
وقفت ( آنّا براتِن ) رئيسة ما يُسمّى مجموعة ( أوقفوا أسلمة النرويج ) مع عدد من مناصريها مُتسلحة بجهاز لتقوية الصوت، وعلم صغير لدولة النرويج، في ساحة مدينة درامن ، والتي تبعد عن العاصمة أوسلو بحوالي 45 كيلومتر، وهي تدعوا لمنع تداول القرآن الكريم في المملكة التي تتبع المذهب البروتستانتي.
طبعاً الشرطة كانت حاضرة لتمنع تطوّر الأمر للأسوأ ( كون المذكورة رمت بنسخة من القرآن الكريم أرضاً، وحاولت تمزيقها لولا أن أحد رجال الشرطة حال دون ذلك).
رداً على ذلك، قام بعض الناشطين النرويجيين مباشرة بتنظيم مظاهرة ضد الاسلاموفوبيا ولتأكيد أن النرويج بلد متسامح، ويتسع للجميع.
الحقيقة أن الحادث لم يكن مُستبعَداً، خاصة بعد التطورات الأخيرة في الدنمارك( الدولة الشقيقة) وما جرى هناك من استفزازات مشتركة بين حزب التحرير ( الذي يدعو لإحياء الخلافة الاسلامية ) وحزب الشعب الدنماركي اليميني المتطرّف، وما تلاها من أعمال عنف .
يُذكر هنا أن الدولة النرويجية لا تضع أيّ عوائق أمام بناء المساجد ( كسويسرا مثلا ) بل تقوم بدعمها مادياً ، والصرف على القائمين عليها وعلى روابطهم وتجمعاتهم، كما أن الحجاب غير ممنوع في المدارس أو أماكن العمل ( رغم أن البعض بدأ يدعوا بمنع الحجاب في المدارس الابتدائية أسوة بدول أوربية أخرى) كما أننا رأينا المرأة المسلمة قد اعتلت أكثر من منصب وزاري في الدولة الاسكندنافية.
طبعاً من نافلة القول أن الكراهية مردها إلى النفس البشرية ( كما قال فرويد ) وهي مرض ( كما قال الطبيب شارل روجزمان ) وأضيف أنا أنها مرض معدٍ، وأن الانسان يكره ما يخشاه ويجهله ويُعاكس مصالحه، فكل كاره هو مريض بالضرورة، نفسياً وجسدياً.
هي لا تكرهنا لأنها مسيحية أوربية، وإلا لماذا نكره بعضنا بعضاً؟
من هنا، نشفق على ( آنّا براتن ) فهي تعتقد أن القرآن الكريم يأمر بممارسة القهر الجسدي والجنسي على المرأة، يجبر فتيات الابتدائية على ارتداء الحجاب، يأمر ببقاء المرأة حبيسة بيتها وأهواء زوجها، يُحرض على كراهية ومُعاداة وقتل كل المخالفين لرغبات المؤمنين، يُحرّم الديمقراطية ويُطلق يد الحاكم ليستبد بما يشاء كيفما يشاء ويأمر الكل بطاعته، خلق النساء دمى للرجال، ومصيرهم جهنم وبئس المصير.
جاهلة ( آنّا براتن ) وتستحق الشقفة، كما يستحقها عالمنا العربي.
جاهل من يرفض الحجاب لأنه يُخالفه.
جاهل من يرفض الفن والموسيقى لأنها تخالفه.
جاهل من يرفض الحرية والديمقراطية لأنها تخالفه.
جاهل من رفض إطلاق اسم شهيد على من خالفه.
جاهل من رفض الترحم على من خالفه.
جاهل ويستحق الشفقة من اعتقد أن رفض إطلاق اسم الشهيد أبانوب ناجح على مدرسة، هو أهم لمستقبل أطفاله من مستوى التعليم والكادر التعليمي والعملية التربوية ككل.
جاهل من أنكر على الرب حكمة الاختلاف، وجاهل من صادر رغبة الرب بالرحمة.
لمن أراد أن يرى كم نحن مرضى( نفسياً وجسدياً ) فلينظر داخله وليُحصِ من وكم يكره، فنحن نكره ونُحرّض ضد من خالفنا سياسياً، ودينياً، وعقائدياً، ومذهبياً.
هل هي اسلاموفوبيا؟ هل هي مسيحوفوبيا؟
هي جهل وسطحية وتنمّر وصراعات نحن ضحاياها ووقودها، فالدين باقٍ، والاختلافات بين البشر باقية، وتعايشنا ككل أمر حتمي لا مفرّ منه.
دمتم بحب.