
” دماء رخيصة ”
مجدي محروس
( استيقظتُ من نومي فزعًا ، وقد تسللتْ أشعةُ الشَّمسِ عبرَ زجاجِ الناَّفذةِ المكسور ، وسقطتْ علي وجهي في قسوةٍ ، فانتفضتُ في فراشي ، وأنا أهتفُ متطلعاً بحنقٍ شديد للمنبهِ الرابضِ بجواري كالجثةِ الهامدة :
– تبًّا للمُنَبِه اللعين .. دائماً يُؤخرني عن عملي .
في لحظاتٍ ، كنتُ قد ارتديتُ ملابسي ، ورحتُ أقطعُ ذلك الشارعَ الفرعي الطويل – الذي يزدانُ من جانبيه بالمقابرِ التي يقطنُها الأحياءُ – والذي يقودني للشارعِ الرئيسي ذي الاتجاهين ، حيثُ محطة الأتوبيس ، التي أركبُ منها يوميًا لعملي ..
عن بُعدٍ لاحَ أمامي الشارعُ الرئيسي ..
السياراتُ تنطلقُ في تتابعٍ كالريح ..
بأنفاسٍ متلاحقة ، وصلتُ للشارع الرئيسي ..
أتابعُ السياراتِ التي تنطلقُ في تتابعٍ كالريح ، وأنا أودُ عبورَ الاتجاهِ الآخر حيثُ المحطة ..
صورةُ صاحبِ العملِ الضخمِ ، تتراقصُ أمامَ عيني ، وهو يؤنبني ويتوعدني لتأخري عن العمل ..
ما زلتُ أبحثُ عن فرصةٍ – ولو ضعيفة – لعبورِ الطريق ..
السياراتُ ما زالتْ تنطلقُ وتنطلق ..
علي الاتجاهِ الآخر ، وصل الأتوبيس – الذي يُقلني يوميًا إلي عملي – إلى المحطة ..
الناسُ يتدافعون ، وهم يصعدون إليه ، أو ينزلون منه ..
أطلقَ سائقُ الأتوبيسِ نفيرَه القوي مُعلنًا استعدادَه للتحرك ..
أمامَ عيني تظهرُ فرصةٌ ضعيفةٌ لعبورِ الطريق ..
أتطلعُ للأتوبيس الذي يهمُّ بالتحرك ..
واتخذتُ القرارَ بعبورِ الطريق ..
وفجأةً ..
يصكُّ أذني صريرُ عجلاتِ عربةٍ حمراءَ فارهة ، على بُعدِ سنتيمترات من جسدي ..
من خلف زجاجِ السيارةِ الفارهة ، ألمحُ شقراءَ فاتنة ، تنظرُ لي في غضب ..
أتطلعُ للأتوبيسِ ، الذي شرعَ في مغادرةِ المحطة ..
صورةُ صاحبِ العملِ بجسدِه الضخم ، تتراقصُ أمامَ عينيَّ مرةً أخري ..
أنظرُ إليها في رجاءٍ كي تتركني أعبرُ أولا ..
تنظرُ إليّ في لا مبالاةٍ وسخرية ..
تبادلنا النظراتِ ..
رجاء ..
سخرية …
رجاء ..
سخرية …
هتفتُ في ألمٍ ، بصوتٍ لم يتعدَ حلقي :
– أنا أولا .
هتفتْ بكل سخريةٍ ، ولا مبالاة :
– أنا أولا .
وعبرتُ أنا ..
وعبرتْ هى ..
وتلوَّن الرصيفُ باللونِ الأحمرِ الداكن !
تمت بحمد الله
لينك الكاتب للتواصل
https://www.facebook.com/profile.php?id=100009512051255
Magdy Mahrouse