
الرموز و الأساطير و الصور تستخدم في الشعر الحر من أجل البناء الفني الذي يضفي على القصيدة الجمال و يمنحها الاستمرار و يحفظها من الزوال. و لذلك تفنن الشعراء في رموزهم فالشمس هي الحرية و الظلام هو الاحتلال و تفننوا كذلك في استخدام الأساطير فهوميروس هي زوجة أوديسيوس الوفية تستخدم هذه الأسطورة للحديث عن الوطن الذي سيتحرر من المعتدين و يعود الى أهله الأصليين بإذن الله تعالى فهوميروس رفضت جميع الخاطبين منتظرة عودة زوجها و رافضة الاقتناع باستحالة عودته الى أن عاد سالما بعد غيبته الطويلة و اذا كانت اسطورة هوميروس التي استخدمها شعراؤنا لا تمت الى ثقافتنا بصلة فإن الشاعر أمل دنقل أصر على استخدام قصص التراث العربي في شعره لأنها أقدر على تصوير المشكلات في الواقع العربي و من ذلك قصيدته الشهيرة : (أقوال جديدة في حرب البسوس ) و التي اشتهرت بكلمتين تترددان فيها كثيرا هما : (لا تصالح) لأن حرب البسوس وقعت في الصحراء فلا بد أن تأتي قصيدة الشاعر كالصحراء تتردد فيها الأتربة و الرمال و قصيدة أمل دنقل هذه و ان كانت تتحدث عن حرب البسوس الا أنه لا علاقة لها بحرب البسوس فهي تتحدث عن مصالحة مصر للدولة اليهودية التي احتلت فلسطين و اعتدت على جزء من مصر و سوريا آنذاك فالشاعر يقول للمسؤول المصري (أنور السادات)لا تصالح اليهود و قد نتفق مع الشاعر أو نخالفه فالسياسة بحر عميق يحتاج الى انتظار هدوء أمواجه قبل الغوص فيه و لكن القصيدة نجحت فنيا مع أن المسؤول المصري لم يفهمها و ظن أنها تتحدث عن حرب البسوس و كذلك المواطن المصري فماذا سيحصل لو أن القصيدة فهمت على أنها ادانة صارخة للمصالحة ؟ سيقدم الشاعر للمحاكمة التي ربما تنتهي بتقديمه للمشنقة فما هي الفائدة من هذه القصيدة الغامضة ؟ الفائدة هي بناؤها الفني الجمالي الذي حماها من الزوال لتظهر أمام الأجيال القادمة فتفهم هذه الأجيال أن هناك أمرا أحس الشاعر بخطورته فحذر منه فتحذره هي و تمتنع عن الإقدام عليه اذا كانت تتفق مع الشاعر و تؤيده