مقالات الرأى

تخاريف لكن حقيقية

أحياناً بنصدق نفسنا.. تأخذنا الأماني ونطير.. تسرقنا الدنيا فنغرد ونطير.. نطير كما العصافير.. لا نعد ننظر ولا نعد ننتظر.. ننسى كل شيء ونطير أعلى فأعلى دون تفكير يحتاج معه تفسير أو تبرير لدرجة إننا ننسى كونا مجرد عصافير..

ونطير ونطير.. نعدي سور من بعد سور.. ونطير أعلى وأعلى.. ونبعد أبعد وأبعد..

وأول ما يحل علينا التعب وتبدأ سرعتنا تقل نتذكر إننا لسنا سوى عصافير..

ننظر نظرة خاطفة على استحياء للخلف.. نحاول نكمل فيشتد علينا التعب أكثر لنتذكر حقيقتنا وإننا لسنا حتى بعصافير..

فنعيد النظر من جديد لكن لوقت أطول وبعمق أكبر وعيون مفتوحة أكثر بفعل طول الرحلة والإجهاد والتعب..

نتوقف مع نفسنا فجأة.. نفتكرونفكر.. نسترجع ونراجع خط سيرنا من البدايات.. فنكتشف إننا فعلاً قطعنا شوط كبير في رحلتنا بين الممكن والجائز والمستحيل.

——————–

أحياناً بنهرب من الدنيا ونستخبى وسط الزحام والناس.. جوه القصص والحواديت..

نجري مهما نجري.. ونستخبى فين ما نستخبى؟!..

وهي بتطاردنا حتى في أحلامنا الشحيحة فنقوم منها مفزوعين..

الدنيا.. وإيه هي الدنيا؟!..

مش علمتونا.. إنها دنيا من دنو قيمتها..

طيب.. ليه متكالبين عليها قوي كدة؟!..

ليه متصارعين عليها قوي كدة؟!..

ليه عايشين فيها كدة؟!..

والعيشة واللي عايشينها.. والتعامل مع الناس..

وآه.. وألف آه من التعامل مع الناس!!..

تخيلوا..

لقد أصبح التعامل مع البشر في كثير من الأحيان أصعب من التعامل مع الحجر..

ليه كل أمر من أمور البشر ظاهر أمامنا وراءه أمر آخر خفي عنا؟!.. ولا نعلمه دائماً إلا مؤخراً.. ودائماً ما خفي كان أعظم..

هل تستحق حقاً حياتنا كل هذا الكم من العناء والمتاعب والمظالم والمآسي؟!..

والمدهش إنه لو فكرنا ها نلاقيها مع الأسف بأيدينا ومن أفعالنا احنا في بعض..

من فترة وأنا بعيد عن الكتابة.. بأراجع نفسي وأراجع كتاباتي وأراجع كمان أحداث وحوادث كثيرة حصلت في حياتي..

مش حابب أحكي عن متاهة وصعوبة فترة المراجعة ما بين هستريا الضحك علي القرارات الجنان أو حتى الدموع عندما تملئ العيون على ما فات ولم يترك لي سوى أسوأ الذكريات..

يمكن أكون وصلت لنتائج.. ويمكن لأ..

و إن كان وصولي هذة المرة وكالعادة متآخراُ وربما متآخراً جداً لكن وصلت.. وصلت لنتائج مدهشة وربما أيضاً تخاريف.. تخاريف لكن حقيقية بالنسبة لي..

