أبو حنيفة برئ من زواجكم العرفي

بقلم: حسام الدين عوض
فوجئت أثناء نقاشٍ لي مع بعض أصدقائي المقربين بأحدهم يقول لي: إن الإمام أبا حنيفة لم يشترط شرط الوليِّ في الزواج! وذلك تعليقاً على سؤال آخر عن ‘الزواج العرفيّ’!
قلت له: اعذرني! لكنَّك لم تفهم كلام أبي حنيفة ، كلامُهُ ياأخي مقصورٌ ومحصورٌ على (عُضل) الفتاة التي يتعنَّتُ وليُّها الشرعي في تزويجها ممن تحب ، وربما كان هذا الوليُّ أخاً أو عماً أو خالاً يقدم مصلحة شخصية أو منفعة دنيوية زائلة على رغبتها المشروعة ، وأبو حنيفة يرى (بخلاف جمهور الفقهاء ‘مالك والشافعي وأحمد’) أنها صاحبة الحقّ الأصيل في اختيار شريك الحياة وفي مباشرة عقد الزواج بنفسها تأسيساً على هذا ، وإلا فالعَنَتُ لايحصلُ إلا بعد حصول العلم النافي للجهالة ، أي : عَلِمَ الوليُّ لكنَّه تعنَّت!
أما أن تفهم أنت من كلامه أن تقوم فتاةٌ بتزويج نفسِها ولو دون علم أهلها على اعتبار أن الوليّ غيرُ مُشترط! فهذا فهمٌ سقيمٌ يفتحُ باب السِّفاحِ على مصراعيه! وأنا أنزِّهُ الإمام أبا حنيفة عن أن يقوله أو أن يتصوره!
هذه الصورة من (أنكحة الجاهلية) التي يمارسُها طلابُ وطالبات المعاهد والجامعات في بلادنا العربية ، لم تكن موجودةً من الأصل في زمن الإمام رحمه الله ، وهل كان أبو حنيفة ليقبل أن تعيش فتاةٌ في كنف عائلتها وفي ظلالهم الوارفة بينما هم يعيشون كذبة كبيرة مفادها أنها توهمهم بالذهاب إلى الجامعة أو ربما حتى المدرسة! ثم هي تواعدُ من أوهمها بدوره أنه زوجُها؟
هذا لايمكن أن يكون رأياً فقهياً من الأصل ، فضلاً عن أن يكون معتمداً او حتى مُحترَماً ، بل والغربُ الذي ننسبُ نحنُ له كلَّ نقيصة لايسمحُ بنظيره! فهم يعرفون من تواعدُ ابنتهم ومن تصاحب وإلى بيت من تذهب.
الفقه ياعزيزي ليس تنظيراً في الفراغ ولا إغراقاً في التدريبات الذهنية الفرضية المحالة! الفقه هدفه ضبط الواقع بحدود الشرع ، وتحري مراد الشارع سبحانه وتعالى ، وأبو حنيفة أجَلُّ عندي من الوقوع في مازعمه خصومه ، أو تأوَّلَهُ أصحابُ الأهواء ممن باعوا دينهم بدنياهم أو بدنيا غيرهم واشتروا بآيات الله ثمناً قليلاً