
تقديم:
أخرج من دمي ..أكسبتني مناعة ضد نزوات لا تجرؤ عليها أحلامي . أخرج من دمي مثل الماء أنت .. لا طعم لك،ولا لون ولا رائحة ، لكن الحياة بدونك محال ، مثل الهواء أنت . دائم الغدو والترحال .. لكنك رغما ً علي تدخل إلى صدري .أنت مثل النار .. في لحظة تحرق وتسبب الدمار ولحظة أخرى . تمنح الدفء وحلو الانتظار.مثل التراب أنت. منك جئت إلى الوجود ، وإليك عند المنتهى الرجوع .أنت، الأسطورة العجيبة التي حين تتحقق ، تصبح أكثر خيالاً .أنت نقطة ضعفي الوحيدة ، التي منحتني قوتي ، في عالم لا أود الانتماء إليه ، أنت التوتر الموحى بالسحر والشعر والغناء,أنت الرجل المطلق الذي يلائمني في كل زمان ومكان ، أسعى إليك وكأني إلى نعيم الأبدية ساعية، ومفتونة في وجودك ومسحورة في غيابك، وما بين الوجود والغياب أموت مرات ومرات ويبكيني الاكتشاف المذهل،أنني كلما مت فيك تعلمت أكثر كيف أحيا.صنعتك من عشقي المجنون وأمنياتي المستحيلة،وكان نصيبي التنكروالجحود.ملأت لك الكأس رويت غيري وتركتني وحدي مع ليالي الظمأ .فياآى رجل .. أخرج من دمي ..
من مجموعة منى حلمى” البحر بيننا”
الجزء السادس:
أشرف مصطفى توفيق
11
اعطتنى سامية الحناوى فى الصباح جواب مزركش،ونوهت أننا اليوم سنحتفل بصالون آدبى جديد هو صالون “الامازونيات”لصاحبته الكاتبة منى حلمى،ونوهت بأنه قد يحضر النشاب الإفتتاح،وقالت”وهو موافق على عمل روبرتاج عن الصالون”..
كنت اقتربت جدا من منى حلمي،فقد عملت معنا فترة بالجريدة،قبل أن تغدق عليها الميديا بحظوظها،لتعد عدة برامج بالإذاعة،وتصبح وجها متكرراً فى برامج التوك شو بالتليفزيون.ومع أول مجموعة قصصية لها تبنت السينما كتاباتها؟!
كانت منى حلمى صحفية على راسها ريشة! لاتحضر يوميا،وتكتب عمودا يوم الأحد، وخواطر يوم الاربعاء.كانت امرأة أورثتها امها د.نوال السعداوي: عشق الكتابة.الشعر الأبيض قبل الأوان.قرض الأظافر ونهماً لاينتهي للبقاء جامحة راديكالية للعلاقة بالرجل أنها امرأة تحمل جين وراثي حياتي يجعلها لا تنسجم مع الثوابت،وتكتمل بالوحدة.إنها امرأة مسكونة بالكتابةحتى أنها ترى أن الغرام يمارس بشبق مع الورق وأن الأمومة تكون بعمل مكتوب لا بطفل مولود؟..وكانت فرخة بكشك عند النشاب؟ وفى نفس الوقت كانت صديقه “أنتيم” لسامية الحناوى.ولذا لم اتعجب من الإحتفاء بإفتتاح صالونها الأدبى المبالغ فيه. وقد يكون ذلك بحكم الصحبة القديمة..فتحت الخطاب المزركش والذى حسبته دعوة لصالون الامازونيات،لأجده شبىء آخر أنه دعوة لحضور مؤتمر
“تجديد الخطاب الدينى”- اما المكان فأسيوط- أوفى دكتور”ابراهيم المواردى” بلدياتى وارسل لى دعوة لمؤتمر تجديد الخطاب الدينى.
ذهبت أنا وسامية فى سيارتى،وندمت فقد كنت فى مدينة نصر، فمررت على سامية فى التجمع ،لأعلم أن الصالون فى مساكن اغاخان بشبرا.وعند وصولى وجدت حشدا كان فيه (مريم عونى)انطلقت سامية نحو منى حلمى ولم تعد،واستقريت على كرسى بجانب مريم،كان المكان يستدعى روح “مى زيادة” بقوة من خلال تابلوة كبير معلق لها فى منتصف الحائط،ومن خلال “منى حلمى” نفسها التى قصت شعرها على طريقتها ولبست فستانا يعود لأيام ثورة 1919فى موضته.بل عند الإفتتاح قالت (أنها تتمنى أن يعيد صالونها ،ايام مى زيادة ،وصالون مى زيادة.) ..
نبهتنى مريم لأهمية أن اخطف الكلمة الأن،واجرى حوارا ليكون غدا فى الجورنال، وافهمتنى أنها ستكون قريبة منى لتسجله.وتساندنى.
قلت لمنى سيدتى أستطيع معك أن أكون عرافا وأقرأ كفك؟!
فقالت: وهذه لعبة ذكورية قديمة ليستطيع الرجل أن يداعب أصابع المرأة ؟!
وجاء السؤال لماذا حتى الآن لا تتزوجين؟!
قالت: من قال..تزوجت القلم..إنه موقف من الحياة!..
وعلى طريقة (كمال عبد الجواد) فى ثلاثية محفوظ الذى قال “المحبون لا يتزوجون؟!”.. اعلنت أن: (الشهرزادات لايتزوجن الرجال)،(الكاتبات خلقن للقلم) (الأمازونيات لاينتظرن فوارس؟! ) وعرفت من أين أتت سامية بعذرية شهرزاد؟!
أثار فنجان القهوة وغيبة المحوج..شهية الحوار بيننا وعرفت أنها عند البوح تعانق أصابعها سيجارة من النعناع وتشعل عود بخور فالحوار عندها له طقوس هو ليس بثا ًأو دردشة ولكنه منازلة ذهنية .
سألتها لماذا تكتبين قد يبدو السؤال ساذجا.ولكنه مهم مع امرأة قررت أن تأخذ إجازة من عملها وتتفرغ للكتابة.تركت عملها في مركز البحوث الجنائية والإجتماعية رغم حصولها على ماجيستير في تخصصها ؟كتبت في الكارت الخاص بالتعرف عليها” كاتبة” ؟!
قالت: سؤالك لا أجرؤ على سؤاله لنفسي في أي يوم . وأسأله كل يوم ..أجد له ألف مبرر وأجد أنه لا مبرر له على الإطلاق..لماذا أكتب ؟! لا أدري تماما ..الكتابة عندي تشبه التنفس..إنها الرائحة التي تجعلني أبقى على قيد الحياة ..إنها وجهي وملامحي وكيف أقابل العالم بلا وجه ولا ملامح ؟! الكتابة هي فضيلتي وسط العالم الممتلئ بالخطايا..الكتابة هي عناق حميم للكون.وأنا أوافقك وأقول يكفيني أن الكتابة تحدث عندي لحظة إخصاب تمنحني أمومة أصنعها وحدي…
قررت “مريم عونى” أن تستفيد من معطيات إجابتها وتتداخل حين ظهر لها أنى أنهيت تألقى
..وجاء سؤال من انثى لأنثى : إذا كان هناك مرض ثقافي تعاني منه المرأة الكاتبة وهو أنه في عالم الكتابة الأنثوية لا يفرقون بين الكاتب والمكتوب أو بين حياة الكاتبة وما تكتبه.فهل هناك مرض آخر قد أصاب المبدعات من أنهن لا يفرقن بين الناقد والحبيب..حكايات كثيرة في هذا المجال ؟!
ضحكت منى وقالت:لا يمكن أن أحب رجل يتجاهل أني كاتبة بل أن المرض مضاعف عندي،فلم يعد انشغالي بالعشق إلا بقدر ما يمكن للرجل أن يكون ملهماً اكتشفت إنني عاجزة عن حب رجل لا يعشقني ككاتبة ولا تكون كتاباتي ضمن أولويات اهتمامه ولا أنكر أنه مأزق فالرجال الذين يحبون ويعشقون كثيرون ..لكن الرجل القادر على إلهام المرأة الكاتبة أو الفنانة نادر الوجود …
قالت لها: إذا كنا بدأنا بلماذا نكتب؟..فليس أمامنا إلا استكمال التساؤلات السارتارية الوجودية لمن تكتبى ؟ وكيف تكتبى ؟!
