شيطان الضمير
ليس مُذنب من ترك الحلال أحيانًا.. بل الذنب الحقيقي هو الإجبار على اعتناق الحرام ومن ثَم يُصبح مُذنب ..!!!
عودها الحلال أن تبكى، وعودها الحرام أن تأكل .. وحين سألت نفسها أيهما أشهى للنفس ؟؟ بكاء مع جوع أم طعام مع وخزه ضمير .. ردت :
وجدت في الحلال أشواك تلدغني.. فهو كجبل شاهق بمنحنيات مسننة لم استطع تفاديها وأصبحت أنفاسي تندثر بين ضلوعي .. تختنق .. فلن احتمل .. فانسحبت من شقاء الحلال .
تعلم أن ماله حرام ورغم ذلك تأخذه تقتل ضميرها حتى تعيش تنتابها الكوابيس والتهيؤات لمستقبل قاتم محظور التفاؤل لما ارتضته على نفسها وأولادها منذ الهروب من حياتها العقيمة التي لم تجنى منها سوى تمزق نياط قلبها..عاشت عشر سنوات تُكيف نفسها على أمور سكبت بقلبها الانكسار وتجاهل المَهانة اليومية، سَكنت أيامها الكوابيس
بداية خطيرة حين تأكدت أنه ليس مُنافق فقط بل مُجرم محترف قد يسرق أو يمحي إنسانية مترقبة … فصدمتها هي المغزى من تغيرها للأبد !
تهيؤات حين أرادت الموت جوعًا ولا إهدار كرامتها المُبجلة. حقيقة حين طالبت أخيها بالطلاق من فاسق مثل زوجها، الوضع ليس سهلاً ليوافق هذا الظالم أن يبعدها عن فك أنيابه فهي غريزة مُفرطة يشتهيها بشدة … عِراك متبادل، و ألسنة تتفوه بأقبح الألفاظ والأخ ليس بالهين فهو كمقاتل مغوار يريد لأخته الفرار من هذا السافل سارق ماله دائماً..والأخر بدأ يظهر مؤامرات ضدها، وأحيانا يظهر كالوديع المتفاهم لينالها تحت عباءته من جديد؛ وهى تحملت لعشر سنوات شهدت جميع حالاته العَكِرة، الدفينة؛ وحالات صفوة المتناقضة ..
فهمت أخيراً أن لا فائدة منه .. فلن يكون مثالي يومًا أو مستقر الحال على الأقل بل سيظل هكذا أحمق، سارق ، و مُبتز للغير .. فرفضت الحرام ..!!
والتف النسوة حولها وبدأ صراع طويل كي ينفك أسرها بين إلحاحهن لتُفكر من جديد فالأبناء أهم من رعاية إنسانياتها المحطمة وهى لازالت تبكى على براءتهم الضائعة ..لم ينجدها سوى أخيها المنقذ الذي ظهر وسطهن يحفزها لترك المُنحط ، تفاءلت لأول مرة وارتاحت لوجوده يساندها في محنتها بينما المحنة الحقيقية في رفض الواقع المرير الذي لم تستطع المثول أمامه إلى الآن !!
وتم انفصالها بعد معاناة رأت مغادرة ودها أسهل علي الجميع من مشاركتهم في خراب بيتها ..
وأين السبيل للحلال ؟؟ وهى وحيدة .. بائسة بلا مال ..
وفهمت أن بين الحلال والحرام أسلاك شائكة تصعق من يقرر الاختيار .. وكيف تصعق من يسير حلالا؟؟!! لا تعلم … بل تعلم الآن بعد اقترابها من الحلال أنها بصحراء لا ماء فيها ولا هناء .. فهل تعود إلى الحرام ؟؟ فهم يبكون جوعا وعليها الاختيار بينهما وعليها تحمل جفاء الحلال أو تصمد أمام لسعة خطايا الحرام ..وأين الاختيار وليس لديها خيار .. ولم يتبقى سوى أخيها الذي يمنحها المال وهى تعلم أن ماله حرام ورغم ذلك تأخذه تقتل ضميرها كي تعيش تنتابها الهموم والمخاوف على أبنائها فمن ينبت من حرام فهو هالك والهلاك بين كوابيسها ، والكوابيس بين آفات الحرام وأشواك الحلال لا تنتهي .
حينئذ سيهمس شيطان الضمير العابث أمامها يُهدأ من روعها حين ترى الأفواه الباكية تهتف :
لديك كل المبررات لتقبلي بالحرام …
