أدب و ثقافةالمقالات الأدبية

الحب والجواز ( مقال ساخر )

سيد عبد النبي محمد

 

 

كان الحب زمان حاجه ليها طعم خاص 00 وله شجون وأحاسيس مختلفه سألت أبويا وإحنا قاعدين مع بعض فى ساعة صفا إزاى عرف يجوز امى 00 تبسم 00 وعدل من قعدته وانفرجت أساريره وقال فكرتنى بالذى مضى 00أمك كانت غندوره 00كانت جميله وهاديه 00 كان أبى يسكن فى شارع شبرا الرئيسى وأمى كانت تسكن فى شارع الخازندار وهو الشارع الذى يقع فى بدايته جامع الخازندار وهو من أقدم  وأشهر مساجد القاهرة وكانت المنطقه هى نهايه العمران زي ما بيقولوا – نهاية محطة الترام الأصفر أبو سنجه – كانت أمى كعادتها تفتح المشربيه علشان تملى القلل زى البنات اللى زيها فى الشارع وقعت عينيها على الواد الإور – رايح جاى فى المنطقة لابس بدلته الرسميه كأنه عريس يوم فرحه ونافخ طربوشه وقعت عينيه على الغندوره رفع طربوشه ومسح على شعره وانحنى بقامته علشان يحيي محبوبته 00 الغريب إن ابويا فضل على النظام ده لمدة شهور ولو الحظ ضحكلهم والدنيا ساعدتهم ممكن يشوفها وهي رايحه تشترى البهارات أو الخضار ويعمل أى حاجه يعرف يبصلها كويس ويدقق فى ملامحها اللى إتعود يشوفها من بعيد .

وطبعا الأمورة كانت بتضحك ليه وأكتفى أبى بهذه الضحكه 00 وتطورت الحكاية شوية شوية لحد ما أبويا الحدق ماطلع المنديل من جيبه ووقع الجواب على الأرض وطبعا الحاجه أمى  الشابة الجميلة واخدة الجواب وهى بتبص شمال ويمين وعلى البيت عدل وعلى أوضيتها بعد ما رمت السلام على ستو نينه وباست إيديها وهى فرحانه وفتحت الجواب وقلبها يدق بسرعة وقرت الجواب حرف حرف وحفظته وبعدين حطته فى الشكمجيه بتاعتها جوه الدولاب – تكررت  مرات مرور ابويا يوميا على بيت الحبيب صباحا ومساءا واصبحت ترانيم مقدسه – فاكرين عبد المطلب لما كان بيغنى ويقول ( ساكن فى حي السيدة وحبيبى ساكن فى الحسين 00وعشان انول كل الرضا يوماتى ارحلة مرتين – من السيدة لسيدنا الحسين ) يوميا ياخدها مشى من حى السيدة الى حى الحسين ليه – علشان يشوف حبيبته وكمان مرتين مرة الصبح ومرة بالليل – شوفتوا الإخلاص والتفانى الحاج عبد المطلب رايح جاي يوميا من غير كلل او ملل –الست شاديه عبرت عن حبها الذي سبب لها المتاعب وغنت لحبيبها ( مين قالك تسكن فى حارتنا – تشغلنا وتقل راحتنا – يا تشوفلك حل في حكايتنا يا تعزل وتسيب حتتنا ) ثم تكمل بقيه الحكايه ( ييجى أبويا يعوز فنجان قهوة – أعمله شاى وأديه لأمى وخيالك ييجى على سهوة مايفرقش ما بين خالتى وعمى ) شوفتوا الحب وصلها لإيه – الخبل – أيوه الخبل بقت مش حاسة بنفسها – ولا عارفة هية رايحه فين ولا جايه منين – دة الحب أيام زمان  أيام السمك —   أما الحب بتاع اليومين دول بقى حاجه تانيه وغريبة وسريعة في كل شئ – الولد لو شاف البنت الحلوة الى عجبته ، الروشة سواء فى الشارع أو الجامعة أو فى النادى أو فى فرح واحد صاحبة أو واحدة قريبته ودخلت مزاجه أو هو دخل مزاجها – يروح مكلمها بأي حجة أو بدون حجة والمبررات دلوقت بقت سهلة وسريعة أو يخلى واحدة صاحبته او واحد  صاحبها يعرفه عليها ومن المرة الأولى يكون عرف كل حاجة عنها إسمها وعنوانها وقصة حياتها وياخد أكاونت الفيس بوك بتاعها وأول مايروح البيت يعملها آدد – ويشتغل النت ياسيدى طول الليل وهبه يكون البيه خد رقم الموبايل بتاعها – ومفيش يومين ويتقابلوا بعد مكالمات كتيرة قوى – الخروج دلوقت مش مشكلة ( أنا رايحه عيد ميلاد واحدة صاحبتي – الشاب مش محتاج حجة هو أصلا طول النهار والليل فى الشارع وبرة البيت ) .