قالت : يشغلني دائما الكلمة الأولى،أنا اعبر عن المرأة الوحيدة غير الشاعرة بانتماء لشيء في لحظة مكثفة جدا ًأعطي رؤيتي فما أكتبه ميلاد لتحرر أشياء بداخلي لا أهتم بالحبكة والمعايير النقدية المدرسية بقدر ما أحب أن أشبع ما بداخلي وأنا أميل للنهايات المفتوحة الرحبة وأريد أن أغير كثيرا ًمما حولي والكتابة هي إعلاني وميثاقي لهذا التغيير ..
قالت لها سامية فى دلال وهى تنظر ناحيتى : لو نادك القلم والرجل فلمن تستجيبين؟!
قالت:كما هي محرجة تلك اللحظات احين يدعوني رجل لأن ألقاه ورغم الحنين أعتذر فأنا حين لا أكتب لا أصلح لأي رجل .
كنت قد استرددت انفاسى فتركونى اكمل معها ..
قلت لها : الا تحلمين برجل يسكن دارك ،ويقترب من حدودك ويملك جواز سفر لقلبك ؟!
قالت : لا يوجد رجل يملك كل هذه الإمكانيات الرجل عندي ( حبيب على الورق ) ولي قصة بهذا الاسم وهذه الفلسفة قلت فيها : أحتاج لرجل يلهمني ، أحتاج دائما لرجل على الورق لأمسك بالدليل الوحيد على أني امرأة رجال كثيرون ألهموني وقعوا في الفخ المنصوب رغم عني .كل رجل ألهمني أعتقد أنه الحبيب..وأعتقد أن قلبي مع قلمي ،كل منهم أعتقد أني امرأة سهلة المنال ..حتى الآن لم أجد الرجل الذي يصلح لغرضين معا ً( أن يكون ملهماً على الورق..وحبيبا ًعلى الأرض )
قلت لها: ملحوظة ثانية يا سيدتى مجموعتك الاخيرة ( 20 قصة ) كلها البطل فيها رجل غائب تناديه أن يحضر ولكنه (لا يحضر في القصة – أو تسأليه ألا يحضر) ورغم ذلك البطلة كلها توهج وحاجة له .. لماذا ؟!
قالت : اعترف بذلك فالرجل الحاضر لا يلهم أدبا َولا يفجر في شحنات الإبداع يجب أن يكون حضوره كالطيف . حضوراً ضئيلاً كنجم يظهر في السماء ثم يغيب ، أنا تكفيني بداية العاطفة التي تفجر الكتابة ..فأنا أحب الملهم في لحظة ولادة القصة وبعدها أنا إنسانة أخرى فالرجل الغائب هو البحث عن ملهم .
قدمت سامية ومنى نفحات من حياة مى زيادة لخصته لنشره مع الروبرتاج:
– كان بين مى وجبران حبا ًغريبا ًعمره كله احدى واربعيين رسالة بينهما.أرسل إليها مثلا ًخطابا ًطويلا ًيبثها أشواقه ويقول فيه: أنا ضباب يا ( مي ) أنا ضباب يغمر الأشياء ولكنه لا يتحد واياها. أنا ضباب وفي الضباب وحدتي”..
– وطلب منها الزواج كثير من فطاحل الأدب ولي الدين يكن، وشلبي شميل، وعرض عليها الغرام الحر بعضهم..ودخلت في علاقة ممتدة مع العقاد ولكنها كانت فيلسوفة الصداقة بينهم جميعا ًأما قلبها فقد هام بعيدا ًبذلك الشاعر الذي تتبادل معه الرسائل .. ولكن العقاد كتب عنها في روايته ( سارة ) وأدعى أنها كانت تهتم أكثر به وتحرص عليه أكثر ولكنه كان يكرر كانت (سارة الجسد وكانت مي الروح
– ولكن الغريب أن هذه العقلية المختلفة المتمردة أصابها الجنون وكانت ترى في أخريات حياتها تهذي ولطاهر الطناحي كتاب” أطياف من حياة مي” عن أخريات أيامها وضياعها جسدا ًوعقلا ً.
وجاء ناقد حداثى تكلم عن”مى زيادة” فقال اصابها مرض صالونها،فللصالونات الأدبية امراض ؟! هي لعنة المرأة الحرة الصريحة التي لا يمكن أن يفهمها أحد، لقد كانت في حوار مع الجميع..فهي امرأة للكل وليست امرأة لأحد.. فمي زيادة فتاة شديدة الحساسية ومضطربة ومتناقضة وتعشق التعبيرات الجميلة فتصيب وتخيب ولكنهاليست أديبة كبيرة ولا هي مفكرة وإنما كان صالونها ضوء في سماء مصر وكانت شخصيتها أشبه بملكات النحل حام حولها الفراش الفكري،وجرى إليها دبابير الأدب والفن ولكنها لم تكن قوية كملكات النحل لتختار أقوى الذكور ولكنها اختارت أبعدهم عنها، ولم تكن ضوء لإحراق الفراش فأخمد الفراش الضوء أحبت شاعرا ًغريبا ًمثلها مريضا ًمثلها،هو جبران خليل جبران أما أدباء مصر ومفكروها فكانت تتحدث إليهم وتجاملهم،وتسلط عليهم غريزة المرأة ويذهب كل واحد إلى بيته ليبعث لها رسالة خاصة شديدة الحذر يكتب فيها أدبه وليس حبه يكتب فيها ما لم يقل وما لم تقل فمثلا ًالعقاد كتب لها قصائد ومصطفى صادق الرافعي سود لها كتاب” السحاب الأحمر” و” طرق الورد ” و” رسائل الأحزان “ولم يفعل ذلك جبران لم يكتب قصيدة اسمها ( مي زيادة ) مع أنه كتب عن ابن سينا والغزالي ..
فهل كانت مي زيادة غانية تتحدث في الأدب أو أديبة تعرف الفجور ؟! أو أنها لم تكن هذا ولا ذك، وإنما اوقعتها الأقدار في اوكار الذئب الفكري للرجل الشرقي لقد حاول أن يجرب معها الجميع الفيلسوف لطفي السيد أرسل لها خطابا ً: أنني طماع ولكن عذري أنني صادق في الإحساس أي يريد أن يقول لها إنه معجب بها أو يحبها أو يشتهيها وطالما أنه صادق فهذا يكفي لأن يحصل على ما يريد..يا سلام يا فيلسوف ؟!..ولكنها رأت العقاد وجلست إليه وزارته في منزله وأهدت إليه أكثر من هدية ولكنها تطلب منه فقط الحذر الشديد فالرسائل تكاد تكون رمزية تحتاج إلى شفرة واللقاء يكاد يكون بخطة بوليسية موضوعة بخبرة وتقبل العقاد ذلك..فقد كان هذا طابع العقاد! ولكنها تجرأت حينما تجرأ عليها مصطفى صادق الرافعي وكان حجة في الأدب،وصناعة الكلام (هامت بما يقول فهى ربه الكلام المعسول،فأعتقد أنها هامت به) وكادت أن تطلب له البوليس )
وقدمت ورقة عمل عن “الأمازونيات” للتعريف لماذا اسم الأمازونيات على الصالون؟ جاء فيها (:قررت المرأة الهرب من قسوة الرجل وظلمه وأنانيته،وأن تقيم لنفسها مدينة أو جزيرة للنساء تكون محرمة على الرجال فخلق الرجل حولها مالا نهاية من الخرافات.فبرغم أن التاريخ يحدد زمان ومكان لظهور المرأة الوحيدة،إلا إنها بقت اسطورة، والاسطورة تبقى دائما كذبة حقيقية أو حقيقة كاذبة.فقد كلنت هناك مجموعة من النساء عرفن بأسم “الأمازونات” وهو كلمة تعنى المحاربات،ومن معانيها: ذوات الثدى الواحد.فقد كانت الفتاة الأمازونية حريصة على أن تتقن إطلاق السهام،وكان ثدياها يعوقانها،ولذا قطعت كل واحدة ثديا..وكلهن فى غاية الشجاعة،والقدرة على القنص والرماية والصيد وكان من عادة الأمازونات أن ينتقلن مرة كل سنة لبلد مجاور،فتحمل النساء،فإذا كان المولود بنتا احتفظن بها،وإذا كان ولدا أعادوه لأبيه.ويقال أن إحدى ملكات الأمازون قد ذهبت للأسكندر الأكبروطلبت أن تحمل منه،ليكون لهما ولدا عبقريا أو أبنة عبقرية واقامت معه ثلاثة عشر يوما واختفت بعدها من جزيرة أو ارض الأمازونات.)
