
الحلقة الأخيرة …
تقديم
أجابها ضاحكا: ” لا أصادق جسدا أشتهيه”.. كادت تسعد، لولا أنه أضاف :”أنت أشهى حين ترحلين.. ثمة نساء يصبحن أجمل فى الغياب” أحلام مستغانمى- رواية “فوضى الحواس”
الحلقة العاشرة
أشرف مصطفى توفيق
19
تقول بروايتها :
“حين تكون كائنا حبريا فلا تخاف من رؤية نفسك عاريا، لاخوف عليك من قشعريرة مرتجفة على الورق أمام بركة حبر.لقد انتهيت كشخص..وبدأت كشخصية..”كانت هذه الكلمات افتتاح روايتها الأولى..
فعلتها سامية الحناوى وانتقلت من الصحافة للأدب- لتكون الصحافية الخامسة فى جريدتنا التى يسكنها جنى الأدب!!
فلقد كرست نفسها للكتابة،وفي دمها شهوات النساء العربيات المسجونات على طول أكثرمن ألف عام ولم يعد في وسعها أن تمارس الكتابة كجزء من وجودها، لقد هُزِمْتُ أمامها وصارت وجودها كله.فكانت كاتبة لاتقف عند المباح،بل انها تمارس المسكوت عنة لتكتبة بصدق.كم هى واقعية؟!
تقول فى روايتها: تتجاذبنى رغبتان الإفصاح وعدمه في الوقت نفسه, وفي كل الحالات لا بد من الإقرار بصعوبة الوقوع على صدق إذ ليس هناك شيء اسمه حرية التعبير بالمطلق أثناء الكتابة فهناك دائماً ما يقيد الكلام ويوجهه.فمما لا شك فيه أن الكتابة عن الذات تتطلب بالضرورة كتابة عن الآخر.والحال كما يقول أندريه موروا في كتابه (فن التراجم والسيرة الذاتية) أننا “إذا قررنا أن نقول كل شيء عن حياتنا,فنحن لا نملك الحق في أن نقرر أن نقول كل شيء عن حياة الآخرين” بل إن إحساساً بالمسؤولية قد يفرض نفسه من حيث وجوب حماية أولئك الذين رافقونا,أوارتبطوا ارتباطاً مباشراً بالأحداث من خلال صلتهم بنا هذا من جهة,ومن جهة أخرى فإن الأديب يعطي لقارئه ما يظن أنه النصيب الحقيقي له فتكون العملية الانتقائة محكومة في كثير من الأحيان برغبة في الصون من الابتذال؛ففتح خزانة الحياة كلها وفقاً لتعبير فدوى طوقان “نبش الخصوصيات ليس بالأمر الهين”..
ولكنى لم اتوقع الجرسة المكتوبة عنى فى روايتها!! فلماذا أختارت لروايتها رجلاً كنت أعرفه من سمرته،من أنفاسه،من اشتهائه الفاضح لها فقد كنت اراه كلما نظرت لنفسى فى المرايا؟!
كتبت: (كما يمكن ان نقع فى الحب من اول نظرة – يحدث ذلك ايضا عند الكتابة- عشقه قلمى ليكتب عنه كان رجل للكتابة!! يملك التناقض المولد للاحداث ) .فقرة آخرى بعد عدة صفحات:(أحبنى كأمرة وأحببته كرواية اكتبها فى العشق!! ذله قلم أنه لم يفهم كاتبة وذله قدر انى لم أفهم رجل؟! فهل خنت المراة بداخلى لصالح الأديبه؟! أم أنى مسنى قلمى بجنونه كما يمس الجن البشر؟! فتلبسنى..ولم أفق من سطوته الا بالزار المعتاد عند فرحه نهاية السطر الأخير للرواية ) ..
تقول:” أن يكون بينى وبينة علاقة -افهمه- باعتباره علاقة كاتب بكاتبة هو له قلم صحفى رشيق يكتب الكتب..وانا املك قلم قاص حالم يتخيل الروايات الايكفى ذلك لعلاقة وثيقة؟! لكن اعجبته كامراة،وغض البصر عنى ككاتبة؟!،وقع فى غرام خصرى،ولم يعشق حروفى؟! إنى عند اكتشاف ذلك اخجل من عارى! استمر سردها ..وأنا الهث من لهفة الإنجذاب.
