
الحلقة الثانية
حاولت جاهدة السيطرة على قدماي حتى لا أركض باتجاه باب الطائرة، كانت سعادتي لا توصف، أشارت لي المضيفة على مقعدي، كان بجوار الممر، كنت أتمنى أن يكون بجوار النافذة، كم حلمت أن اشاهد السحاب من نافذة الطائرة، جلست بمقعدي، مرت خمس دقائق و لم يأت أحد للمقعد المجاور لي، فاغتنمت الفرصة كطفلة و جلست على المقعد الخالي بجوار النافذة…
بعد قليل أتت المضيفة تتبعها سيدة مسنة، تبدو من ملامحها و هيئتها أنها ريفية، أشارت لها على المقعد الذي أجلس عليه أنه مقعدها، طلبت مني أن أعود لمقعدي، فقاطعتها السيدة أنها لا تمانع…
جلست بجواري، كانت ستينية بسيطة، أخرجت من حقيبتها كتيب عن مناسك العمرة و طلبت مني قراءته لها…
قرأته و بدأنا نتجاذب أطراف الحديث؛ أخبرتني أن اسمها زاهية و تنتمي لمحافظة الشرقية ،و برغم أنها لا تعرف القراءة و الكتابة إلا أن عقلها و تفكيرها متفتح عن كثير من المتعلمين، عندما أخبرتها عن عمري و خطتي للسفر حول العالم، شجعتني ؛أخبرتني أنها كان لها نفس الحلم في عمري لكنها لم تستطع تحقيقه، شعرت براحة كبيرة في الحديث مع الحاجة زاهية، بعد ساعتين وصلت الطائرة السعودية…
تبادلنا أرقام الهواتف للتواصل عند عودتنا لمصر، و قمنا أيضا بالتقاط صورة سوياً على هاتفها النقال للذكرى كما طلبت…
أنهيت كل إجراءات الوصول و تسلمت حقيبتي و توجهت لباب المطار حيث أختي تنظرني في سيارة بالخارج، حينما خطوت أول خطوة خارج المطار عدت بسرعة للداخل، كانت الحرارة مرتفعة جداً شعرت كما لو كنت بجهنم، استجمعت شجاعتي و خرجت مسرعة أبحث عن أختي، حينما رأيتها دخلت بسرعة في السيارة و أغلقت الباب لأتمكن من التقاط أنفاسي…
نظرت لي و قالت :
حمدلله على سلامتك وحشاني، مالك؟
مالي ايه هو الحو عامل كده ليه على حظي النحس يعني…
ضحكت ورد أختي بشدة:
جو ايه ده أحنا لسه الجو ما شدّش احنا الصبح امال العصر تقولي ايه…
أزيك يا خالتو…
نظرت لأجد مروان أبن أختي ذا الأربعة عشر عاماً أضحى رجلًا يجاوزني في الطول:
مروان حبيبي كبرت و صوتك أخشن، و اية ده طلعلك شنب كمان، بقيت شبه الرجالة أهوه…
نظرت لمقعد السائق لأحيي زوج أختي لأفاجئ بشخص غريب، نظرت لأختي التي فهمت و قدمته لي:
– أستاذ مجدي زميل محمود في الشغل أصل محمود مشغول جدااااا و مقدرش يجي يوصلنا…
– اهلا بحضرتك…
توجهنا للحرم لآداء مناسك العمرة، شعرت برهبة شديدة داخل الحرم، بكيت،تذكرت أبي و دعوت له و لأمي…
توجهنا بعدها لمنزل أختي في مدينة جده، و حينما أفرغت حقائبي، جلسنا سوياً نتحدث ، سألتني عن رأيي بمجدي:
– و انا مالي و ماله؟
– انتي بتستعبطي ما ماما قالتلك صاحب محمود بيدور على عروسه؟
– هو ده يعني، بس ده كشري و مقفل أوي…
– بطلي تناكة يا رب هو اللي يرضى بيكي بس
– ليه يعني ناقصني ايد ولا رجل؟
– لا عماله تهزري و تضحكي و ترغي انتي و مروان ما بتفصليش، و هو عايز واحدة متدينة و هادية…
– والله انا كده و اللي عاجبه اهلا وسهلا و اللي مش عاجبه أهلين و سهلين…
– أنا هقوم أنام بدل ما تفقعيلي مرارتي…
توجهت نحو باب الغرفة ثم عادت تسأل:
– أنت جايبة معاكي فستان سهرة؟
– لا ليه…
– عندنا فرح…
– ممكن ألبس الجيبة دي مع البلوزة الستان دي يمشوا في فرح…
– بلوزة ايه و جيبة ايه انتي فاكرة نفسك في مصر، مفيش هنا كده لازم فستان، الصبح اطلع فساتيني يا رب يجي واحد مقاسك عندنا فرح سعودي بكرة، نامي بقى صدعتيني برغيك ده …
تصبحي على خير..