العقيدة و الدين

الإسلام والوهّابية وجهاً لوجه!

بقلم: حسام الدين عوض

– تكريم الإنسان:
* الإسلام يكرِّمُ الإنسان -أي إنسان- ويرحمُ الحيوانَ ويوقّر الكبير ويحنو على المسكين واليتيم والأسير ويتسامحُ مع الخصوم ويتعاطف مع المظلوم وينشر العدالة وينثرُ الرحمة والرأفة.
** الوهابي يفتشُ في الضمائر ويشقُّ عن الصدور وينقّبُ في خفايا النفوس وخبايا القلوب ويدعو لشيوع التصنيف وذيوع الفُرْقَة بين أبناء الأمة ثم ينشرُ الخصومة والكراهية تجاه الغير فيقتلُ الأسرى ويسبي النساء ويستعبدُ الأرِقَّاء كي ينفر منه الأسوياء ويتبعه المتجهمون والمنفرون والغلظاء.

– ميزان التفاضل بين الناس:
* الإسلام يعدلُ بين الناسِ ويجعل التقوى والعمل الصالح ميزان التفاضل ومعيار التمايز بينهم فلايزعمُ لعربي فضلاً على أعجمي ولا لأبيض ميزة على أسود بل يجعلُ الانتصار للحق والعدل والخير مقدماً على الانحياز للقبيلة أو السلطة أو القوم أو الجنس.
** الوهابى ينظر للناس من علٍ وفق عنجهية العنصرية وعجرفة القبيلة وبدائية البادية وجلافة القومية وعصبية الأممية فإذا سرق الشريف تركوه ، وإذا سرق الضعيف أقاموا عليه الحد.

– المرأة:
* الإسلام يحترم المرأة ويوقرها ويتفهَّمُ طغيان عاطفتها عليها فيحنو عليها ، ويؤمن بأهمية دورها ورسالتها في بناء المجتمع ولايمنعها من حق العمل أو التملك ويختصرُ سلوك الرجل إزاءها في قول الرسول الكريم: ما أكرمهن إلا كريم وما أهانهن إلا لئيم.
** الوهابى يحتقرُ المرأة ويعتبرها أداة غواية ومصدر فتنة ينبغي ختانُها فيمنعها من قيادة السيارة ومن تقلد الولايات العامة ويختصر دورها في المهام البيولوجية تجاه الذكر ويحرمها من حق إصدار بطاقة هوية تحمل صورتها الشخصية ويضطرها لتغطية وجهها وعدم الخروج من بيتها إلا لضرورة.
يقول صالح الفوزان ‘عضو هيئة كبار علمائهم’ مايلي : “المرأة لا عقل لها ولا دين لها فهي بحاجة إلى من يقوم عليها مثل السفيه مثل المعتوه الذي إذا ترك لأهلك نفسه وضيع ماله وضيع دينه” أ.هـ.

– الأوزان النسبية للقضايا:
* الإسلام يضعُ الأمور في نصابها الصحيح فيجعلُ قضيته الكبرى حفظ الدين والنفس والنسل والمال والعقل ويعمل على تحرير الإنسان من كل سلطةٍ أو سلطانٍ أو صولجان ويخلِّص الناس من عبادة العباد والأهواء والشهوات ليعبِّدَهُم لله رب العالمين.
** الوهابى يجعلُ الناس أسرى للمسائل الفرعية التي تشكل وزناً نسبياً محدوداً (حلق اللحية-النزول بالركبة-التصوير الفوتوغرافي-إسبال الثوب-السماع الخ) فيتلهّى الناسُ عن قضاياهم العظيمة المتعلقة بالحقوق والحريات والشفافية والعدالة وينغمسون في صراعاتٍ كلاميةٍ لاتضعُ أوزارَها أبداً!

– العلاقة مع الغير:
* الإسلام يكره الجدل السوفسطائي الذي لاينبني عليه عمل ويجمعُ الشتات ويدعو الناس إلى كلمةٍ سواء وينهى عن جدال أهل الكتاب إلا بالتي هي أحسن ، ولايفرض عقيدته على أحد بل يفتح القلوب قبل البلاد.
** الوهابى مولعٌ بإصدار الأحكام الجزافية وبتوزيع الاتهامات المرسلة وبفرض الآراء الأحادية والتصورات المسرفة الغالية المغالية ، وعاجزٌ عن فهم تطور التجمعات البشرية من الصورة (الأممية) القائمة على أساس الولاء للدين أو الملك أو القبيلة كما في زمن الرسالة ، إلى الصورة الدُّوَلية التي يحكمها دستور يفصل بين الدين والدولة حيث يمارسُ الناسُ شعائر دينهم بحرية كاملة كما في زمننا نحن.

– الحريات والحقوق:
* الإسلام يسمحُ بحرية الفكر والاعتقاد وبحق تداول المعلومات والبيانات ولايحملُ أحداً من الناس أو يقهره على الإيمان به.
** الوهابى يفرض الرأي الواحد على الناس باستخدام التلقين والإملاء ويرفضُ النقد وحرية التفكير والتعبير ويعتمدُ جملةُ من التهم في حق المخالف : التحذير من فلان .. ذم ضلالات فلان .. هذا زنديق .. وذلك مبتدع .. وغيرهما محترق .. ويجعل تغيير الدين موجباً للقتل وليس الردة التي ترتبطُ بإفشاءُ أسرار الأمة والانحياز لأعدائها وضرب وحدتها واعتقاد أبنائها ، وهي من نحو جريمة الخيانة العظمى.

– الولاء والبراء:
* الإسلام يجعلُ الحكمة ضالة المؤمن أينما وجدها فهو أحق الناس بها ويحضُّ أتباعه على التواصل والتعارف مع الشعوب والقبائل من أهل الثقافات الأخرى ويدعو للتعاطي الإيجابي معهم بدلاً من اتخاذ موقفٍ سلبي ابتدائي تجاههم فالكل لآدم وآدم من تراب.
** الوهابى يتمسك بفكرة صدام الحضارات فيحرِّضُ على سكان كوكب الأرض ويعتبرهم خصوماً مؤكدين وأعداءاً خطرين منتظرين وينظرُ للناس بريبة ويتربَّصُ بالغير الدوائر باسم (الولاء والبراء) ولولا أن أتباعه لايمتلكون القوة ، فلو ملكوها لغزوا شعوب الأرض وإن لم تعتدي هي عليهم!

– الحكم والنظام السياسي:
* الإسلام لايضعُ الندى في مواضع السيف بل ينتصرُ للمظلوم ويأخذُ على يد الظالم ولايتهيبُ أتباعُهُ من قول كلمة الحق عند سلطان جائرٍ مهما كان ثمنها فادحاً.
** الوهابى يرفض الانتخابات ويكفِّر الديمقراطية ويعادي المجالس النيابية ويأمر بطاعة الإمام المتغلب ويوظِّفُ المنابر توظيفاً سياسياً وينحازُ دوماً للحاكم وإن كان ظالماً باغياً طاغيةً مجرماً.

– القتل والقتال:
* الإسلام يكرهُ أتباعُهُ القتال رغم حبهم للشهادة في سبيل الله لأنهم يعرفون حرمة الدماء فيحملون السلاح اضطراراً لا اختياراً بُغيَةَ الدِّفَاعِ عن أنفسهم وعن دينهم وحرماتهم فضلاً عن المستضعفين في الأرض أياً كان اعتقادُهُم.
** الوهابي يتعطَّشُ أتباعه للدماء وهوس القتل والتفجير والتهجير ويتصورون سكان الأرض أعداءاً لهم ، ويريدون أخذ الجزية منهم رغم أنهم هم من يدفعها!

– الهدي الظاهر:
* الإسلامُ يَحْرِصُ أتباعُه على حسن المظهر وجمال الملبس وطيب الرائحة بلا تكلف أو تعسف فإن أعفى أحدهم لحيته أخذ منها مايزيد على القبضة ولم يفرض نمطاً أو طريقة على غيره.
** الفكر الوهابى يحرصُ أتباعه على إعفاء اللحى دون تهذيب ويصبون المسلم في قالبٍ شكليٍ واحدٍ لاينبغي له سواه ويدعون لمنافرة أهل الملل الأخرى بدعوى أننا أمرنا بمخالفتهم وإن لم تكن تلك المخالفة فيما يتميزون به ويتخذونه شعاراً دينياً!

– الفنون والآداب:
* الإسلام يطربُ أتباعه للفنون المختلفة من شعرٍ وأدبٍ ونثرٍ وغناءٍ ولايصادمون فطرتهم أو يناقضون رغباتهم ويمارسون الرياضة ولايمنعون من الفنون إلا ما اختلط بمحرم كالزنا والخمر.
** الفكر الوهابى يتخذ أتباعه موقفاً غليظاً متشدداً تجاه الفنون والآداب فيحرمون الغناء والموسيقى والرسم والنحت ويتكلفون ويتعسفون في تحريم الرياضات ويتمسكون بظواهر النصوص دون فهمٍ أو تفقه.

– الجنة والنار ، والحلال والحرام :
* الإسلام يسعى أتباعُهُ لإرضاء الله بالقول والفعل ويتهمون أنفسهم بالتقصير ويترددون بين الخوف والرجاء ولايقنِّطُون الناس من رحمة الله بل يكرهون أن تتفلَّتَ النفوسُ منهم إلى النار ويرجون أن لو دخلَ النَّاسُ كلهم الجنة معهم.
** الفكر الوهابى يوزع أتباعه صكوك الجنة والنار ، ويُلِحُّون على كلمة “الحرام” حتى جعلوا كل شئٍ في حياة الناس حراماً فأفقدوا الحرام قيمته ومهابته في نفوس العوام ، فيما خلعوا على أنفسهم ألقاباً كالفرقة الناجية والطائفة المنصورة وخالوا أن الله الذي خلق الموت والحياة ليبلو الناس أيهم أحسن عملاً قد تعهد لهم بالجنة بينما ضمن النار لمليارات الخلائق!

– الكفر والتكفير:
* الإسلام يُحْسِنُ أتباعُهُ الظَّنَّ بالمسلمين ولايكفِّرُون أحداً من أهل القبلة إلا إذا كان قاصداً للكفر وخائضاً فيه بأقواله وأفعاله لأن الخطأ في ترك ألف كافرٍ في الحياة أهون من الخطأ في سفك محجمةٍ من دم مسلم.
** الفكر الوهابى يتسرَّعُ أتباعه في تكفير أهل القبلة ، ويعملون المباضع في مخالفيهم ويخلعون عليهم أوصاف البدعة والضلالة ولايرقبون في خصومهم إلا ولا ذمة ، ويستخدمون في كتبهم وحواراتهم لفظة “الشرك” أكثر من استخدامهم لفظة “الإيمان”!

– العقوبات والحدود:
* الإسلام يقدِّمُ أتباعَهُ العفو على العقوبة ، والتسامح على التعصب ، ويعرفون أن الحدود جزءٌ من العقوبات التي هي بدورها جزءٌ من التشريع الجنائي الذي يمثل بدوره جزءاً من الشريعة الإسلامية.
** الوهابية تضخمت مسألةُ الحدود في عقولهم وتصوراتهم حتى أكلت الشريعة كلها!

– آل بيت النبوة:
* الإسلام يكرِّمُ أتباعُه آل بيت النبوة -عليهم السلام- ويتقرَّبُون إلى رسول الله بحبهم ويكرهون من ظلمهم وسفك دماءهم.
** الفكر الوهابى يبغضُ أتباعُهُ آل البيت ويناصبوهم العداوة ويسوغون جرائم خصومهم ويلتمسون الأعذار لقاتليهم وسافكي دمائهم!

– العلم والعلماء:
* الإسلام يوقِّرُ أتباعُهُ فقهاء الإسلام وأئمته الأعلام جميعاً وخصوصاً الأئمة الأربعة الذين بذلوا النفس والنفيس والغالي والرخيص وأفنوا أعمارهم في الاجتهاد والاستنباط لبيان الحق للخلق وهم مع ذلك يعلمون أنهم بشرٌ يصيبون ويخطئون وأن كلامهم يؤخذ منه ويترك.
** الفكر الوهابى يتعصَّبُ أتباعُهُ لشيخ واحدٍ ينتمي للقرن السابع الهجري فيخلعون عليه ثوب العصمة ويصفونه بشيخ الإسلام ويقدمونه حتى على الأئمة الأربعة أنفسهم ويعتبرون أقواله أولى بالاتباع من غيره ويرفضون كل قولٍ يخالفُ رأيه بدعوى أن التمذهب تعصُّب وأنهم رجالٌ وهم رجال!

