أدب و ثقافةثقافة و حوار

حكاية(واحد ..مش.. إثنين)

الكاتبه: منال سناء

مع حكايات ديدة

للكاتبة/منال سناء

حكاية(واحد ..مش.. إثنين)

جلست ديدة علي الكرسي الخاص بها داخل حجرة الحكايات و التف حولها الأحفاد سعداء في انتظار الحكاية؛ تبدأ الجدة وتقول:
يا أهلا بالأحفـاد، و يا بختي بالبنات وعندي كمان أولاد، ومين هيشارك ديدة في الحكايات..كله يرفع الايد ، و يتسابقون في أخذ القبلات منها جلست الحفيدة “فريدة” جنب الجدة ديدة وقالت: عندي مشكلة عايزة حلها الأول من فضلك يا ديدة…
قالت ديدة :نجلس في دايرة،و نسمع مشكلة فريدة؛ و بعدين احكي لكم الحدوتة .جلسوا، وبدأت فريدة تحكي المشكلة التي قابلتها في المدرسة اليوم؛ وكانت زعلانة أوي. يا ديدة وأنا في( Class ) كانت صديقتي مريم اللى بحبها أوي.. قامت من جانبي؛ وجلست في ( Desk) بعيد عني، ولما سألتها ليه جاوبتني..
خديجة صديقتنا التالتة قالت:إنها هي الأحق بالجلوس في نفس ال(Desk) جانبك،سألت أنا مريم ليه؟؟؟ جاوبتني… عشان انتم مسلمين زي بعض. زعلت من خديجة أوي، وصممت انها تعتذر لمريم. أنا كده صح يا ديدة…ولا غلط زي ما خديجة قالت.
نظرت ديدة للحفيدة فريدة طبعا… يا فريدة أنتي بنوته شاطرة، ومصرية أوى كمان.؛ وخديجة غلطانة جدا. وهأحكيلك حكاية تحكيها “لخديجة و مريم” وكل أصحابك في الفصل. ولكل الأحفاد..ها جاهزين للحدوتة…
هلل الأحفاد…يا ديدة….يا ديدة احكلنا حكايتك الجديدة…
قالت:كلنا نقول: كان يا ما كان…حُكي في قديم الزمان…
كان في قرية بسيطة من قرى الريف كانوا أهلها عايشين سعداء، وبيساعدوا بعض، ويساندوا بعض في الفرح,ومع بعض في الحزن، وقت الشدة والكرب
وفي يوم وصل لعمدة القرية جواب إستدعاء من الجيش ل شابين من القرية
(محمد/مينا). حملوا حقائبهم وسافروا فرحانين وطوال الطريق يتذكروا سويا ذكرياتهم وهم صغار،يحكوا،يقولوا لبعض فاكر ….. يوم……طب فاكر لما……
عشنا أيامنا الباب في الباب. نلعب ونأكل ونفرح، وكمان نكبر يوم بيوم معاً. فاكر لما اصابنا نفس المرض، وذقنا الصعوبات ومرت بتماسكنا.
أتذكر أيام الجُمع…وأيام الأحد.
كنا يوم الجمعة نتجمع ونمشي نفس الطريق؛ ادخل أصلي بالمسجد المجاور لكنيستك، وتدخل في اإيدك شمعة وتصلي بكنيستك. ويُرفع الآذان مُختلط بصوت الأجراس.
بيتي بيتك لم يفصلنا جدار. ولم يفرقنا مكان. كرامتك من كرامتي. وقوتك مستمدة من قوتي. أنا وأنت شربنا من نفس النيل.
زرعنا أرضنا، وكنا نري شمسنا تشرق، وتغرب عليها.
واليوم.. وعندما نادي الوطن لبينا النداء؛ سنحارب سويا، و نسترد أرضنا، و نهزم عدونا.
وبالفعل قامت الحرب؛ وحارب “محمد و مينا”؛ وعبروا القناة معا،ورفعوا العلم معا وأصابتهم رصاص العدو الغادر معا. فلم تفرق بين”محمد المسلم،مينا المسيحي”
كان هدف رصاصة العدو الإسرائيلية _الجنديان المصريان_ استشهد الجنديين ولم يستطيع احد التعرف عليهم، ولف الباقي من جسدهم الطاهر بعلم مصـــــر
وتم وضعوه داخل صندوقين،وكُتب علي كل صندوق ورقة باسم جندي مصري شجاع واسم القرية.
خرجت أهالي القرية لتستقبل اثنين من أبنائها الأبطال، وعند وصول الصندوقين لم يجدوا دليل علي أن هذا الصندوق به جسد “محمد أو مينا”. فوضعوا الأهالي الصندوقين بساحة كبيرة ووقفوا جميعا وصلوا كل حسب دينه، وقرروا دفنهم بجانب بعض في أرض خاصة بهم؛ ولم يدفن”محمد” في مدافن أسرته، ولم يدفن “مينا” في مدافن أسرته.
لكنهم دفنوا بمدافن خاصة بهم البطلين…
وأطلق عليها اسم ( مقابر المصريين)؛ وأصبحت كل القرية تزور القَبرين، ولم يستطع أحد التعرف عليهم، ولم يستطع أحد التفريق بينهم. يا فريدة ويا أحفادي هذه كانت حكاية “اتنين” من المصريين في يوم العبور لما رمال سيناء شربت دماء ولادنا ما فرقتش بينهم والعدو ما فرقش بين اللي واقفين في الصفوف ولما استشهدوا حملهم نفس الصندوق وغطناهم بنفس العلم،دق جرس الكنيسة ورفع شيخ المسجد الآذان” الله أكبر.. الله أكبر”….
خرجت كل البلد يهنوا بعضهم بالحرية والكرامة أحنا واحد في الثورة والحرب والسلام…احنا بنفرح مع بعض، ونحزن مع بعض؛ ودموعنا واحدة، وابتسامتنا نصين نصها عندي وبتكمل عنده.
عايزاكى يا فريدة تفهمي إن قطرة الدم الموجودة ببنك الدم لا أحد يعرف من المتبرع بها ومين صاحبها.
ممكن يكون المتبرع”جرجس” والمحتاج لها”محمد”… ومطالبنا واحدة وحياتنا واحدة وشعارنا واحد هو الوطن…..مصر وطن للجميع، و الرب رازق الجميع وراعيهم.
و توتا…..توتا…ولسه الحكاية ممدودة.
بقلم✍منال سناء

اظهر المزيد
شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى