أدب و ثقافةروايات و قصص

العنقاء الجزء3

محمد رضا

الجزء الثالث
مع كلماته الأخيرة استيقظت من نومي , و شعرت بثقل رأسي و أنا أرفعها عن سطح مكتبي أمام حاسبي الآلي و الألم يجتاح جسدي ,فنهضت إلى فراشي و تمددت عليه و أنا أرى أشعة الشمس تتسلل من خلال ستائر نافذتي تنبئني بوقت الظهيرة , ولم تحاول أمي إيقاظي حتى ذلك الوقت ظنا منها بتعمدي ذلك كي أستطيع السهر الليلة إحتفالا بالألفية الجديدة ….

ظللت شارد الذهن إلى مابعد عصر ذلك اليوم ولا أكاد أتحدث مع أحد , و كأن عقلي أصبح مطاردا من قبل الطائر الأسطوري …يخفق بجناحيه بين جنبات كياني المرتبك المشوش , حتى تذكرت أنني يجب أن أتصل هاتفيا بـ”خالد” لأطمئن عليه – وقد أخذ لون السماء في الإحمرار تدريجيا و أوشكت الشمس على المغيب – و لكنني لم أتلق ردا , فأقلقني الأمر بعد عدة محاولات للإتصال به سواءًا على هاتف منزله أو على هاتفه المحمول بلا جدوى , فظننت أنه قد أقدم على حماقة ما . و بمشقة استطعت الإتصال بـ”حسام” و إخباره بالأمر و كان لتوه مستيقظا من نومه بسبب عمله الليلة السابقة , و اتفقنا أن نتقابل أمام مسكن “خالد” ….

كان الظلام قد حل عندما اكتشفنا عدم وجوده ببيته , ووقف كلانا في حيرة من أمره و سأل ” حسام” في قلق :
– تراه أين ذهب هذا المجنون ؟

فقلت في نفس القلق :
– لا أعلم ..ليس له مكان يذهب إليه .

فقال “حسام” :
– كان عليه أن ينتظرنا كما اتفقنا … أنا في غاية القلق .. و أخشي أن يؤذي نفسه .

فصمت للحظات احترق عقلي فيها من التفكير قبل أن أقول:
– لا … لقد ذهب لمقابلة العنقاء .

فنظر إلي “حسام ” في دهشة وهو يقول :
– ماذا تقول ؟ هل أصابك ما أصابه أيضا ؟

فقلت مفسرا له مقصدي :
– ما أقول إلا ما يحدث …لقد قال أن العنقاء ستأخذه بحلول أولى لحظات الألفية الجديدة …و بالتأكيد قد ذهب ليلتقيها …

فقال “حسام” في حيرة :
– ومن أين لنا أن نعرف المكان ؟ حتى أننا لا نعرف شيئا عن ماهية العنقاء أو شكلها ؟

فقلت مصححا اعتقاده :
– أنا أعرف عنها كل شيء ..

فنظر إلي في دهشة وهو يقول :
– أنت ؟!.. و ماذا تعرف ؟

فأخذت أخبره بما عرفته من معلومات عن العنقاء و الأساطير التي نسجت حولها في مختلف الشعوب و الحضارات ,و أن موتها و بعثها قد ارتبط بمصر الفرعونية ارتباطا وثيقا …..
و بعد لحظات حاول فيها “حسام ” استيعاب ما أخبرته به قال :
– مذبح الشمس !…هيكل رع !… أين سنجد هذا المكان ؟

فقلت في حيرة :
– لا أعلم بعد …كل ما أعلمه أن “هليوبليس” تلك هي “مصر الجديدة ” الآن ….
– و كيف سنصل إلى هناك الآن ؟ الناس جميعهم يحتفلون بالشوارع و الطرق مزدحمة , و معظمهم سيحضرون حفلة ” جان ميشيل جار ” عند سفح الهرم …
– الجميع بخارج منازلهم الآن …و لكن المهم أن نعرف أين يمكن أن يكون مذبح الشمس هذا ..

فقال “حسام” في توتر :
– أنت المثقف …أخبرني أين يمكن أن توجد مدينة قد إندثرت تحت التراب منذ آلاف السنين ؟

فلمعت الكلمات فجأة في رأسي قبل أن أقول :
– بالضبط !! … تحت التراب … إن هيليوبلس القديمة مدفونة تحـ…. أحتاج لإستخدام الإنترنت .

قلتها و أنا أهرول باحثا عن مركز للإنترنت قد يكون متاحا الآن بينما قال “حسام” وهو يلحق بي :
– ماذا ستفعل ؟
– أحاول معرفة مكان مذبح الشمس …
فقال “حسام” في ضيق :
– ستنتهي حياتي معكما بغرفة مريحة بمستشفى الأمراض العقلية …

و فور دخولنا أحد مراكز الإنترنت كان صاحبه يهم بالخروج فقال :
– ماذا تفعلان ؟ لم يتبق على منتصف الليل أكثر من ساعتين و عليِّ أن أصل إلى حفـــ….
فقاطعته وأنا أتجه إلى أحد الأجهزة قائلا :
– لن نستغرق أكثر من خمس دقائق …. الأمر عاجل.

فتأفف الرجل وهو ينظر إلى ساعته قبل أن يقول :
– إذن من الأفضل أن تسرع وتنتهي من أمرك العاجل .

*****يتبع ….
محمد رضا
العنقاء القصة الفائزة بالمركز الثالث جائزة صلاح هلال.

اظهر المزيد

نهاد كراره

نهاد كراره محاسبة وكاتبة مصرية صدر لها كتب مشتركة مثل بوح الصحبة و قطرات مطر وكتب فردية نيسان الوجع مدن الفراشات الدمشوري وآخر حدود الحلم نشرة العديد من المقالات علي المواقع الالكترونية المختلفة كموقع قل مقالات اجتماعية وبعض القصائد العمودية والعامية علي المواقع الأخرى صدر لها عدد من القصص في جرائد مختلفة منها صوت الشعب و جريدة القصة وغيرها عضو مجلس إدارة لموقع الصحبة نيوز مدير تنفيذي لدار الصحبة الثقافية للنشررالإلكتروني
زر الذهاب إلى الأعلى