يتقابلوا الإتنين فى الكوفى شوب يشربوا الشيشة  التفاح مع بعض يتعدل المزاج وتبدأ الونونة ويروحوا داخلين فى الموضوع على طول ويقول لها أنا بحبك ياروحى – تستنى بطة شوية تعمل نفسها تقيلة وبتفكر – عشر دقايق تروح بطة داخله فى الموضوع – إنت فاجئتنى ياأحمد سيبنى أفكر – يسكت أحمد – لحد إمتى يا حياتى ؟

تقرر بطه أن ترد عليه بعد ما تفرقع الخطيب الأولانى – اللى مش عنده شقه – المهم تقرر بطه أن يبقوا مرتبطين فى حكم المخطوبين – يعنى يخرجوا مع بعض وطول الليل يتكلموا مع بعض فى التليفون – بس الفرق بينهم وبين المخطوبين ان البلد كلها تعرف ماعدا اهليهم – يعنى ويفضلوا مرتبطين على ماتفرج .

الست سعاد حسنى غنت لحسين فهمى وقالت له الحياه بقى لونها بمبى وانا جنبك وانت جنبى واختصرت سعاد الحب او الزواج فى بوسه ونغمض ويالا .

واتعلمنا في حياتنا ان كل حاجة لازم تكون بسرعة – الأكل بسرعة والشرب بسرعة ونتكلم بسرعة وبنمشى بسرعة وبنضحك بسرعة وبنفكر بسرعة وحتى بقينا نحب بسرعة— قراراتنا بقت سريعة وعلشان كدة بقينا نغلط بسرعة وننجح بسرعة ونفشل بسرعة ونندم بسرعة .

والحاجة اللى بتيجى بسرعة لازم تروح بسرعة !

الحب زمان كان ليه قدسيه – وكان المزاج رايق والبال مرتاح والدنيا مش زحمة زى دلوقت – أفتكر لما فكرت فى الجواز وتم إختيار بنت الحلال بعد فحص وتمحيص وطلعات إستخباراتية من أبويا لبيت أهلها وجلسات تشاوريه مع أهل البيت ذهبت مع أسرتى لخطبتها قعدت أمى تبوس فيها وتحضنها وتديها لب وبندق علشان تكسرة بعد مادخلت العروسه وهيه شايله صينيه الشاى وبتوزع الأكواب بنفسها ووقعت أمى شنطه إيديها على الأرض  ووطت العروسة والتقطت الشنطه وسلمتها لأمى وعرفت بعد ذلك أن كل ما تم لم يكن إلا كشف هيئه عليها – وتم قراءة الفاتحه بعد الإتفاق على كل شئ ( أبوها قال أحنا بنشترى راجل  — أبويا قال هي زى بنتي بالظبط )– تكررت مرات خروجنا بعلم الأهل وبمباركة العائلتين

كلام بسيط – سهل – مقنع – بعد حب طاهر برئ .

الحاله مختلفة تماما عندما أخبرنى ابنى بأنه يريد ان يخطب زميلته فى العمل – سألته هى مين وأصلها إيه – إختصر كلامه معي بأنه يعرف عنها كل حاجة وهما متفقين مع بعض على كل حاجة – أبوها قال شرطى الشبكه تكون محترمة – الشقه بتاعة العريس وكل حاجة بالنص – العفش بالنص – والمطبخ بالنص – والادوات الكهربائيه بالنص – والعروسة بالنص كل حاجة بقت بالنص – حتى العشرة بقت بالنص ولم يدم زواج إبنى إلا سنتين ونص وبعدها حدثت مشاكل بقالنا فيها سنة ونص بعد ماخلف منها ولد .

