أدب و ثقافةروايات و قصص

تاج الملك

سالي رمضان

#تاج_الملك

كنا نركض في الغابة فرحا بعدما حصلنا على قوت يومنا ،سبقني أخي بأمتار كالعادة وأنا خلفه على أمل اللحاق به دون يأس أو أستسلام ، ظل يركض حتى أختفى عن ناظري .. جلست ألتقطت أنفاسي

نهضت من مجلسي مسرعة عندما سمعت صرخة مدوية تردد صداها من جميع الاتجاهات ، شاهدت جيش مقنع على مقربة من موقعي ، بهت فتسمرت قدماي من هول ما رأيت ، جذبتني يد خلف الشجرة والأخرى وضعت على في

وقعت عيناي في عيناه الواسعة ، سوادها يشبه ظلمة الليل ، وحدة الملامح تدل على جدية صاحبها ، يد قوية وساعد صلب ، صدر واسع سجنت فيه كأسير ، أقترب حتى سمعت نبضات قلبه

مر الجيش بسلام إلا من واحد كان يتسكع خلفهم ، أتسعت حدقته عندما شاهد هذا الغريب يمسك بي ، ألتفت الراجل وأشهر سيفه بسرعة البرق ونصل رأس الجندي دون أن يتفوه بكلمة ، ثم عاود النظر وأشار إلي بيده “أذهبي” ، ثم مضى قدما ولم يلتفت خلفه

عدت إلى منزلي أتخبط .. وجدت أخي هناك يرتشف الحساء الساخن ويلعق شفتاه _لذيذ_ ،

قال بسخرية : فاشلة

لم أكترث لقوله ، دلفت إلى غرفتي ألقيت بنفسي أوسط فراشي أتذكر ما وقع هناك وأكملته في حلمي

آت الصباح

وجاء وقت العمل
استيقظت على صراخ أخي يردد : سليل اتبعيني
بدلت ثيابي وتناولت طعامي ، واتبعته إلى الغابة كي نصطاد الأرانب أو الطيور

مرت الايام والشهور وأنا كل ليلة أتذكر هذا الغريب ، كنت أشعر به بجواري أستشيره فيدلني ، أشكو إليه بئثي فيطيب خاطري

نشأت بيننا علاقة قوية واصبح لاغنى لي عنه

كان صديقي الوهمي يتبعني اينما ذهبت ، حتى أنه كان يساعدني في اكتشاف أماكن الطيور ويساعدني في الإمساك بها قبل أخي ، وكان يعرقله فاسبقه أنا

انعزلت عن أخي وجدي ، واكتفيت بطيفه الذي يرافقني في كل مكان

ذات يوم ذهبت إلى الغابة بدون أخي ، وهناك هجم علي ذئب لكنه أنقذني منه عندما جذبني خلفه وغرس سكيني في عنقه .. عدت إلى منزلي أرتجف

في صباح اليوم التالي

بينما كنا نبحث عن الحيوانات أنا وأخي قصصت له ماحدث البارحة ، لم يصدقني ولكني أعطيته برهان صدقي كدمة زرقاء _قبضة كبيرة_على معصمي الأيسر

ذهبنا معا إلى المكان كي نبحث عن سكيني والذئب الذي سقط هناك ، تعثرت فالتوى كاحلي جلست على جذع يابس ، ريثما يبحث أخي عن الذئب النافق ، عندما عاد شاهدني جالسة ورجل جاث على ركبته أمامي ، شاهدت أخي يقترب بحذر ، أشرت إليه بعيني لكنه أقترب بخفة وحذر وبدم بارد قطع عنق الرجل

كيف حدث ذلك ؟
اهو موجود حقا!!!
انتابني الجنون اللحظي كيف خرج من عقلي وتجسد أمامك ؟؟؟

_ايها الابله ماذا فعلت ؟
لقد كان يعالج جرحي ، لماذا قتلته ؟!
=من هذا؟
_انه صديقي ، لن اسامحك ابدا على مافعلته به
=أقترب أخي وأمسك بيدي وركل الجثمان من علي ليسقط أرضا .. أقتربت منه بآسى وأقتلعت بعض الشعيرات من رموش عيناه لا أدري لماذا فعلت ذلك ربما ليكون ذكرى ، أو برهان أخر لما حدث

قال أخي أننا لسنا بأمان هنا ، حل المساء ونحن في طريقنا إلى منزل جدي جنوب الغابة المطل على البحيرة ، وهناك وجدنا عمي يوقد شعلة كي تبعد الذئاب ، سردت له القصة وأعطيته بعض الرموش فألقى بها وسط اللهيب وأصطحب أخي إلى الداخل يهدى من روعه ، شاهدت جدي يطوي شبكة الصيد فركضت نحوه بحفاوة ،أردت سرد القصة فتذكرت ردة فعل عمي فالقيت بالرموش المتبقية في المياه ، وعدت برفقة جدي إلى المنزل