تقول:” فانا شهرزاد المرأة. قصصى القصيرة احلى من لياليا الطويلة، ُجملى أطعم من قبلاتى، التناص والمجاز والتشبية قمصان نومى الخليعة، الشفافة، الموجعة. هأنا أغض البصر عنك كرجل وسامتك ،صوتك الحلو، ألعابك الرومانسية، أوجاعك الأيروتكية .. انظر لك لا كذات بل موضوعات متداخلة تمثل فسيفساء رواية مستحيلة!! ”
فى روايتها تقول :” ان الرجل الذى أكتبه ليس حتما أحبه والرجل الذى أحبه لا أفرض عليه حبى .. وأنما أقول له أستمر أنت فى مشاعرك الأخويه ودعنى وعشقى.”.
فلماذا فاتتنى هذة النصيحة!!
ابدو كوجه أنسانى حميم فى مواجهة “المتيافيزقيا الروائية” التى تريد ان تقنعنا بها؟! الذى يخشى الفراق ويشفق ان يرى نفسه مهجوراً ذات صباح!! لقد جعلتنى الرجل المهجور الذى يشبه الشاعر”الفريد دى موسيه” وهو يسعل وينتحب بينما تتركه حبيبته “الكاتبة جورج صاند” بلا رحمة وتمضى لعلاقه جديدة،وحب جديد من اجل كتابه أكثر تألقاً !! مشكلة الكاتبة أنه يدفعها حب الكتابه الى مغامرات حب مرتبكة.
فهى تحتمل فكرة عشق الرجل الخطأ!! ولكنها لا تحتمل الكتابه عن الرجل الخطأ.العشق يملك المسامحه ولكنها كيف تبرئ نفسها أمام الكلمة.
تريد اقناع القارىء انى ارتكبت بحمقى”خيانة عظمى” استخدمت سذاجة المرأة الكاتبة التى لايوجد عندها أعز من رجل يقرأ ماتكتب.. من اجل المرأة الأنثى ؟! فكنت الرجل الخطأ فى العشق وكنت الرجل الخطأ فى الكتابة.؟!
أنها الرواية – الوحش الجميل- التى اجتاحت الأجناس السردية واستحوذت عليها مستعينة بما لها في جوهرها من روح تسلط وهيمنة مكنتها من ان تذيب الجميع فى آهابها..أنها الرواية آكلة الأجناس غوايتها تاكلنا وتهضمنا، وتفضحنا، وتقيم جحيمنا.. جنس آكل لغيره من الاجناس يقد ثوبه من خيوط غيره. لا شئ يمنعه من أن يكون بحسب مشيئته حكاية أو تاريخا أو خرافة أو وقائع او غزلية.لا أحد يمنعة من الكذب علينا فهو بطبعة بين التصديق والخيال الرواية من جهة اخرى جنس طرى العود يفتح صدره لسائر الاجناس ويستضيفها ويحاورها ويبنى بحجارتها بيتة فعلينا عدم المقاومة ..فكيف لاتلعب بى فى هذا المتكأ السردي الذى يشدُّ الأنفاس. تسليتها تسميها ” رواية ” لتختزلنى على نحو خلاق.تشرب مقاماتى،وتجمع مذكراتى لقد لعبت بى أدخلتنى رحلتها فلم نرى إلا رحلتى؟!
إخترقت حياتى الشخصية،فهل ممارسة حيل النصب العاطفى فى الرواية مباح.؟
ناقد غيبى كتب تقديم لروايتها : أن بطلها..رجل ترابى ثابت يريد ان يحول البحر لحمام سباحة ألا يعرف ان للبحر مده وجذره وتقلبه الدائم ولايمكن أن ننزل نفس البحر مرتين.أيها الترابى الثابت المذاق لاتعكر علينا البحر؟!كم هى الكتابة “النقدية” ممتعة،حين يحكم النقد علم الأبراج !! ويستمر فى غيه المنهجى بعد أن أعتبر موهبتك بحر،أريد أن أسرقه لأحولك لامرأة فى مخدع..بدلا من كاتبة لرواية؟! ..ويكمل: العنصر الثالث فى الرواية وهو الشخصية، وآه من الشخصية؟! فثمة ملامح لها تنطوي عليها شخوصها الروائية تعرف بالتماهي فهناك إلغاء متعمداً للمسافة الفاصلة بينها وبين العديد من أبطالها وبطلاتها المتخيلة بنحو يشعر معه القارئ بأنهم لا يملكون وجوداً فردياً، بل هم نماذج منها.فيبدو ماهو ذاتى لديها،وكانة سيرتها عند المتلقى. ؟!
كانت تقول: اعرف هذا الاحساس الذى يحركه استخدامى لضمير المتكلم المسكوت عنه والخائفيين من وجوده،فيتوهمون ماهو ذاتى بأنة..سيرة ذاتية؟!
لكن ماالذى نفعلة والوهم بينى وبينك حقيقة.. أليس الأدب نوع من الإعتراف كما يقول يوسف ادريس ؟!
