العقيدة و الدين

حائرٌ بين السنة والشيعة والمعتزلة!

بقلم : حسام الدين عوض

سألني قائلاً: أخي حسام ، إذا تكرمت تنقصني بعض المعلومات عن الشيعة والسنة وأوجه الخلاف ، وأيضا ماهي إيجابيات المعتزلة وسلبياتها وهل يجوز لي اتباع المعتزلة وأنا سني؟

أجبته: أخي العزيز ، نعم يسعك اتباع المعتزلة فيما تراه يوافق عقلك ويرضي قلبك ولو كنتَ سُنياً .. بل يسعُكَ حتى أن تكون شيعياً لو وجدت في هذا راحة ضميرك ، واطمئنان قلبك! فليس يضمنُ لك نيل رضا الله تعالى مجرد أن تكون سنياً أو حتى سلفياً .. بل أن تكون إنساناً ، تدور مع الحق حيث دار ، وتنتصر للمظلوم أياً كان لونه أو جنسه أو اعتقاده ، وتأخذ على يد الظالم وإن طالك الأذى منه!
ولن يُنجِّيك من العذاب مجرد أن تكون سنياً لكونك مع السواد الأعظم من الأمة ، بينما أنت تغضُّ الطَّرْفَ عن مظالم آل بيت رسول الله ، وتنتصر لمن ظلمهم حتى تجمِّل التاريخ بمساحيق التبرج المصطنعة!
كما لن ينجِّيك أن تكون شيعياً تدَّعي حبّ آل بيت رسول الله فيوقعك الغلوّ في حبك هذا لتكفير كل من خالفهم وإن كان منهم أنفسهم ، ثم يجعلُكَ تغُضُّ الطرفَ عن إجرام البعث في حق الشعب السوري لا لشئ إلا لأنَّ الطائفة تنصُرُهُ وتقف في صفه!
لكن ..
ينجِّيك أن تسلم وجهك لله وحده ، وأن تخلع عنك كل سلطة أو سطوة دونه ، ولو كانت سلطة الطائفة ، أو سطوة المذهب!
يُنجِّيك أن تكون منحازاً للحق والعدل محباً للخير ، هيناً لينا مع الناس ، سمحاً إذا شريت أو اشتريت ، كارهاً للشر والظلم والبغي والفساد والإفساد في الأرض
ينجّيك أن تترفع عن التزلف لذي مال أو جاه أو سلطان أو صولجان ، وأن تقول الحق لاتخشى في الله لومة لائم ، فإن لم تقدر على قول الحق ، فلا تنتصر لباطل! ولا تركن إلى ظالم!
ينجِّيك أن تبر والديك ، وأن تحسن إلى جارك ، وأن تكرم زوجتك وتترفق بأبنائك ، وأن تصل رحمك ، وأن تقضي حوائج الناس ، وأن تنفس عن المكروب كربته وعن المهموم همه ، وأن ترفع الأذى من طريق الناس
ينجّيك أن تحرص على الصدق في القول ، والإتقان في العمل ، والنزاهة في المعاملة ، والتسامح مع الناس ، والمحاسبة المستمرة للنفس ، والمحافظة على البيئة من التلوث ، واحترام حق غيرك في الاختلاف معك ، والبعد عن التعصب والانغلاق والجمود وإصدار الأحكام المتجنية على الخلق ، وأن تزرعَ شجراً وتسقي زرعاً وتعمُر أرضاً
واعلم أن الشيعة إخواننا وإن بغوا علينا ، والمسلم أخو المسلم لايظلمه ولايخذله ولايحقره ، فلايهولنك تكفيرهم والتشنيع المهووس عليهم من جهة الطائفة الوهابية التي تفعل لأسبابٍ سياسيةٍ لاتخفَى على من عندَه مسكةٌ من عقل!
وأما المعتزلة ، فقد أصابوا في أمور وأخطأوا في أمور ، فلم يخرجهم هذا عن دائرة الإسلام ، وإن كان اتباعُ الأئمة الأربعة وتلامذتُهم الذين ملئوا الأرض علماً على امتداد عمر دعوة الإسلام أولى وأسلم وأحفظ للعقل والدين معاً
فإن كنت لابدّ فاعلاً ، فعليك بتقليد أحد الأئمة الأربعة “أبو حنيفة ومالك والشافعي وأحمد” في الفروع ، إلا إذا كنت قادراً على بعض الاجتهاد والنظر في الأدلة ، فخذ من غيره بالقدر الذي يطمئن له فؤادك ، ويصفو معه كدرُ نفسِك ، فهم في النهاية بشرٌ يصيبون ويخطئون ، ويؤخذ من قولهم ويُترَك
وأما في الأصول ، فعليك بمذاهب أهل السنة المعتمدة ، فإما أهل الأثر وإمامهم أحمد ، أو الأشاعرة وإمامهم أبو الحسن ، أو الماتريدية وإمامهم أبو منصور.

اظهر المزيد

حسام الدين عوض

مهندس مصري وكاتب وباحث في الشؤون الإسلامية ، حاصل على بكالريوس الهندسة ، ماجستير إدارة الأعمال ، دبلوم الدراسات العليا في الشريعة الإسلامية
زر الذهاب إلى الأعلى