سمعنا صوت اقتحام بالخارج فأمسك عمي السيف ، وجدي بالمعول وخرجنا لنجد أخي في اشتباك مع أحد الجنود الملثمين

عدت إلى الداخل وأوصدت الأبواب خلفي ، سمعت صوت جدي يقول : سليل أهربي ،أزداد القرع على الباب وتصاعدت دقات قلبي ، فتحت النافذة وقفزت منها في شرك أعده الجنود

أستيقظت في حجرة واسعة محفور على جدرانها العديد من النقوش المشابكة لكنها مألوفة ، ترجلت من الفراش فشاهدت انعكاسي بالمرآة آشبه الملكات ، حيث الشعر المصفف بعيانة والكحل في عيناي والأساور القيمة في معصمي

تقدمت نحو الباب فتحته فوجدت رجلان طويلان يرتدي الدرع ذاته ، انحنيا بمجرد رؤيتهم لي ، تقدمت في خط مستقيم والعديد من الراجل والنساء على ضفتي طريقي الذي يقنط على رأسه عرش ، توقفت مكاني عندما شاهدته .. تلك العينان أعرفهما جيدا ، عدت إلى الخلف أنادي جدي ، أصبت بنوبة هلع عندما خرج الجميع وانفض المكان إلا منا أنا وصديقي الوهمي!!

دنى مني ، طوقني ثم أستنشق شعري وقال: أشكرك يا الهي

سالته : من أنت ؟
أجاب : أنا من أقتلعت رموش عيناه
صعقت : كيف وأنت من صنع خيالي ؟
أمسك بيدي ووضعها على يسار صدره فشعرت بالحياة
كيف أنت حي لقد نحر عنقك أمامي؟
أهدئي : هذا كان طيفي ، سأجيب كل أسئلتك ، بعدما تجيبي سؤالي

قال : لماذا اخذتيها؟
قلت : لا أدري ربما لتكن دليل صدقي
قال : لماذا ألقيت بها في الماء؟
قلت : كنت أقف هناك ففعلت

قال : ماذا تريدين الحصول عليه؟
قلت : روحك
قاطعني قبل أن أكمل وقال : وهبتها لك منذ وجدتك
ماهذا الهراء ؟.. من أنت وأين عائلتي ؟

قال : ان قبلت الزواج بي سأحضرهم
رفضت عرضه
قال إذا سنتزوج دون حضورهم

صرخت فوضع يده على فمي قائلا : لقد عشت معك شهور ، اتأملك طوال الليل وانصت إليك في الصباح

أعلم أنك تحبينني بقدر ما أحبك لكنك عنيدة لكن هذه المرة سأحصل عليك بالرغم منك لاني اعلم أن هذا ماتريدينه

كنت أردد في نفسي : سليل افيقي .. سليل أنه مجرد حلم سخيف سيزول بمجرد الاستيقاظ

ساقني إلى شرفة فسمعت صوت ضحكات عمي وجدي ، وأخي يراقص الفتيات في الساحة منتشيا ، وشاهدت فتاة تشبهه تحوم حول عائلتي كنسر في الآفاق يحلق

هديت ونظرت إليه بعين أخرى _عين محب_ قلت حقا من أنت ؟

قال : أنا المتيم منذ اللقاء الأول ، غادرتك لكنك استدعتيني في أحلامك فلبيت ، وفرحتي بصحبة طيفي فرافقتك مدى الحياة ، وها أنا الآن بين يداك كما حلمتي زوج

مافقدته هناك لم يكن سكيني بل ذاكرتي ” أنها انا سليل سيدة القصر وتاج الملك ”

اظهر المزيد

نهاد كراره

نهاد كراره محاسبة وكاتبة مصرية صدر لها كتب مشتركة مثل بوح الصحبة و قطرات مطر وكتب فردية نيسان الوجع مدن الفراشات الدمشوري وآخر حدود الحلم نشرة العديد من المقالات علي المواقع الالكترونية المختلفة كموقع قل مقالات اجتماعية وبعض القصائد العمودية والعامية علي المواقع الأخرى صدر لها عدد من القصص في جرائد مختلفة منها صوت الشعب و جريدة القصة وغيرها عضو مجلس إدارة لموقع الصحبة نيوز مدير تنفيذي لدار الصحبة الثقافية للنشررالإلكتروني
زر الذهاب إلى الأعلى