
الزراعة نفط دائم مقولة يجب أن تُصاغ من ذهب. لكننا لم نرَ الزراعةَ زراعةً كي نقول عنها “نفط دائم” او نقول “الزراعة نفط لا ينضب” . بلدٌ كالعراقٍ كان يسمى بلاد الرافدين او ما بين النهرين إشارة إلى نهري دجلة والفرات الذين يمران خلال الاراضي العراقي من الشمال ليلتقيا في جنوب العراق ليكونا موردا مائيا قل نظيره فيُطلق عليه بذلك ارض السواد لكثرة الزراعة ولخصوبة ارضه. العراق الذي كان الاول عالميا في إنتاج التمور المتنوعة والعراق الذي كان يصدر الحنطة المتميزة للملكة الإنجليزية وبعض الدول الاوربية وأيضا العراق الذي كان يمتلك مزارعا المطاط في دولٍ أخرى هذا وانه مُصَدِر يعتد به. والعراق مؤهل لزراعة كافة أنواع المحاصيل الأساسية، وكونه بهذه المواصفات مهد السبل وعبّد الطرق هيأ نفسه ليكون بوتقة للانتاج فالزراعة فرضت عليه ثروة حيوانية كبيرة متميزة بالإضافة للثروة السمكية والتي جعلت من العراق موردا جيدا لها عربيا واقليما وهذه الثروات أُلحقت بها صناعتها فبلدٌ زراعي اقام مصانع تختص بالزراعة مثل تكرير الزيوت وإنتاج الرز والتمور السكر ومشتقاتها والعصائر…الخ وبلدٌ كالعراق فيه ثروات حيوانية عمد الى انشاء مصانع تختص بالجانب الحيواني من أغذية معلبة وزيوت حيوانية والبان وغيرها. هذه ايامٌ خوالي ولت واندثر أثرها وانكسر عضدها. اليوم العراق تحول من مورد جيد إلى مستورد نهم الزراعة فيه تحتضر بكل جوانبها فاضحى العراق يستورد ابسط الأغذية الزراعية ومشتقاتها ويستوردها من دول لا تقاس ولا تقارن بالعراق من حيث التأريخ والإمكانات الطبيعية، فالعراق الذي كان يصدر الرز بأنواعه المتميزة أمسى اليوم يلتضي بالاستييراد من كثير من الدول حتى الحنطة والشعير يستوردهما العراق وبأثمان باهضة فقد مورست ضد العراق سياسة شعواء وخطة إقتصادية محكمة فأمسكت اقتصاد العراق بكلاليبها بعد أن كشفت أنياب الخيانة. بعد نيسان ٢٠٠٣ كان المستعمر قد قرر قرارات خاطئة من ضمنها حل الجيش العراقي ومنها إنهاء الجانب الصناعي اماتة الجانب الزراعي تدريجيا من خلال رفع الضرائب ضد الفلاحين ورفع أسعار الأسمدة والمبيدات بعد تعطيل معامل الأسمدة واليوريا العراقية التي كانت تبيع إنتاجها الفلاح العراقي بأسعار مدعومة و صُير إلى عدم اعتماد خطط زراعية ناجحة وبذلك لم يتخذ اي قرار لدعم المنتوج المحلي وقبالة ذلك فإن حدود البلد فُتحت على مصراعيها دون دور رقابي ودون فرض ضريبي وان فُرض ذلك فهو رمزي لم يرقً إلى المستوى المطلوب وكما أسلفت نتج عن ذلك تحول العراق إلى مستورد قوي ومنافس شرائي . والتدهور الزراعي شمل كل جوانب الزراعة فالنخيل أيضا أُجرم في حقه فأعداده في حالة تناقص مستمر لما تعرض له العراق من حروب قبل الإستعمار وبعده. وتمدد التدهور لينال الجانب الحيواني فبين فترة واخرى يتم استهداف الثروة الحيوانية العراقية مرة استهداف الدجاج بمسميات عدة مثل الانفلونزا ومرة اخرى تستهدف الابقار بحمى نزيفية وغيرها ومرة اخرى نفوق الاسماك (والحبل على الجرار) الله كل هذه الأمراض هي مصطنعة للقضاء على أهم روافد الحياة في العراق. وحري بالحكومة العراقية ان تدعم الزراعة باستحصال حصص العراق المائية التي لم يحصل العراق الا على نصفها وأحيانا ربعها،وتوفير الأسمدة والمعدات الزراعية ودعم المنتجات سوقيا بخفض الضرائب عليه وفرضها بقيمة أكبر على المنتج الخارجي وبالتالي مباشرة ستنتعش الثروة الحيوانية والتي بدورها ستوفر فرص عمل لأبناء القرى والأرياف العاطلين عن العمل الذين بدأوا بالهجرة من الريف الى المدينة(هجرة عكسية). مشتاق آل عبدالرسول