وعلقت د.نوال السعداوى:فالمؤرخون الرجال يريدون طبعا أن يقولوا أن الأمازونات لم يستطعن الحياة وحدهن،وان ملكتهن لم تستطع مقاومة قوة وجمال الإسكندر،ومن اجله هربت وخلعت كل فلسفتها وميراثها وحلمها فى أن تعيش وحدها، أكرم وأعز.
ولم افهم نظرية تزوجت قلمى؟
.. أو ان الامازونيات لا يحتجن فوارس!
حتى عرفت من حوارات الصالون أن الكاتبة مى زيادة هى أول آديبة عربية تحرم على نفسها الزواج واستعملت عبارة” تزوجته هو قلمى؟!” فقد أحبت الشاعر جبران مؤبد25سنة دون أن يتلاقى!حباً على ورقة بيضاء عليها طابع بريد تحمل آهات وثورة وأفكار هذان الكائنان قمة التمزق في العقل والقلب بين الموجود والكائن.رغم كل من أحاطوا بها وأحبوها أو حاولوا ذلك.وظللت افكر فى تجربة “الأمازنيات” هل استغنين فعلا عن الرجل؟ طب وأخبار الرحلة السنوية اياها ايه؟!
وهمس لى الناقد الحداثى: استغنوا عن الرجال ولم يستغنوا عن الجنس؟!
أن الأمازونيات يسبين الرجال فيكونوا لهن عبيدا… إيماء من الذكور ها ها..
12
وبدأت اجمع كل مايقع فى يدى عن مى زيادة فيقول عنها أنيس منصور” إنها أقرب إلى التي غرفت في حوض من الشامبانيا،الكل فتحوا الزجاجات فصبوها على رأسها وليس في حلقها.ثم وضعوها بالقرب من النار..ولما ماتت استراح الجميع ، لأنها لم تكن لواحد منهم فكان حرمان الجميع منها نوعا ًمن العدل ولكنه العدل العنيف هل ظلموها هل ظلمت نفسها ؟ هل كان جنونها في النهاية كمن حاول أن يمشي على الحبل فاختل توازنه فسقط..وكان الأسف على سقوطه معادلا ًللإعجاب بتوازنه على الحبل قبل أن يسقط ؟! فهو اذا مرض أولعنة الصالونات الأدبية حولوها لملكة فلم تستطع أن تكون لأحد؟ قدموا لها فروض الطاعة شعرا ونثرا وهدايا ،فتحولت من إنسانة لأسطورة!! وتقول الدكتورة :”إجلال”المتخصصة في الهياج الجنسي عند مرضى الأمراض العقلية :(مي زيادة) إنها تشبه النبي إبراهيم دخلت النار ولم تحرقها كانت بردا ًوسلاما ًعليها ولكنها لأنها امرأة وليست نبيه لم تصدق ذلك فاختل عقلها..جنت أفضل امرأة ؟
ووجدت لنا مريم عونى وهى تدعبس فى الارشيف والدسك(ماكتبه أنور المعداوى أشهر نقاد الأدب فى الأربعينيات والخمسينيات قبل ٦٥ عامًا، عن الآنسة مى زيادة أشهر أديبة عربية فى القرن العشرين وكان صادما وقاسيا ومثيرا حقا للجدل) المعداوى وصف رسائل “ولى الدين يكن لها”بـ «المبتذلة»؟ واستنكر قبولها! وقال الرافعى كان يعانى من «الوساوس القهرية» وكان يستغلها ليغذى موهبة الإبداع لديه؟!وطعنها أنور المعداوى فى أنوثتها، متهما إياها بتهمة لم يسبقه إليها أحد” الشذوذ الجنسى”! ودلل على ذلك أن ( المرأة الطبيعية هى التى يستيقظ فى أعماقها الشعور بالرجل،سواء أكانت هذه اليقظة فى صورة حب مضطرم أم كانت فى صورة عاطفة جياشة أو حس مشبوب،أما المرأة الشاذة فهى تلك التى تنام فى أعماقها مثل هذه اليقظة التى تلهب دون أن تحس بين جنبيها النار.