
حديث الجان ….. !!
ثمة قرية أو قل نصف قرية فى المنزلة تدعى خندق الموز يرجع إليها نسب أهلنا وكثير من معارفنا .. حكت لنا جارتنا ذات مرة أن أهل الخندق هؤلاء قد يقظو ذات صباح من سنة ١٨٨٢ على طفلين رضيعين بجوار الساقية .. وقد ظنو أنهما من نسل حرام .. وأن الأم قد وضعتهما فى المساء خفية أن يراها أحد .. وطال بينهم الظنّ فحثهم للتنقيب وراء فتيات الخندق جمعاء عن هذه التى يبدو عليها أعراض للولادة القريبة أو حمى النفاس ..فهمّوا بسؤال الشريفة والعفيفة والمشار إليها .. وكادت القرية تنشب فيها نار الشك وما تدع بيتا إلا وتطرقه .. الأب يظن السوء ببناته .. والزوج بقرينته .. فى تلك الأثناء صاح راعى الساقية نفسه أن الأطفال أبناؤه وأنه كان يكتم الخبر عن أهل القرية خشية ألا يصدقوه .. وراح يحكى أن كانت له فى الشهور التى مضت عروس جنيَّة تظهر له حين كان يسهر فى البيت المقيم لجوار الساقية .. فتؤنس ليله حين تبدو فى مظهر أنيق .. وتذهب ظلامه بنور قلبها .. فتجالسه وتحادثه فى كل شىء حتى دعته لزواجها حبا منها فيه ورغبة منها فى نسب الإنسان .. وكان الطفلان هما نتاج ذلك الزواج .. وإن لم يصدق الناس حديثه إلا أن الاطمئنان قد عاد يسكن النفوس وعادت الفرحة تغمر القلوب .. ولم يسلم الرجل من أحاديث الاستهزاء ونظرات السخرية تلك التى نعرفها فى الريفين كلما رأووا أمرا غريبا .. الغريب بحق أنه بعد أن شاعت الحادثة وذاعت للقرى المجاورة ولم يمض يومان حتى اختفى الطفلان كأنهما قد تبخرا ولم يعرف أحد إلى اليوم محلهما .. يقول القاص أن أمهما قد خافت عليهما من بطش الإنسان .. ولا تزال هذه الحادثة حديث للناس هناك يرونها للصغار وللكبار .. كأنها كانت آخر عهد شهدناه للجان .. ومن بعدها حقا لم نعد نسمع شيئاً فى حديث الشيطان والجان .. إذ تغمرنا اليوم أحاديث شياطين الإنسان .. وحسبنا إياها !!