20
اجريت مكالمة عاجلة لها بالموبيل وقرأت عليها ماعلمت عليه بالحبر الفسفورى.
قالت – تحمل شخوص محبرتى اذا خرجت للورق ؟ كيف أحلم برواية تحقق ما قال (فلوبير ) عن المؤلف «يجب أن يكون، شأن الله في الكون، موجوداً في كل مكان، لكنه لا يُبْصَر »
قلت – لكنهم يبصروننا!!
قالت – كيف لايبصروننا؟ والنقد الأدبى يدخل كالبوليس بدون إذن النيابة غرف الرواية ويفتش محتوياتها ويتلصّص على أسرارها، وأدراج خزائنها، وألبوم صّورها، ورائحة سريرها، ومرآة حمّامها.المرآة التي اعتادت وجهنا وخبّأت تضاريسه ؟
قلت – لقد فضحتنى بكتابة فوتغرافية:اماكن سهراتى،ونوع تبغى وألوانى المفضلة،الأبجورة الحمراء فى مخدعى التى تنير بذبذبات الصوت كيف لعبتى بها لترى تفاصيلى وقت النشوة! لوحة “فان جوخ” الزيتية المقلدة التى تطالعك عند دخول منزلى لقد أبصرنى الأصدقاء قبل نقاد الأدب ؟! ..كانت جريمة ورقية مع سبق الإصرار والترصد..حبر أفضى الى فضح .. هتك سر ..إغتصاب علاقة حميمة تمت باتفاق..الأيوجد أحد يتعاطف مع الحبيب الذى يرفض أن يكون نزوة كتابة ؟! فما مدى شرعية العواطف عندك ؟ قولى ماحدود الرواية لديك؟
قالت – أقرات رواية \”التلصص\” لصنع اللة ابراهيم، لم يقاوم شهوة الرواية ففضح ابيه؟! ان \”حنان الشيخ\” تأخذها غواية الرواية لحد فضح سيرة امها تقول عنها كانت فى وقت واحد مع رجلين احداهما ابويا !! انها غواية الكتابة ذنبنا جميعا جرائم حبرية كما تقول.. نيران صديقة كلغة الجيوش..قدر سردى أحمق الخطى كما أرى ..واستمر صوتها مع تغير النبرأت: أن رءوف مسعد يهدى روايته “بيضة النعامة” لأبنته” يارا ” والرواية كلها فى شذوذ أبيها؟!..
أنها غواية الكتابة ذنبنا جميعا جرائم حبرية..نيران صديقة,قدر سردى أحمق الخطى؟! حين تكون كائنا حبريا فلا تخاف من رؤية نفسك عاريا لا خوف عليك من قشعريرة مرتجفة على الورق أمام بركة حبر لقد انتهيت كشخص وبدأت كشخصية… استمرت فى الكلام: من قال ان الرواية فضحت الآخرين ولم.. لم تفضحني؟! ..أودعتك سرى داخل سرك فأخرجتني من وكرى وأبقيتنى عزلاء،أحين يكون في روايتي رجل من عنبر، واضع فى الرجل امرأة من بخور وأخرج لهما شهوتهما نافرة ألا أكون رفعت رايتي البيضاء؟! لقد جعلت الجسد في حالة انتظار وخارج أى توقع كأنى أهيئه ليكون مستجيبا،ومتفاعلا خارج أى ضرر عند هذة الإشكالية يكون حتفى، ولكن تكون الرواية ؟! .. لعبة مسلية التى اخترعتها وصدقتها وفازت بها بجائزة ؟! لعبة الرجل المرتبك بين المرأة الأنثى ونفس المرأة وهى كاتبة “لعبة ميتافيزقية” كانت رواياتها كحقيبة كثيرة الجيوب السرٍيةٍ مرتبة بنية تضليلية فمنذ الصفحة الاولى تبدو الكاتبة مشغولة بترتيب حقيبة ذاكرتها فى غرفة خاصة وكأنها لاتشعر بوجود القارىء..ولكن القارىء لايقاوم شهوة التلصص على ذاكرة مبعثرة على سرير؟ فتسعل كى تنبهها إلى وجودك فتدعوك للجلوس على ناحية السرير.وتروح تقص عليك أسرارا ليست سوى أسرارك! فإذا بك تكتشف أنها لم تبعثر سوى ثيابك أنت، منامتك أنت، أدوات حلاقتك أنت،عطرك أنت ؟!
