
أوراق حلاق
هشام عيد
الورقة الأولى
النميمة
تحلو أحاديث النميمة، خاصة حين يتعلق الأمر بالنساء.
بعض الزبائن لديهم قصصٌ مثيرة، والحلّاق المتظاهر بالتقوى يريد أن يبدي الحذر فيلتزم الصمت، لكن حين يصمت الزبون يبادره بقول يستدعي البقية دون أن يبدو مشجعًا “معقول فيه كده؟”
يستشعر الزبون خبرته الزائدة فتنفجر معلوماته..
هذا النوع من الزبائن لا يتوقف عن النظر إلى نفسه في المرآة أثناء الحكي..
يُقال إن إبليس قابل موسى -عليه السلام- وفي يده ذهب وتراب فسأله موسى عنهما فقال:
إن الذهب لأهل النميمة يضعه في أفواههم ليحلو على الألسنة والتراب لأهل التقوى.
“أتعرف؟ بجوارك نساء وبنات يمارسن الدعارة بعلم أهلهن.. البكارة لم تعد غشاءً يفصل بين عالمين في حسم، بل أصبحت صناعة مضمونة النتائج.. وفيه منها صيني”
يدخل سليم فيشترك مؤيدًا الزبونَ في الجزء الأخير.. وبدون أي داعٍ يحكي عن فحولته ليلة أمس.
تحوَّل الحديثُ بينهما إلى مرارة، أحدهما يتحدث عن غنج زوجته والآخر يتحدث عن غنج العالم.. أوشكت على الغثيان.
“اسمع، أخ، عورتني”
حين يكون الموس واقفًا أسفل الذقن أثناء حلاقتها يجب ألا يتكلم الزبون.. فتح فمه فشق الموس الذقن من أسفل.. لم أكن أقصد، المحاولات الكثيرة لوقف نزيف الدم لا تخلصني من الحرج.. قال
“ولا يهمك، كمّل”
طب ما تتكلمش وإلا تتعور تاني.. التزم الصمت، خرج سليم..
انتهيت من الحلاقة.. لم يعد هناك خوف أن يصاب.
كنت في منتهى الاستياء وأنا أستمع له، كنت أتمنى أن أصُمّ أذنيّ، وحين أصيب سكت.. لم يُنهِ قصتَه.. طال الصمت.. همَّ بالرحيل، استوقفته..
هنّ بجواري.. أيتهُن ؟!