يحكي أنه في عالم السحر والجمال كان يعيش رجل وأمرأة متزوجان.. الرجل اسمه محمد والمرأة اسمها فاطمة، وكان محمد رجلا علي قدر كبير من الطيبة، يقضي أغلب ساعات نهاره، وهو يعمل بنشاط في حقله، ثم يعود إلي بيته في أخر اليوم متعبا جائعا، وكانت زوجته فاطمة في غاية الجمال، وكأنها ملاك من السماء، فأحبها محمد الطيب غاية الحب، إلا أنها دأبت علي عمل أقراص الخبز “كابيدة” من الدقيق الخشن “الردة”، مما كان يضايقه جدا، فسألها عن السبب، فأخبرته بأن أنفاس أختيه راجية ومرضية تأتي من حيث يسكنون وتخلص دقيقها من نعومته وتجعله خشنا.
تضايق محمد الطيب من أختيه وقرر أن يتخلص منهما، فاخذهما بعيدا علي مسيرة شهر خلف الجبال، وبني لهما بيتا لا باب له، إلا فتحة صغير في السقف، وتركهما هناك وعاد إلي بيته، ليجد أن الخبز الذي تخبزه له زوجته ما زال علي حاله من الخشونة ولم يتغير، وأخبرته زوجته الخائنة أن أنفاس أختيه لا زالت تفعل مفعولها في دقيقهم من حيث هي رغم بعد المسافة، فقرر محمد أن يقتل أختيه ويتخلص منهما ليعود الخبز ناعما، وأخذ كمية من الثعابين والعقارب السامة، وراح يصبها من فتحة السقف في دار أختيه خلف الجبال، ولدهشته، تحولت الثعابين والعقارب إلي قطع من حلي الذهب والفضة، ودهش أكثر عندما سمع اختيه يجمعان الحلي وهن تتمنيان وجوده معهما ليقتسم الغنيمة، وهنا رق قلبه وعرف أنه ظلمهما بالظن السيء، وعندما هبط إليهما من سقف البيت، استقبلتاه بالترحاب والحب الكثير، واستدعتا الغزالة الملاك التي وهبتها لهم عناية الله في خلوتهما، قائلتان:
– تعالي يا غزالة “سيه سجم”.
وأتت الغزالة الجميلة مطيعة مختالة، وقالتا لها:
– تقطعي وكوني طعاما شهيا.
فتحولت الغزالة إلي قطع شهية من شواء اللحم وأكل الجميع مستمتعين، إلا إنهم احتفظوا بالعظام سليمة، ودفنوها في كومة رماد، ونادت الأختان علي الغزالة الملاك قائلتان:
– إرجعي إيتها الغزالة، “سيه سجم”.
فقفزت الغزالة حية جميلة كما كانت، فعرف محمد أن الله لا ينسي المخلصين الذين يحبون الغير ويضحون من أجلهم.
وتنتهي الحدوته بالكلمات التقليدية التي تستخدم في إنهاء الحواديت في النوبة:
– ” الخضراء.. الخضراء لنا.. واليابسة.. اليابسة لكم.. يا سكان عوالم السحر.. فلكم عالمكم.. ولنا عالمنا.. فلتنصرفوا إلي عوالمكم بدون إيذاءنا.. (كومان.. كوماه)..”
من كتاب ” النوبة.. حكايات وذكريات” للكاتب: محي الدين شريف
سحر جبر محمود: مترجمة وكاتبة وباحثة فى الأدب الشعبى وعضو باتحاد كتاب مصر قامت بترجمة العديد من الكتب منها ترجمة ومراجعة سلسلة هارى بوتر و50 فكرة يجب أن تعرفها عن الدين، و50 فكرة يجب أن تعرفها عن الحرب، ولها تجربة فى مجال المسرح، مسرحية تكاشير عام 2012 ومن مؤلفاتها أنا جوليت عام 2014 وعالم دان براون 2015، حكايات من آسيا 2016، جحا النوبة علينتو 2017.