
المراقب للشأن العربي والمتتبع له لا يلبث أن يظفر بخاصية لدى العرب ومن لف لفهم سيجدهم منفردين ومتميزين فيها أيما تميز وأيما تفرد!.
سيجد ان للعرب صفة بائنة هي الازدواجية ، فأغلبهم يعيش في هذه الخاصية ويتعايش معها وهي جزء من حياته.
وهذه الحالة او الخاصية نتج عنها انقسام العرب إلى فريقين متعاكسين وكأنهما خطين يسيران متوازيين فليس هناك أدنى فرصة لإلتقائهما وبذلك لا يوجد هناك مسمى اسمه”المبدئ الثابت” بل مبادئ متذبذبة متهرئة لا إلى هؤلاء ولا إلى أولئك وهذا الانقسام غالبا ما ينتج عنه تناحر كلامي وأحيانا يصل إلى مستوٍ عالٍ من العطاء والقطيعة.
العرب يتقمصون دور الازدواجية بإحترافية قل نظيرها العربي “سين من الناس ” يدعو إلى طاعة ولاة الأمر وعدم معصيتهم فتراه يدافع عن النظام الحاكم الحالي في اليمن وينظر إلى طاعته ونصرته وضرورة مؤازرته واجتثاث اصول من ناوئه وكاد به او حاول الكيد به ويحشد قواه الإعلامية والدعووية من أجل اضعاف الجانب المناوئ من الناحية الدينية في الوقت نفسه يظفي هالة من القداسة على الحاكم وهذا الفريق “سين” أيضا يحشد قواه العسكرية في سبيل ذلك.
فالوقت عينه هذا الفريق يرى أن ولي الأمر كما يسميه هو لا يمثل الحكم الشرعي لا بل هو ضد الشرعية ويدعى بأنه يقف إلى جانب الشعب في وجه الظالم فتراه يدعم من يعارض إعلاميا وماديا وعسكريا فسوريا ميدان آخر خاضا فيه غمار الازدواجية والتقلب ومورست الأدوار أيضا مع القطيعة التي حصلت بين السعودية وقطر.
هذه الظاهرة ان نمت عن شيء فإنها لا تنم الا عن حالة من اللاوعي تسيطر على العرب وللاسف ان هذه حالة قد وصلت ونالت نبالها طبقات المجتمع العربي ولا سيما الفئة النخبوية في المجمتع فاضحى الكل اسارى لها. والجهل المركب هو عامل آخر في ديمومة هذه الازدواجية فالكثير اليوم هم يجهلون هذه الحقيقة ويجهلون انهم يجهلونها وللجانب الديني دور يمكن ان يقوض من هذه الظاهرة ان اٌطلق له العنان لكن الواقع يبين دعاة الدين لم يتعلموا من الدين الا بقدر ما يفرق بين أبناء الأمة الواحدة.. فترى هنا وهناك فتاوٍ تحرض على التفرقة والنفور من الطرف الآخر وكأن هذه الفتاوي لتكوِن من هذه الأقطاب والأطراف خطين متعاكسين متوازيين فلا يمكن لهما ان يلتقيان أبدا وبذلك فإن هذا الشرخ يزداد شيئا فشيئا لان هذه الفتاوي في حالة تزايد مستمر وتنامي دائم وهناك مغذيات إقليمية لها وعالمية اضافة الى المستفيدين السياسيين والجهويين الذي سخروا امكاناتهم لذلك. والتصارع العربي أزلي متجذر منذ أن كان العرب كانوا قبائلً متناحرة والنظام القبلي(tribal system) بحد ذاته كان متضادٍ متصارع وحرب البسوس وحروب عنترة بن شداد خير شاهد على ذلك.
مشتاق آل رسول