أدب و ثقافةروايات و قصص

الكوتشينة

وائل صادق

جلس علي كرسيه العالي أمام طاولة لعبة البلاك جاك ممسكاً بيدة كأس الچن يعرق من فرط ثلجة، ظلت عينينه معلقة علي يد لاعب الكروت وهو يبعثر ترتيب الورق بينهم بمهارة يستعجب لها. يرى الكارت يطير من يده ليستقر أمامه تماماً بدقة يحسد عليها ظل منتظرًا عدد كروته الساقطة أمامة أن تنتهي ناظرا إليها وهي مستقرة علي وجهها يرتشف قليلا من كأسة ملتقطاً أول كارت سقط أمامه بيمناه رافعًا إياه ببطئ حذر يحاول قراءة العدد قبل أن يقلبه علي وجهه، يلمح الظلال الحمراء على الطاولة كاشفًا إيَّاه عن رقم سبعة، مبتسمًا هو فدائمًا يعتقد أنه رقم حظة الأوحد، ذلك الرقم الذي ارتبط بكل شيء في حياته، تاريخ ميلاده، سكنه، تعينة بالعمل، قد يكون يوم موتة أيضًا، حتي تلك القوي الغريبة، فتشابه علية الأمر فتسأل أحيانًا بأي أرض هو يعيش من تلك السبع وبأي سماء يستظل بها، ذلك الرقم المقدس دائماً له، رغم قلة قيمته في اللعبة إلا أنه تفائل به، نظر للكارت الثان ماداً يدة ليكشفه فوجد تلك البنت ذات المربع الأحمر. قضب حاجبية بعد تلك الابتسامة التي كانت متعلقة بشفتية، فقد رآي فية هي، صاحبة طوق الجمر الذي كان يلتف حول أصبعة طوال سنين عمرة التي تسربت منه علي غفلة، ظنًا منه أنة كان طوق النجاة وملاذه الأمن. تسلل قلق ما لوجود هذا الكارت بعد كارت حظة رغم علو قيمته في اللعبة . مشيحا نظرة بعيدا عنه يرفع بيده الكارت الثالث فيجد ذلك الرقم الغريب الذي يقال إنه يتعلق دائما بالشيطان . لا يعلم لما هذا الرقم تحديدا يقال عنه هذا!! فدائما كلما نظر لرقم التسعة يتذكر الشيطان، قد يكون شيطانه هو المستقر في قلبة هو تابعا إياه رغم كرهه إياه. أعطاة الرقم خواء ما بداخلة . متجاهلا هذا التفكير يرفع الكرت الرابع كاشفا إياه فيري تلك البنت صاحبة القلب الأحمر الدافئ. فيضعه على كارت البنت صاحبة المربع الأحمر مخفيا إياه خلف هذا القلب الأحمر فارجاً عن ابتسامة تكشف أسنانة. من قلبه تنطلق تنهيدة كادت أن تطير الكروت من أمامة وإن ظلت متثبتة بالطاولة بل كادت تكشف كارته الأخير إلا أن عينيه ظلت متعلقة بذات القلب الأحمر الذي وجد فية دنيته وذاته في كل يوم عرفها فيه، كانت باب للنعيم اغلق علي الجحيم ، كانت ملجأ للكوارث المتساقطة علي من سماء حياته
، نعم كانت و لم تزل ، فقد كانت ملاك أتي لإنتشاله مما كان يعيشة ن ثم عادت و لكن ليس للسماء بل لدنيتها الجديده، غادرت لفلك غير فلكه بعد أن صنعت له فلكاً يسبح فية مستقبله ونجوم أحلامه . لما يجد طعم دموع الحزن أشد ملوحة من دموع فرحه؟. هكذا ذاق طعمها علي شفتية بعد ان تسللت من عينية منسابة علي خده . ينظر لأخر كارت نائماً علي وجهة غير ظاهر له ، منادياً علي النادلة أن تملا كاسة الفارغ إلا من ماء الثلج الذي اصبح طعمة حلو مر . ظل منتظراً الكاس قبل ان يكشف كرتة الاخير إلي ان وضعته النادلة امامه و هو يمد يدة ليكشف ستر أخر كارت ، وجد صورة أمه!! تلك البنت ذات الشجرة السوداء التي احترقت من أجله هو وإخوته الذي لا يعلم عنهم شيئًا ًًًًًًًًًًًًًًًًًًًًًًًًًًًًًًًًًًًًًًًًًًًًًً الأن . بتلك النظرة الحانية تتسلل الي قلبة المهموم لتطيبه ، اشتياق غريب لان يضع راسه علي كتفيها لتنهمر دموعه إلى أن تجف عينية منها، ليفرغ حمل سنين مرت علي كتفيها الذي كان مثقل بهمومهم ، يفرغ احلام تساقطت منه مع سنين عمرة السابقة بلا أمل او هدف غير فترة الكارت الثالث. الحيرة في عقله تتسلل تابعا رؤية حياته في تلك الكروت، غريب كما يري هو هذا الترتيب أم أن الخمر قد لعبت برأسة بعد ان احتسى كأسة الخامس. رفع راسة المثقلة الي لاعب الكروت طالبا منه تغيير كارت الشيطان هذا فلم يكن لوجودة معني وسط تلك الكروت وهذا التسلسل العجيب من الكروت فوجودة يعكر صفوها، فأعطاة كارت أخر مكشوفا علي وجهه وقبل أن ينظر الية شعر بيد رقيقة دافئة حانية توضع علي كتفة. ألتفت لصاحبة اليد فوجد ملاك أرسل إليه مرة أخرى يطيب خاطرة بابتسامة، نظر لعينيها بعينين مترقرقة بدموع سابقة فعلم مستقبله الجديد بدون أن يلتفت إلى الكارت الممدود خلف عينيه.

اظهر المزيد

نافذ سمان

كاتب وروائي سوري الأصل يقيم في النرويج له خمس أعمال منفردة ( مجموعة قصصية ،ثلاث روايات وديوان نثري ) إضافة لثلاث كتب جماعية. له عديد المساهمات في المنظمات الانسانية والتربوية. كاتب مقالات رأي وصحفي في العديد من الصحف والصفحات العربية والنرويجية. صحفي لدى جريدة فيورنجن النرويجية.درس الصحة النفسية للطفل لدى جامعة هارفرد 2017. مجاز ليسانس في الحقوق 1999 وعمل كرئيس لقسم الجباية في سوريا لحوالي 11 عاماً.
شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى