وخلفه علم كبير أسود يغطى الحائط مكتوب عليه لا اله الا الله
ووقف اثنان من رفاقه خلف الكاميرا يصورونه وهو يلقي بيان من ورقة وهو ينسب العملية الانتحارية إلى الكتيبة ونصف الشريط الآخر وصيته لإهله وسط خلفية من أناشيد حماسية دينية :
تردد بحماس
(إلى جنة الله زفوا الشهيد .. وحيوا الشهيد بأغلى نشيد
إلى المجد قد سار في همة .. فنال الأبي جنان المجيد
لدى الله حي ولا لم يمت .. بجانب بحور الجنان سعيد
فلا تحسبن الشهيد بميت .. فما الحر منا كمثل العبيد
أخي صانع المجد ها قد ربحت .. أهنيك يافخرنا من جديد
وعهدا سنمضي كما قد مضيت .. وعن نهج دربيك لا لن نحيد )
ما إن فرغ من تسجيل تلك اللحظات ساعده رفاقه بنزع الحزام الناسف ثم أصطحبه أحدهم لإحدى الغرف النائية فى نفس المنزل بأنتظار الميعاد المحدد للتنفيذ .. كانوا يتعمدون تركه مع نفسه لمدة يومين أو أكثر يقضيهم فى الصلاة والصوم وتلاوة القرآن وبمعزل عن أي أمر دنيوي .. كتأهيل نفسي وزهد في الحياة .. بعيداً عن أي مؤثرات عائلية أو شخصية أودنيوية ..
غير مكترثين لأمر يسمى الخوف من المجهول من الموت واثقين أن لديه عزيمة الرجال والجبال التي لن يؤثر فيها اعتى الشيايطين بوساوسهم .رغم تسلل جزء يسير من الخوف الى قلب الشاب لكن التزود بالادعية والصلاة شحذ قواه وعاونه على الانتصار على تردده .
وبعد يومين على الأكثر ..
قاد جهاد سيارة محملة بإسطوانات غاز وبالقرب من أول معبر على الحدود التي تفصل قطاع غزة عن بلدية عسقلان توقف بسيارته بأنتظار تفتيش السيارة ؛ كان يقف فى المعبر أربعة جنود أثنين يفتشون السيارات والآخرين يفحصون الأوراق وتصاريح المرور و..
وقبل أن يقترب أحد الجنود من السيارة التي يقودها الشاب كاشفاً عن حمولة السيارة ضغط زميل له مراقباً للموقف من على بعد على ريموت مفجراً السيارة بمن فيها في نقطة التفتيش بالكامل فى مشهد مرعب وسط تواصل إندلاع السنة اللهب التي زادت فى التوهج مع إنفجار كل أسطوانة غاز بمجرد أن طالها اللهب بسرعة مذهلة مخلفاً دمار اً كبيراً .. وفي نفس الحظة كان احد رفاقهم يقومبالتصويرمن فوق إحدى التلال المجاورة لنقطة التفتيش .. وهو يردد الله أكبر الله أكبر ..
وأنقلبت الدنيا رأسا ًعلى عقب على خلفية هذا الإنفجار وبدأت حملة مداهمات وإعتقالات موسعة للشباب في القطاع خاصة في عسقلان ….
….
دائماً ما
تقوم الحروب بين البشر لإسباب كثيرة لكن أعتى الحروب ما كانت لسبب عقائدي . وتدرون أن العلمانية في المجتمعات العربية خرافة (فزاعة ) تستخدمها الجماعات الدينيية لشق المجتمع ضد بعضه . وتذكروا أن العلم والثقافة أكبر عدو لنا ؛ أغرقوهم في بحور من السطحية والجهل تصلوا لهدفكم بسهولة ويسر .أخيراً الانسان بطبيعته يميل للانانية والانسان العربي تكوينه بالفطرة أناني يقدم مصلحته الشخصية على أي أمر آخر مهما كان ..

اظهر المزيد

نهاد كراره

نهاد كراره محاسبة وكاتبة مصرية صدر لها كتب مشتركة مثل بوح الصحبة و قطرات مطر وكتب فردية نيسان الوجع مدن الفراشات الدمشوري وآخر حدود الحلم نشرة العديد من المقالات علي المواقع الالكترونية المختلفة كموقع قل مقالات اجتماعية وبعض القصائد العمودية والعامية علي المواقع الأخرى صدر لها عدد من القصص في جرائد مختلفة منها صوت الشعب و جريدة القصة وغيرها عضو مجلس إدارة لموقع الصحبة نيوز مدير تنفيذي لدار الصحبة الثقافية للنشررالإلكتروني
زر الذهاب إلى الأعلى