
أقعدي هنا يا فرح
اشمعنا يا مريومة؟
عشان أي ولد في الفرح يشوفك و تعجبيه يمكن يتجوزك
…حاضر يا ستي
قلتها و أنا أغلب عبرتي بضحكة مبالغ بها، كانت كلمات مريم ابنة الست سنوات ما هي إلا خنجر جديد يغرز في قلبي، لم تكن تلك التعليقات و الهمزات و اللمذات من جميع المحيطين بجديدة، لكن صدمتي أن تخرج هذه الكلمات من طفلة.
وصلت منزلي و كانت عقارب الساعة تتراقص حول الساعة الثانية بعد منتصف الليل، وجدت والدتي تنتظرني كعادتها نائمة على كرسي شرفة المنزل، و بعد عتابها المعتاد حول تأخري خارج المنزل و أنها هرمت في السن لتنتظرني هكذا و لتختم بجملتها المعتادة.
إمتى يا ربي ترحمني منها و تروح بيت جوزها بقى…
قبلت جبينها و توجهت لغرفتي، جلست على فراشي و أخرجت هاتفي من حقيبتي و اخذت اقلب بين صور الفرح…
كانت تلك سمر آخر أعضاء شلتنا الموقرة بلا زواج، لم يبق سواي، تذكرت جملة مريم و بكيت رغماً عني، كل يوم كنت أتعرض لمثل هذه المضايقات، ربنا يعدلها لك بقى، هتفضلي كده لحد أمتى، اللي قدك عيالهم طولهم، مش تشدي حيلك بقي، هنفرح بيكي امتي، مفيش حاجة جاية في السكة…
كل جملة منهم كانت تعقبها ابتسامة صفراء و نظرة شفقة أو نظرة تشفي، كل منهم تمثل خنجر يذبح روحي و أحاسيسي، الصدمة أن تأتي الطعنة من هذا الملاك البريء، من الواضح أنه لم يعد هناك أبرياء في هذا الكون…
استفقت في الصباح على والدتي و هي توقظني :
انتى نمتي بهدومك يا بنتي، قومي غيري و أغسلي وشك ده…
نظرت للمرآة، سأظلم دب الباندا إذا شبهت نفسي به، مساحيق التجميل سالت حول عيني بفعل البكاء و تورمت عيناي و انتفختا…
قررت بعدها أن أطلب أجازه من العمل لمدة أسبوع، كانت تلك أول أجازه لي منذ خمس سنوات، قضيت الأسبوع في حجرتي كانت كلمات مريم تتردد داخل رأسي بلا توقف…
توجهت لوالدتي لأبلغها بقراري:
– ماما عايزة أقولك حاجة مهمة، سيبي البصل دلوقتي و ركزي معايا…
– خير…
– ماما انا قررت أني استقيل…
– نعم ؟!
– و هسحب كل مستحقاتي و كل فلوس ورثي من بابا الله يرحمه، و هبيع كل الجهاز اللي جوه ده…
– و ده ليه بقى إن شاء الله، أتجننتي و الحمدلله ولا هتتجوزي…
– لا هاخد الفلوس دي و هلف بيها العالم
– نعم يا حبيبتي، تلفي العالم، ده أنتي أتجننتي بجد، سفر إيه و زفت إيه؟ ده بدل ما تفكري في الجواز كل أصحابك و قرايبنا اتجوزوا و انتي اللي قاعدة، حرام عليكي هتموتيني بحسرتي عليكي
– يا ماما يا حبيبتي انا بقى عندي 36 سنه و مفيش جواز في الأفق نهائي هفضل مستنية و موقفة حياتي لحدا امتى علشان الجواز اللي يا يجي يا ما يجيش، أنا عايزة أحقق حلمي و ألف الدنيا و أشوف ناس مختلفة…
– أنتي عايزة تلفي بقى على حل شعرك…
– شعر إيه يا ماما اللي هلف على حله؟ أولاً بنتك قرعة، ثانيًا بذمتك أنا لو بعرف ألف على حل شعري كان زمان ده حالي، كنت شنكلتلي أي واحد و أتجوزت و ريّحتك مش كده، و بعدين أنا من كتمة المعمل بقيت شبه الضفدعة مين هيبصلي بذمتك!!!
– فشر ضفدعة أية أنتي قمر…
– و عايزة تروحي فين بقى حضرتك…
– مش عارفة لسه، ما توقعتش أني هوصل معاكي للمرحلة دي بصراحة…
– خلاص يبقى تروحي السعودية لأختك، تعملي عمرة يمكن ربنا يفك نحسك و تعملي عمرة لأبوكي كمان و تزوري اختك وأولادها، كانت بتقولي واحد صاحب جوزها بيدور على عروسة يمكن نصيبك هناك…
– تاني يا ماما؟ ، عموماً ماشي يا ستي السعودية حلوة برضه حتى قرود الجبلاية ولادها وحشوني جدااااااا و نفسي أشوفهم…