المقالات الأدبية

الشاعر والتناص

زيد الطهراوي

الشعر موهبة قبل كل شيء، و مع ذلك فإن الموهوب لا يصبح شاعرا إلا إذا صقل هذه الموهبة، و صقل هذه الموهبة يتم عن طريق كثرة قراءة الشعر و تذوقه، مع إلمام بالنحو و العروض و معاني المفردات، ثم بعد ذلك يعتمد على نفسه و كأنه نسي ما قرأ و تذوق من الشعر ؛ و سيبصر التحسن الملحوظ مع كثرة القراءة و كثرة المحاولات في الكتابة، و هذه هي الطريقة المثلى لأنها تدل على أصالة الشاعر و هناك طريقة أخرى و هي أدنى مرتبة من الأولى ، و هي ان يتدرب الموهوب بالشعر؛ فيأتي على قصيدة لشاعر مبدع فيمزج مفرداتها بمفرداته هو فيكون قصيدة لا هي له و لا هي لشاعرها الأصلي ،فلا يتبناها الموهوب لأنها ليست كلها له فلا، يكون أمامه بعد كل هذا الجهد الا ان يمزق هذا الخليط المستهجن، ثم يهجم على قصيدة اخرى فيمزجها مع مفرداته و اخيلته؛ و يمزقها، و يستمر على ذلك الى ان ينتبه الى انه شرب نضوج تجربة الشعراء الذين ينصهر مع تجربتهم، كالشجرة الضعيفة التي تميل على جذع أختها لتزداد صلابة و قوة و هذه المرتبة لا يستحسنها الشعراء و النقاد ؛ لأنها طريقة الضعفاء الكسالى ، الذين لا يريدون ان يتعبوا انفسهم في القراءة المستديمة ، و قد ينجحون و قد لا ينجحون فهي طريقة تحتمل الارتقاء و تحتمل التردي أما التناص فهو هجوم على بيت او سطر شعري ،و اضافة شيء عليه من تصوير او فكر أو زيادة مفردة، و عدم تمزيقه بل نشره و نسبته الى نفسه، فينبهر القارئ فلا ينكر ان الشاعر أبدع في إعادة ترميم و زخرفة البيت الشعري، و لكنه لا ينكر ايضا ان البيت ليس للشاعر المرمم و المزخرف، و يفتح ديوان الشاعر الأصلي ليثبت أن البيت منتزع منه ؛ و هنا يثبت هذا المنتزع و يعترف بأن هذا التناص مسموح به لأنه يثبت قدرته على إضافة جمال فريد للتجربة الشعرية و هنا ينقسم النقاد الى قسمين : مؤيد لهذه التجربة و يسميها : “التناص” و معارض و لها و يسميها : ” التلاص” و ما زال النزال مستمرا و القضية لم تحسم بعد

اظهر المزيد

نافذ سمان

كاتب وروائي سوري الأصل يقيم في النرويج له خمس أعمال منفردة ( مجموعة قصصية ،ثلاث روايات وديوان نثري ) إضافة لثلاث كتب جماعية. له عديد المساهمات في المنظمات الانسانية والتربوية. كاتب مقالات رأي وصحفي في العديد من الصحف والصفحات العربية والنرويجية. صحفي لدى جريدة فيورنجن النرويجية.درس الصحة النفسية للطفل لدى جامعة هارفرد 2017. مجاز ليسانس في الحقوق 1999 وعمل كرئيس لقسم الجباية في سوريا لحوالي 11 عاماً.
زر الذهاب إلى الأعلى