مقالات الرأى

إحتضار التعليم

مشتاق ال عبدالرسول

اول من أخترع الكتابة هم العراقيون السومريون إذ اخترعوها صورية وبأي حال كانت فقد سبقوا أقرانهم من الأمم السابقة واختراعهم للكتابة يبين ذكائهم وما هم عليه من مستوٍ عالٍ من التحضر والتقدم آنذاك وقد كان انجازهم هذا _الذي لهم به فخر السبق به- لحاجتهم إليه لتدوين ما يلزم تدوليه من معاملات تجارية وقضايا حكمية ولتيسير الكثير من الصعوبات وتذليل العقبات وبعد الاختراع الصوري للكتابة طورها شيئا فشيئا وتطور حالهم معها وانتشرت الكتابة إلى مناطقهم المجاورة وأُخترعت كتابات بعدهم في مناطق أخرى.
وترك هؤلاء حضارة عملاقة بينت ثقافتهم وتمدنهم واماطت اللثام عن حضارة شامخة انيط الابداع معها واقترن بها حضارة خلدت اول قانون وناموس للبشرية جميعا لازال كثيرٌ منها متبع.
لكن…..
لكن اليوم الوضع مختلف تماما عما مضى فقد فاض جهل الناس وفاظت روح التعليم والعلم في العراق( كحنضلٍ حاطه حنظلٌ وضبٌ في حضيرةِ ظبٍ عضَّ حظيرة بعد عظة منهم له).
التعليم اليوم منهار ونسب الأمية في تزايد مستمر فبعد أن خلى العراق من الأمية وحقق نسبة 0% بفعل الحملات التي كانت الحكومة العراقية قد قامت بها من أجل محو الأمية التي كانت متفشية بنسب مؤثرة.
نسب الأمية اليوم مهولة ومروعة إذ تقدر بحوالي 12% من سكان العراق وبعض النسب تشير إلى وجود أكثر من ستة ملايين عراقي امي من ذكور واناث وهذا مؤشر خطير اذا ما استمر الحال على ماهو عليه.
وللامية أسبابها المتعددة والمتنوعة والتي تختلف من الريف الى المدينة حيث أن نسبة الأمية تزداد بين الاناث أكثر مما هي عليه في الذكور وذلك لكون الفتاة تقل فرصة حظوظها في الدراسة لان أغلب من يسكنون الارياف والقصبات لا يرون أن هناك داعٍّ لدراسة الفتاة والبعض يأطره بأطر الشرف والحياء وبشكل عام تكون الأمية في هذه المناطق بسبب الاعمال التي يمارسها أرباب العوائل والاسر من زراعة الاراضي ورعاية المواشي وتربيتها وبهدف توسعة الاعمال وضمان المساعد من البنات والبنين في ذلك فإنهم يعمدون إلى إقصاء أبناءهم من المدارس في بعض الأحيان وأحيان أخرى لا يسمحون لهم بالدراسة .
اما المدن فإن نسبة امية الذكور أكبر مما هي عليه في الاناث كون الذكور الأكثر عملا وحرية فالأب يقوم بفرض العمل على أبناءه على حساب مدارسهم.
وأيضا هناك عوامل عدة من شأنها رفع نسب الأمية الا وهي الفقر والعوز والإهمال فهناك أسر فقدت المعيل فلا يمكنها أن توفر مستلزمات الدراسة لأبنائها هذا ان لم يكن الصغير هو المعيل، والإهمال عامل أساسي آخر في هذا الجانب فهناك من يهمل أبناءه ولا يلزمهم بالتعليم والمتابعة.
كل هذه وغيرها عوامل أدت إلى تفاقم أزمة الجهل في المجتمع وغالبا ما يعيش أكثر الأفراد في المجتمع جعلت مركبا فهم جُهال ويجهلون انهم جُهال.
يفترض بالجانب الحكومي بتذليل العقبات التي تزيد الطين بلة كتشديد الرقابة وفرض غرامات وحبس على من لم يُلحق أبناءه بالمدارس لأي سبب كان ومحاولة القضاء على عمالة الأطفال ومراقبة مراكز اللهو والمقاهي والاهتمام بالتعليم.
والى جانب اهتمام الحكومة يجب أن يكون اهتمام الأهل أكبر وأهم وان يفسحوا المجال لشباب المستقبل ببناء أنفسهم وليساعدوهم في ذلك لانهم رجال لزمان قادم وعليهم يعول مصير البلد ومصير مقدراته….

ليس كمثل الذي ماتت ابنته بانتظار طبيبة تكشف عليها(وليس طبيب) وهو نفسه قد منعها من دراسة الطب كونها عورة

اظهر المزيد

نافذ سمان

كاتب وروائي سوري الأصل يقيم في النرويج له خمس أعمال منفردة ( مجموعة قصصية ،ثلاث روايات وديوان نثري ) إضافة لثلاث كتب جماعية. له عديد المساهمات في المنظمات الانسانية والتربوية. كاتب مقالات رأي وصحفي في العديد من الصحف والصفحات العربية والنرويجية. صحفي لدى جريدة فيورنجن النرويجية.درس الصحة النفسية للطفل لدى جامعة هارفرد 2017. مجاز ليسانس في الحقوق 1999 وعمل كرئيس لقسم الجباية في سوريا لحوالي 11 عاماً.
زر الذهاب إلى الأعلى