فالحقيبة كثيرة الجيوب السرية لم تفرغ منها على مخدعها الا “جيبا واحدا” ذاكرتك أنت؟! فاذا بها تتلصص عليك ، فى الوقت الذى كنت تتوقع أن تتلصص عليها؟! تراك عاريا ؟! بعد أن اعتقدت ان الفرصة لاحت لتراها بدون منامتها! كانت ترى انه خطأ غير مقصود، أثناء الانشغال بتنظيف سلاح الكلمات،فلا داع لتوهم جريمة محبرة مدبرة؟ كل مافى الامر أن القلم شد جرار “سوستة الجيب – الذى كنت اريد أنا سترة”،مع أن الرواية لاتعرف الستر؟ وفى قاع الجيب كانت رسائلى. ذاكرتى،فلم تعرف ان كانت ايامى ام ايامها! تماما كما حدث مع “غادة السمان” شدت جرار الذاكرة وجدت قى جيب الفص الايسر من العقل رسائل “غسان كنفانى” فلم تقاوم العقل الباطن وكتبت ذلك ؟!
أنهيت قراءة الرواية فى جلسة واحدة فى غيظ
وعندما تقابلنا بالجريدة
قلت لها: لم تبقى شيئاً فلماذا لم تكتبى اسمى؟!
قالت: كان يمكن كتابة اسمك لولا انى أعرف خجلك ؟
فى هذا الوقت وقعت رواية – ( ذاكرة الجسد ) لأحلام مستغانمى تحت يدي وقرأتها فى سيارة كانت تسير من القاهرة للغردقة على مقعد غير مريح، لم أقرأها على طريقة الشاعر \”نزار قباني\” الذي قرأها أمام بركة السباحة فى فندق \”سامر لاند\” فى بيروت .
وفى صــ 18 من الرواية تقول مستغانمى: ( فى الحقيقة كل رواية ناجحة هي جريمة ما. نرتكبها تجاه ذاكرة ما وربما تجاه شخص ما ،نقتله على مرأى من الجميع بكاتم صوت . ووحده يدرى أن تلك الكلمة الرصاصة كانت موجهة إليه .)
لقد كنت أعتقد أن الكتابة طريق الكاتب فى أن يعيش مرة أخرى قصة أحبها وطريقته فى منح الخلود لمن أحب .. وكأن كلامي فاجأ\”أنعام مستغانمى\” كانى قلت شيئاً لم تحسب له حساباً اعتقدت ذلك وانا ادقق فى صورتها الجميلة على الغلاف.
ولكنها فى صـ 21 من روايتها جاء الرد: \”ربما كان هذا صحيحاً أيضاً، فنحن فى النهاية لا نقتل سوى من أحببنا.. ونمنحهم تعويضاً عن ذلك خلوداً أدبيا..أنها صفقة.\” قالت: ربما, فنحن فى النهاية نخلص من أبطالنا. ونمنحهم تعويضا عن ذلك خلودا أدبيا, ففى الرواية نكتب ذاكرتنا, مهما حاولنا التغيير،والتخفى. قولى كيف تختم ذاكرتك بالشمع الأحمر حتى لاترتكب جرائم حبرية ضد من أحببت؟!
استغربت كثيرا لنظريتها الإجرامية للأدب.أعرف الصحافة الصفراء ولكنى أول مرة امام أدب أحمر؟! يقطر دماً ..يكتب ليقتل؟!
اسوء مافى الحب هذا الكم الكبير الذى تنشرة من ذاتك؟! ففى روايتها كما فى قصة زوربا كنت العجوز الذى يرى بعينيه من يتسابقون على سرقة أشيائه مستفيدين من عجزه عن آى دفاع، ثمة أبطال يكبرون داخل الرواية،مثل هؤلاء بإمكانهم قتل مؤلفيهم – فهم لهم طيف وجود فى الحقيقة- فهل سمعنا عن روائيين ماتوا على يد أبطالهم؟ تلك رواية آخرى عن قدرة الكائن الحبرى على القتل!تأثرت سامية، بمنى حلمى، وها هى تأخذها دنيا “أحلام مستغانمى.” ففى روايتها اكتشفت مسدسها المخبىء بين ثنايا ثيابها النسائية؟!
فبدت لى روايتها كمشنقة معلقة فى المكتبات لصياد كان ينشر شباكه للعشق ليلاً ويغنى فى الحب فعلق كقرصان على غلاف رواية .!!
وفى تمويه لإخفاقات عشقية..
قالت لى سامية : يا صديق المخلص أعترف لك بأنى اكتب لصنع أضرحة لأحلامى !!
فهل هى ترى الكتابة تكفين الوقت بالاوراق؟
تمت
تمت
نبذة عن الكاتب:
أشرف مصطفى توفيق
اسم الشهرة الادبى: اشرف توفيق
حاصل علي ماجيستير فى القانون