منها مثلاً:-

  • إن العزلة باختيارنا ولو لفترة قصيرة أحياناً بتكون مفيدة على الرغم من كونها في الحقيقة صعبة مثل الوحدة خاصةً لو كانت وحدتنا وسط من نحب.
  • طعم الشاي واللبن والينسون والقرفة دون سكر صعب لكن بملعقة سكر واحدة ممكن يتشرب ولو على مضض.
  • السيدات هن الأكثر حرصاً على السؤال عن الصحة والأحوال بالاضافة إلى طيب الدعوات والأمنيات الصادقات بالنسبة لي في كل إتصال أو تواصل وذلك على عكس السادة الرجال المحترمين والذين كنت أظنهم لفترات طويلة في حياتي اخوة وأصدقاء ليتضح لي مع الوقت إلا من رحم ربي كونهم ليسوا باخوة أو أصدقاء أو حتى رجال.
  • أبي رحمة الله عليه كان ومازال وسوف يظل صاحبي الحقيقي الوحيد لكن أنا كنت (حمار) ومش فاهم.
  • أمي ربنا يعفو عنها ويبارك في عمرها هي حبيبتي الحقيقية الوحيدة عبر كل العصور ومازالت كما هي دائماً طائرة بي إلى عنان السماء وترى في شخصي المتواضع آمال عريضة وطموحات كبيرة وأشياء كثيرة حلوة مازلت أعجز عن رؤية آماراتها حتى الآن.
  • في كل مرة كنت بأجنب فيها نفسي وأحسبها مكسب وخسارة من غير ما أعمل اللي أنا فعلاً نفسي أعمله كنت لما بأكسب بأكسب من غير فرحة كما لو أن شخص آخر كسب وأنا فقط بأشاركه فرحته.. ولما بأخسر فكانت الخسارة مضاعفة لإني كنت بأخسر الحاجة اللي خسرتها بالإضافة لى قطعة من روحي.
  • عندما أقطتع من وقتي أربع ساعات يومياً لمدة اسبوع كامل في الإعداد لبرنامج صالون ثقافي جديد وإذا بفريق العمل في الإجتماع لا يكاد يعلم الفرق بين الصالون الثقافي والندوة أو الإحتفالية فبالتأكيد المشكلة عندي أنا.. وهي في الإختيار.. فعلى من أطرح أفكاري؟!.. ربما يجب علي في المستقبل أن أجيب على هذا السؤال (على من أطرح؟؟).. قبل أن أقوم بإعداد الطرح.
  • بعد ما يزيد عن عشر سنوات والساعة مستقرة على التوقيت الثابت صيفاً وشتاءً دون تغيير مستفز للساعة البيولوجية مع العودة في نفس الوقت إلى نفس التبرير القديم والعقيم والغير مبرر أساساً بل المستفز جداً أكثر من تغيير التوقيت نفسه لهو قمة (العبث) بل الـ (لا معقول) من وجة نظري وبلغة المسرح كما أحب أن أصف.
  • أحد الأصدقاء من عشاق التراث والعمارة الاسلامية حكى لي أنه منذ ما يزيد عن خمس سنوات وهو حريص على أداء فريضة صلاة الجمعة كل اسبوع بمسجد مختلف من مساجد مصر القديمة.. وإذا بالفكرة تستهويني فأجرب منفرداً لأجدها أكثر من رائعة على المستوى الروحاني وأكثر من ممتعة على مستوى الطاقة الإيجابية والتجديد وأيضاً دعم التراث والحفاظ علية من خلال التعرف علية عن قرب.
  • لفترة طويلة وأنا بأخلط بين (الواجب) و(المعروف) وربما مع الوقت كانت نتيجة هذا الخلط أسوأ مما يمكن وصفه من شعور بالتقصير عند العجز عن أداء الواجب وهو في الحقيقة معروف.. أو شعور بخيبة الأمل من إنتظار المعروف من الآخرين وهم في الأساس لم يقوموا بأداء الواجب.. فمثلاُ عندما تعلم أن صديق لك بالمستشفى وتذهب لزيارته فهذا (واجب).. أما عندما تعلم أنه يحتاج إلى نقل دم وتتبرع له بدمك دون أن يطلب منك ذلك فهذا هو (المعروف).
  • الحياة صعبة جداً بل مؤلمة عندما لا نستطيع عمل ما نحب وربما نستمر لسنوات طويلة في مقاومة القيام بما لا نحب حتى نستسلم في الأخير ونقوم به على مضض بغرض البقاء في الصورة ليس أكثر إلى أن تأتينا الفرصة ولو متآخرة وهنا تكمن المآساة.. فعندما تأتينا الفرصة لعمل ما نحب حقاً بعد أن نكون قد إستنزفنا مشاعرنا وأرواحنا وشبابنا في الصبر على عمل ما لا نحب ربما نكون قد فقدنا (الشغف) فنتعامل مع ما أحببنا دوماً وحلمنا بعمله كما لو أنه ما لا نحب.. وعلى ما سبق.. فلتذهب إلى الجحيم لتستقر هناك دون رجعة تلك المقولة القاتلة لـ الأحلام (حب ما تعمل حتى تعمل ما تحب).. بل أعمل دائماً ما تحب طالما لا يغضب الله.. أعمل ما تحب طالما حلال.. أعمل ما تحب طالما حق وخير وجمال.. أعمل ما تحب طالما أنت أهله وتستحق فعلاً عمله.. أعمل ما تحب ولا تتوقف أبدأ..
  • القلب دائماً جاهز ومعد سلفاً للوجع والآلم فإن إنسد به شرياناً أو تعرض للعطب ونقص تدفق الدم بالقلب فيتغير مباشرةً شكل الشريان المجاور له ويزداد تدفق ضخ الدم به لتعويض النقص.. لكن العقل غير جاهز أو معد لذلك على الإطلاق فإن توجع أو تآلم من فرط الصدام مع أصحاب الضمائر الغائبة دائماً دون استحياء أو المفاهيم المغلوطة في أغلب الأوقات وعلى حسب الحاجة أو حتى الحقائق المدفونة تحت أثقل الأحجار التي حلت محل القلوب لدى البعض بفعل الأهواء والمصالح فأنه ينزوي بعيداً وينغلق تماماً على نفسه ويبدأ على الفور في الضمور.
  • الحياة الهادئة المستقرة كنز وربما الحفاظ عليها لهو (عين العقل) لكن ما ينتج عنها حتماً لا يزيد عن كونه قصص مملة وحكايات معروفة النهاية أما إن تخللها بعض الصخب والجنون لكانت قصصها ممتعة وحكاياتها جديدة.
  • رتبت حاجات ومحتاجات قديمة ومنسيه من زمان في حياتي.. وأعدت معها ترتيب أفكار وأحلام اتضح لي مع الوقت وبعد تفكير عميق إنها لم تزد يوماً عن كونها مجرد أوهام أخذت من وقتي الكثير دون فائدة أو جدوى تذكر.
  • رجعت أكتب من تاني.. رجعت أكتب من قلبي حتى ولو مجرد تخاريف.. تخاريف ربما تحيا وتعيش أكثر مني.. تخاريف لكن حقيقية.
اظهر المزيد

طارق الدياسطي

مهندس معماري مصري ، و كاتب مقالات و قصص قصيرة و قصص أطفال ، بدأت علاقته بالكتابة منذ المرحلة الجامعية في آواخر التسعينات و له العديد من المقالات الهندسية و الأدبية و القصص القصيرة المنشورة ، كما شارك في العديد من المسابقات الهندسية و الأدبية و حقق مراكز متقدمة و حصل عنها على جوائز و شهادات تقدير .. و للتواصل عبر البريد الألكتروني : [email protected]
زر الذهاب إلى الأعلى