أدب و ثقافةروايات و قصص

سيد المرآة

أحمد سعيد

أحمد سعيد…يكتب
سيد المرآة

السيد الذي ظهر فجأة في مرآتك، لم يكن غريبًا عنكَ، حدقتَ به جيدًا، لكنك لم تعرفه، لم تتضح ملامحه في ذاكرتك.. صوته صوتك غاضبًا، ونظراته نظراتك حانقًا.. إنه أنت.
لا يمكن تذكر متى رأيته أول مرة، أو متى قفز في الحوار بينك وبين صديقك، أو حينما ظهر وأنت في منتصف الشارع، فلكم الرجل البَذِيء، وطرحه أرضًا.
لا يمكنك الإحاطة بأسرار العالم، في الحقيقة لن تفيدك معرفة سر بناء الأهرامات، أو فك لغزِ مثلث الاِختطاف، أو معرفة ماذا يحدث في الثقب الأسود.
السيد الذي كتب خطابًا لكَ، ووضعه على سطح مكتبك، لم تلحظ بأنه نفس خطك، ونفس طريقتك في الكتابة، ظل يعنفك لتركك إياها، وأنك حزمت حقائبك فجأة دون أن تلومها، أو تودعها على الأقل، ظل يردد كلامه السخيف، لم يلحظ دموعك التي تساقطت وأنت تقرأ الخطاب.
يصرخون بك: العالم ينهار! ولا تعرف ماذا تصنع لهم، عليك أن تنسل من بينهم، وتمكث أعلى الجبل، منتظرًا خلاصٍ أخير.
في البديء كان انهيارًا عظيمًا، ودخانًا كثيفًا يحجب الرؤية.. وجاء الخلاص، أرضٌ جديدة، وقمرٌ يتعبد في فلكها.
السيد الذي ودعك قبل الذهاب، ظل يربّت على كتفيك، وينظر إليك ممتنًا لصنيعك الأخير، لكنه في اللحظة الأخيرة، أقسم عليك بأن تعاود الاِتّصال.. لم تكن تعرف بأنه أنت.
إن تألم تألمت، وإن أصابه شعاع الوجع توجعت.. فَسَكِّنْ ألمه، واحمل مظلةً فوق رأسه، وأعد له حبيبته.
السيد الذي جاء من جديدٍ.. وجهٌ بشوشٌ، وملامح طيبة، لم يكن يخفي عنك شيئًا سوى أنه عندما رَحَلَ جَاءَ، وعندما طَمَسَ ألغازَ العالم مُنح عقلًا يرى ما خلف الحُجب.
فَكُنْ معه أول النهار، وكُنْ معه آخره.. السيد الذي غير العالم لم يكن سواك؛ فاتركه خارج المرآة، وصافحه بحرارة.

أحمد سعيد

اظهر المزيد

نهاد كراره

نهاد كراره محاسبة وكاتبة مصرية صدر لها كتب مشتركة مثل بوح الصحبة و قطرات مطر وكتب فردية نيسان الوجع مدن الفراشات الدمشوري وآخر حدود الحلم نشرة العديد من المقالات علي المواقع الالكترونية المختلفة كموقع قل مقالات اجتماعية وبعض القصائد العمودية والعامية علي المواقع الأخرى صدر لها عدد من القصص في جرائد مختلفة منها صوت الشعب و جريدة القصة وغيرها عضو مجلس إدارة لموقع الصحبة نيوز مدير تنفيذي لدار الصحبة الثقافية للنشررالإلكتروني
زر الذهاب إلى الأعلى