– العلوم المادية والإنسانية:
* الإسلام يُعنَىَ أتباعُه بالعلوم الإنسانية والمادية المختلفة على نفس قدر عنايتهم بعلوم دينهم ، وقد ترجموا علوم الفرس والروم ونقلوا حضارات وفلسفات الأمم السابقة وجلعوا من بلادهم حواضر الدنيا حين كانت أوروبا ترزح في ظلمات الجهل والتخلف وأناروا تاريخ الإنسانية بكوكبة من أعظم الأطباء والمهندسين والفلكيين والجيولوجيين والفلاسفة والرحالة والبحاثة.
** الوهابية يحصرون علم الدنيا والدين في علوم الحديث ثم في مقاومة البدع والشركيات! ولم يقدموا إسهاماً تقنياً أو علمياً واحداً نافعاً للبشرية رغم أنهم ملكوا المال والسلطان ، بل جعلوا المسلمين عالةً على الدنيا ، يأكلون مايزرع غيرهم ويركبون مايصنعونه ويتداوون بما يخترعونه ثم رغم كل هذا يناصبونهم العداوة!

– العقائد والغيبيات:
* الإسلام ينزِّهُ أتباعُه المولى عزَّ وجل عن كلِّ نقص ويصفونه بكل كمال ويعملون بمحكم القرآن ويؤمنون بمتشابهه ويفوضون العلم بالصفات الإلهية التي توهم المشابهة إلى المولى عز وجل أو يأولونها وفق قواعد اللسان العربي لاعترافهم بقصور العقل عن إدراك الغيبيات.
** الوهابية يعتبرون التأويل شراً محضاً فيجرون آيات وأحاديث الصفات على ظاهرها وينسبون إلى الله الحركة في الحيز المحدود والاستقرار في جهة والجلوس على عرش والاتكاء فوق كرسي وإجلاس النبي معه وأنه يَمَسُّ ويُمَسّ وأن الحوادث تحل به سبحانه وأن نوع العالم قديم معه! وينسبون له جنباً ووجهاً وعينين وفماً ولهواتٍ وأضراساً ويدين وأصابع ثم يتبجحون بعد كل هذا بقولهم “يليق به”!

– بين القرآن والسنة:
* الإسلام يعظِّمُ أتباعُه القرآن الكريم ويحرصون على سماعه ويتعاهدونه بالحفظ والتلاوة والاستدلال بآياته ويفهمون أن السنة المشرفة هي التطبيق العملي للقرآن.
** الفكر الوهابى يقدِّمُ أتباعُه السُّنَّةَ على القرآن ويزعمون أن القرآن يُنسَخُ بالسنة وأنه لايكتمل بغيرها ثم لاتكتمل هي بغير فهم السلف الذي هو تقريرات ابن تيمية ، والتي لاتكتمل بدورها بغير شروحات ابن عثيمين وفتاوى ابن باز وتصحيحات وتضعيفات الألباني وغزوات محمد بن عبد الوهاب للشرك والمشركين!

وهكذا .. أنتجَ الفكر الوهابيُّ نسخةً محرَّفةً من الإسلام .. ويأبى ديننا الحنيف الذي لن يشادَّهُ أحدٌ إلا غلَبَه -يأبى- إلا أن يأتي بنيانَ هذا الفكر المتطرف من القواعد ، فيجعلُه شذَرَ مَذَر ، ويُرسِلُ عليه صاعقةً لاتُبقِيه ولا تذر! قال تعالى: “بل نقذفُ بالحقِّ على الباطلِ فَيَدمَغُهُ فإذا هُوَ زاهق صدق الله العظيم.

اظهر المزيد

حسام الدين عوض

مهندس مصري وكاتب وباحث في الشؤون الإسلامية ، حاصل على بكالريوس الهندسة ، ماجستير إدارة الأعمال ، دبلوم الدراسات العليا في الشريعة الإسلامية
زر الذهاب إلى الأعلى