والتى تثير ولا تثار.. ويقول : هى” مى” فى حقيقتها التى لا تتذوق طعم الحب، لأنها فقدت شهية الأنوثة ) يقول «المعداوى»:«لقد شغف بها بعضهم ذلك الشغف الذى يذهب بالكرامة ويعصف بالوقار» مستشهدًا برسالة الشاعر «ولى الدين يكن» الذى يكتب إليها: «عندى قبلة هى أجمل زهرة فى ربيع الأمل أضعها تحت قدميك.. إن تقبليها تزيدى كرمًا وإن ترديها فقصارى ما أفعله هو الامتثال.إنى فى انتظار بشائر رضاك وطاعة لك وإخلاص» ورغم هذا التدله الممجوج والانسحاق المبتذل، فيتهمها المعداوى ” بهمود وخمود وموت عواطفها وبأن قلبها لا يعرف النبض.ثم يستطرد «المعداوى» مؤكدًا أن «أسلوب يكن فى الأدب والحب يلتقى مع أسلوب مماثل عند الرافعى،كلاهما فى الحب ذليل وفى الأدب مصنوع»؟! ويتساءل: «أتكون مى نظرت إلى الرجلين نظرة المرأة المدلهة بكبرياء الأنوثة إلى كل حب ذليل؟»ووضعت ماوصلت له مريم بين يدى سامية .و قلت لها : ستجنى ياسامية مثل مى زيادة ؟..
وانشدتها قصيدة العقاد:
أمى فى التراب آه منك أيها التراب * أين فى المحفل مى يا صحاب؟
واحدة من أجمل قصائد «العقاد»خاطب فيها «مى» والحزن يعتصره على رحيلها والدموع تنهمر من عينيه أمام قبرها ،فالعقاد أحب «مى» حبًا حقيقيًا لم يخلقه وهم أديب اصطنع العذاب واللوعة غذاء لإلهام،ولم تستجب هى له كفتاة حالمة تثيرها عواطفها تجاهه وتشغلها غريزة هوجاء تعصف بها إنه حب ناضج نما وتأجج بالكثير من العقل والفكر وتمازج العاطفة والوجدان بمنطق الواقع وشروطه وحواجزه ومعطياته، لكنه حب كان يمكن أن يتوج إلى زواج أكدته رغبة «العقاد» فى ذلك بعد أن أعيته الحيل فى أن يتخذ منها «عشيقة» -كما هو الحال مع«سارة»-لكنها رفضت الحالتين «الزوجة، والخليلة» فكيف كان ذلك؟ الرسائل المتبادلة بينهما تؤكد انسجامهما الفكرى والعاطفى، وتمثل مواظبته على حضور صالونها تطور العلاقة، وقد طلب منها أن يأتيها بمفرده فى يوم آخر من أيام الأسبوع هربًا من ملاحقة «مصطفى صادق الرافعى» وحصاره لها مما يحرمه من قربها الحميم أخبرها بأن ذلك الحاجز لا يمثل عقبة بالنسبة له فدينه يسمح له بالزواج من مسيحية، فقالت له إن دينها لا يسمح لها فطلب منها أن يستشيرا قسًا فوافقت مناورة ومداعبة اصطحبته إلى الكنيسة المجاورة وإذا بها تدخله إلى قاعة سينما ملحقة بالكنيسة أغلب الظن أنه المركز الكاثوليكى الآن يبدى دهشته فتخبره أن القاعة تعرض أفلامًا سينمائية مختارة بعناية من قبل لجنة من الكهنة ليراها الشباب من الجنسين، بحيث تكون خالية من مشاهد الجنس والعرى،واعترف«العقاد» فى حديث صحفى مع كامل الشناوى بأنه و«مى» تربطهما علاقة عاطفية وطيدة وأن عنده من رسائلها وعندها من رسائله ما يصلح كتابًا .. وشعرت أنى اكرر قصة العقاد مع مى زيادة ..
يتبع
الاسم : اشرف مصطفي توفيق محمد
البريد الاليكتروني :ِ[email protected]
عضو نقابة المحامين 2002
– عضو أتحاد الكتاب1995, عضو أتيليه القاهرة1999