زمان كانت البساطة والتأنى والوضوح والصراحة فى متطلبات وإجراءات الزواج وكان هناك الكبير اللى بيوجة ويحل ويربط واللى كلمته سيف على الكل – مكنش فيه أزمة سكن زى دلوقت – الشقق كانت كتيرة وسرحة وبرحة وترد الروح وكلها كانت إيجار – كانت هناك شقق كتيرة فاضيه واصحابها كانوا بيبخروها علشان تسكن – دلوقت الشقق كلها بقت تمليلك  وبقت ضيقه 63 متر وأقل تدفع 100 الف مقدم وتفضل تكح طول عمرك علشان تسدد القسط الشهرى — الحمام ضيق والمطبخ ضيق والصاله ضيقه وكل حاجه بقت صعبه والأسانسير عطلان والشقه بعيد عن الشغل عايزة حرب ومصاريف .

الشاب زمان كان بيشتغل أول مايتخرج ويخلص الجيش ويجرى أبوة وأمة يخطبوا ليه ويبقوا فرحانين أوى بيه وعلشان كدة الجواز ماكنش أسهل منه – فرعين نور على راس الشارع وحتة رقاصة بلدي – والجيران يتعشوا رز ولحمه وكفته جملي مع صوانى البطاطس وشربات الورد الاحمر .

دلوقت الرقاصة بتاخد في الساعة الفين جنيه والنادي بياخد فى الليله 15 الف جنيه والبنت اللى يكون حظها حلو تتستر بعد التخرج – والزمن تغير والدنيا بقت غير الآول وكل أسره بقى فيها بنت اواكتر أو ولد اواكترمن غير جواز ومش قادرين يتجوزوا .

أم البنات دلوقت بقت عايشة فى قلق بتدور على أي مناسبه أو فرح علشان تحط بناتها في العرض يمكن تلقط لها عريس من هنا ولا من هناك .

والشباب دلوقت بقت ظروفه صعبة ومتدهورة – خلينا واقعيين  – الشاب بعد مايتخرج ويخلص تعليم وجيش يروح يدور على شغل يفضل فى صراع نفسى لحد مايلاقى وظيفه تأكله عيش يكون عدا ال35 سنه واللى بيشتغل فى مصر قول يارحمن يارحيم – ربنا معاه – الشاب اللى حظه حلو وسافر برة وربنا كرمه يفضل يصارع لحد مايجيب شقه – دلوقت معظم الشباب بيعتمدوا على ابوهم لتوفير الشقه علشان يتجوزوا.

زمان كانت الخاطبة أم على عارفه الناس كويس العريس اللى ناوي يتجوز والعروسه اللى حالتها تسمح وكانت تعرف توصل العليتين ببعض وتقرب المسافات

العريس دلوقت بيخش البيت عن طريق الشات او التليفون والباب ده آخر حاجة بيفكر فيها – وكتير جدا لما الشاب البسيط يدخل البيت من الباب يتقال له ورينا عرض كتافك ويترزع الباب وراه لانه مش جاهز ماديا .

الجواز دلوقت بقى مسؤليه كبيرة – حتى لو حاول العريس والعروسه أن يبدآ حياتهما فى شقه بسيطه للإيجار الجديد الذى يستنزف أكتر من نصف راتبهما إذا إستمرا في العمل .

دلوقت تلاقى البنت زى القمر ومتعلمه ومن عيله محترمه وألف شاب يتمناها ووصلت الى سن متقدمه ولسه متجوزتش ويمكن ما يتقدمش ليها عريس .

العرسان بتنقرض والى بيتبقى منهم بعضهم مش عارف يتجوز بسبب الظروف

طيب فيه حل – أيوه لازم يكون فيه حل ؟

ممكن تساعدونا ؟– ممكن – علشان نعدى المحنة –ونيسر الأمور ؟

ربنا يفتح علينا وعليكم

سيد عبد النبى محمد

 

اظهر المزيد

نهاد كراره

نهاد كراره محاسبة وكاتبة مصرية صدر لها كتب مشتركة مثل بوح الصحبة و قطرات مطر وكتب فردية نيسان الوجع مدن الفراشات الدمشوري وآخر حدود الحلم نشرة العديد من المقالات علي المواقع الالكترونية المختلفة كموقع قل مقالات اجتماعية وبعض القصائد العمودية والعامية علي المواقع الأخرى صدر لها عدد من القصص في جرائد مختلفة منها صوت الشعب و جريدة القصة وغيرها عضو مجلس إدارة لموقع الصحبة نيوز مدير تنفيذي لدار الصحبة الثقافية للنشررالإلكتروني
شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى