أدب و ثقافةروايات و قصص

شيماء 2

هناء مطر

#شيماء
2
في تمام الساعة السادسة صباحا رن المنبة واستيقظت كعادتي ولكنني هذه المرة ظللت في فراشي لم أتحرك …لا أريد الخروج من منزلي بل لا أريد الخروج خارج غرفتي وكأنني أختبأ من نظرات الناس….مللت من التعامل معي على إنني رجل، مللت من قتل أنوثتي ….أنا فتاة

انتفضت من فراشي وتوجهت للحمام …ظللت أنظر لوجهي في المرآة …أعد خصلات شعري البيضاء…أتحسس بيدي على وجهي وأحيانا أغمض عيني واتنهد وأقول ااه

خلعت ملابسي ووقفت تحت الماء لا أتحرك فقط أبكي وأقول أنا إبنة حواء…. امتزجت دموعي مع قطرات الماء التي تسقط على جسدي ولكنها لم تغسل روحي ولم تنطفئ بداخلي حمم البركان

أرتديت ثوب أحمر قصير يلتصق بجسدي ويكشف صدري وتركت شعري ينسدل على كتفي ووضعت أحمر شفاه ووضعت طلاء أظافر ثم توجهت للمطبخ و أعددت قهوتي المُرة كعلقم حياتي الجرداء

قررت الغياب من عملي اليوم ولا أريد الخروج من منزلي بل قبري هذا ولا أريد مقابلة الناس.. هنا فقط أشعر بأنوثتي وأرتدي ما أشاء دون خجل من أحد ودون خوف من كلام الناس …نعم أهرب من نظراتهم …أهرب من كوني لست جميلة كباقي النساء.

أعددت الفطور بيض وعسل أبيض وجبنة وقطع خيار…جلست على مائدتي وحيدة …أتخيل لو كنت متزوجة الآن…هل كان زوجي سيُقبلني؟!…هل كان سيطعمني؟!….هل كان سيدللني أم يهرب من وجهي ؟!

حقا الرجال يعشقون فقط الجميلات

أحيانا يجن عقلي وأغلق جميع النوافذ والأبواب و أخلع ملابسي وأظل عارية وحدي في بيتي أنظر لجسدي وأبكي لِمَ لا يعشقني أحدهم و لِمَ لا يرون أنوثتي هذه؟! ثم أتنهد وأرتدي ملابسي وأقول لنفسي لست رجلا مسجون في جسد فتاة

فتحت التلفاز على قناة تذيع أغاني فقط وظللت أرقص و أرقص وحينما أشعر بالتعب أجلس وأشرب ماء ثم أبكي وأضحك وأقول لنفسي: لقد جن عقلك ياشيماء

الساعة الثانية عشر ظهرا رن هاتفي الخلوي … من يسأل عني غيرهم ؟!..وضحكت ضحكة استهزاء قلت حتما يريدون أن أساعدهم في حمل الأطنان أو أعد لهم الشاي كعادتي كل يوم …ههه من سيفتقدني ومن سيشعر بي غير العمال؟!

لن أرد على هاتفي اليوم بل سأغلقه أيضا ولا أريد التحدث مع أحد …أريد الخلوة فقط بشيماء

الساعة الثالثة عصرا رن جرس الباب….ركضت بسرعة إلى غرفتي وأرتديت عباءة سمراء وغطاء رأس أسمر …لا أريد أن يراني أحد بثوبي الأحمر …ثم قلت من بالباب؟!

سمعت أصواتهم خلف الباب …إنهم أشقاء العمل …ماذا أفعل الآن؟!

ظللت خلف الباب أسمع مايقولون …عم مدبولي يقول:أنا قلقان عليها أول مرة تغيب من الشغل كده وقافلة تليفونها يارب تكون بخير خبط يامحمود يابني تاني كده دي كمان مش بترد على جرس الباب

محمود يطرق الباب بشدة ويقول :شيماء أنتى جوة ولا اية ومش عاوزة تفتحيلنا؟!

عم مدبولي: رن يابني على تليفونها يمكن فتحته
محمود: الست بتاعة الرقم مغلق الآن زهقتني وتليفونها لسة مققول

ماذا أفعل الآن؟!
لن أفتح الباب

عم مدبولي : محمود هنكسر الباب البت دي أمانة في رقبتنا من بعد موت أمها الله يرحمها وهي زي بنتي أنا قلقان عليها أكسر الباب
محمود:ميصحش ياعم مدبولي نكسر الباب

ماذا أفعل؟!… لابد أن أفتح لهما ولكن ماذا أقول لهما وأين كنت ولمَ أغلقت هاتفي؟!

وفتحت الباب

أهلا ياعم مدبولي أهلا يامحمود اتفضلوا

_أية يابنتي خضتينا عليكي قافلة تليفونك لية وكل ده مش سامعة الباب؟!
إحنا قلقانين عليكي في الشغل أنتي بخير؟! قالها عم مدبولي

قلت له :اتفضل أدخل بس ونتكلم مش نتكلم كده على الباب

دخل عم مدبولي ومحمود ظل صامت ولكنه ينظر لي نظرات لم أراها من قبل

غرفة الجلوس بها نافذة تطل على الشارع وصينية بها أواني فخارية (قُلل قناوي)ومقاعد خشبية(كنب) وعليها مفارش مزخرفة بزهور لونها أحمر و فوقها مفروش أقمشة بيضاء ومنضدة خشبية أضع عليها الشاي للزائرين وسجادة حمراء والتلفاز ولون الجدران أزرق وبه أثار الترميم من الأسمنت

وقدمت لهما الشاي
خير يابنتي مالك؟!قالها عم مدبولي
_أبدا راحت عليا نومة والتليفون نسيت أفتحه
ظل محمود يتفحصني بنظراته وحينما لاحظ طلاء الأظافر شعرت بالخجل و ارتبكت وخبأت يدي منه وشعرت بقلبي يرتجف
المهم اطمنا عليكي يابنتي عموما ارتاحي انهاردة وبكرة وافتحي التليفون وهابعتلك أم العيال تطمن عليكي أنتي بنتنا ياشيماء ..قالها عم مدبولي

_يلا يامحمود نقوم ورانا شغل في الوكالة
=ما لسة بدري اشربوا الشاي الأول
لا نسيبك براحتك تكملي اللى كنتي بتعمليه واضح إنك مشغولة وإحنا عطلناكي ..قالها محمود وهو يرفع أحد حاجبيه

لا أعلم لِمَ لم أشعر بمحمود ونظراته سوى الآن ولِمَ يتحدث معي هكذا؟! …لا لا يا شيماء فوقي محمود هيبصلك على أية؟! وانصرفا وقد سكنتني وتملكتني ظنون الشيطان…

#يتبع

#هناء_مطر

اظهر المزيد

نهاد كراره

نهاد كراره محاسبة وكاتبة مصرية صدر لها كتب مشتركة مثل بوح الصحبة و قطرات مطر وكتب فردية نيسان الوجع مدن الفراشات الدمشوري وآخر حدود الحلم نشرة العديد من المقالات علي المواقع الالكترونية المختلفة كموقع قل مقالات اجتماعية وبعض القصائد العمودية والعامية علي المواقع الأخرى صدر لها عدد من القصص في جرائد مختلفة منها صوت الشعب و جريدة القصة وغيرها عضو مجلس إدارة لموقع الصحبة نيوز مدير تنفيذي لدار الصحبة الثقافية للنشررالإلكتروني
زر الذهاب إلى الأعلى