
Ω 15 Ω
دخل قائد الشرطة على “سعيد فاريان ” في خلوته وهو عابس الوجه :
-لم يستطيعوا النيل منه .. لقد حالت الأمواج الهائجة بينهم و بينه و بالكاد إستطاعوا العودة ..
إستشاط “فاريان ” غضبا وهو يقول :
-تبا ..كان يجب أن ينالوا منه .. لن نستطيع الوصول إليه بسهولة الآن ..
فأطلق القائد زفرة حارة قبل أن يقول :
-لقد بذلوا ما في وسعهم .. و لكنه حظ عاثر ..
فسرت قشعريرة باردة بجسد “فاريان ” عندما داعبته فكرة رهيبة , و بعد لحظات من الصمت قال في إرتباك :
-هل نذهب إليهم ؟
فعقد القائد حاجبيه و هو يقول في توتر :
-الأمر يعود إليك .. كما تريد .
صمت “فاريان ” و هو يفكر في الأمر .. يجب أن يقدم لهم شيئا ثمينا ليقبلوا مساعدته .. فلو لم يعجبهم حديثه , كان في ذلك هلاكه المبين .. ما يعرفه عنهم أنهم منعزلون عن بقية الجزيرة في معبدهم فوق جبل ” البعث ” عند أطراف ” رامستان ” .. كان السلطان يجزل لهم العطايا ليقودوا جنوده إن حدثت الحرب .. السلطان ذاته يخشاهم ..فهم فصيلة من الشياطين سكنت الأرض و برعت في إستخدام أدوات الحرب و السحر ..لا يشق لهم غبار في المعارك .. حتى أنه يقال أن خمسة منهم قاموا بالقضاء على مئتين و خمسين جنديا روميا في البحر الأعظم حاولوا الإستيلاء على سفينة تقلهم .. و كان الجنود في طريقهم إلى إحدى المعارك كإمدادات .. فصار الخمسة كالأشباح يتقافزون من سفينة لأخرى يقتلون العشرات و العشرات من الجنود في دقائق معدودة ..لم يدرك حتى الجنود من خلالها ما أصابهم .. و تركوا السفن تصل إلى المعركة محملة بالجثث ..بدلا من المدد ..
” ماذا قررت ؟ ”
إنتبه “فاريان ” من شروده و شعر أنه في مأزق فعلي .. و لكن لا مفر :
-سنذهب إليهم .. و ليكن الله في عوننا جميعا ..
********************
16 Ω
كان الملك “شربان ” يجلس على عرشه و علامات التوتر و القلق بادية على وجهه , و كان حوله مستشاريه في صمت يراقبون ملكهم قبل أن يقطع أحدهم حبل الصمت بقوله :
-لا تقلق يا جلالة الملك .. سينجح بإذن الله ..
فتنهد الملك قبل أن يقول :
-الوقوف ضد الكاهن ليس بالأمر اليسير ..فما بالك بتجاوزه لجبل “النار ” ؟
فقال آخر :
-لقد كانت رؤياك أيها الملك ..أنت من رأيت ذلك الفتى يواجههم ..
فقال الملك في شيء من عدم الثقة :
-نعم لقد رأيته يواجهه .. ولكن لم أره ينتصر عليه ..سيكون لديه من الشجاعة كي يواجه ذلك الطغيان ..ولكنه ليس لديه من القوة ما يجعله يتغلب عليه و يتجاوزه .. قد تكون نهايته .. وهو في البداية و النهاية مجرد بشري بسيط ..
فقال الأول :
-يا جلالة الملك ..لقد انتصر على الأفعى الحارسة ..و لم ينتصر عليها قبله أحد..
فقال الملك :
-لقد انتصر عليها بشجاعته و جرأته و ذكائه .. ذلك الأمر مختلف ..سيواجه الآن سحرا أسودا لعينا ..
دخل “برنان ” المجلس فجأة فنهض الملك ليعاجله بالسؤال :
-أكل شيء على ما يرام يا “برنان ” ؟
فأومأ “برنان ” بالإيجاب وهو يقول :
-الجنود على أهبة الإستعداد ..و المراقب يراقب كل شيء بدقة في إنتظار إشارة الهجوم ..
ثم صمت لحظة و قد بدا عليه القلق فسأله الملك :
-أهناك شيء ما ؟
فقال “برنان ” في تردد :
-هل أنت واثق من أن هذا الفتى سيستطيع إتمام مهمته بنجاح ؟ وكأن بي أرى سمكة صغيرة تواجه قرشا ضخما في قاع المحيط ..
فأطرق الملك رأسه قليلا قبل أن يقول :
-ليكون الله في عونه .. و ليكن في عوننا جميعا إن فشل ..
أطرق الجميع رؤوسهم .. و بدأوا في الدعاء..
***********************************
…..يتبع
محمد رضا كافي