
قصيدة أبناء الشمس
كلمات وإلقاء
أحمد سعيد
Ahmed Said: أبناء الشمس
قلبِي جمرةُ نارٍ،
تصرخُ، تصمتُ، تفرحُ، تحزنُ
تقسُو، ترحمُ.
لقد جاءتِ المومياواتُ يا أمي؛
فابتعدي؛
فالوطَنُ ما زال يدورُ كمراوحِ الطاحونةِ،
ما زال يترنَّحُ كالعشبِ الجريحِ،
ما زالتْ عيُوني تصرُخُ يا أمي.
” كأنهمْ خُشُبٌ مُسَنَّدةٌ”
يُطلقونَ صيحاتِ القتالِ على شاشاتِ التِّلفازِ،
يقرأونَ سيرتَهُمُ الذَّاتيةَ مِنْ آخرِ الصَّفَحاتِ،
يَجْلِسُونَ عَلَى مَصَاطِبِ الْوهْمِ،
يَحْكُونَ أُسْطُورَتَهُمْ الَّتِي لنْ تَأْتِيَ مطلقاً،
يقبِّلون أقدامَ وَأَظَافِرَ الْوَطنِ،
ويبيعونَ لحمَهُ.
أحفظُ نُقوشَ المعبدِ،
أحفظُ أسطورةَ المياهِ الخضراءِ الَّتِي عَادَتْ من أرضِ الضَّياعِ،
أرتشفُ آخرَ قطراتِهَا،
أحاولُ أن أُبعدَ الخفافيشَ عنْ صدرِ الوطنِ،
أحاولُ أنْ أُغلقَ الشُّقوقَ، والتَّجاوِيفَ مِنْ علَى جَسَدِهِ.
أُناجي الشَّمْسَ أَنْ تُشْرِقَ،
والقمرَ ليظلَّ بجوارِهِ فِي ظلامِهِ الكثيفِ.
تحيةٌ لكِ يا أمي؛
فقَدْ طردتِ المومياواتِ،
مزَّقتِ كتبَ البطولةِ الزائفةِ.
أقفُ ليعبرَ النِّيلُ جسورَ روحِي،
لتتشبَّعُ نفسي بأشعةِ الشَّمْسِ الذهبيَّةِ.
” أفراسُ النهرِ تُزعجنِي فِي أواريس”
فلْتقتُلُوهَا، فَأرضُ طيبةَ مليئةٌ بالضوضاءِ والفوضَى،
أرْضُ طيبةَ قاحلةُ المَنْبَتِ،
جافةُ العشبِ.
أيَّتُها الرِّياحُ، فلْتَشُقِّي صدرِي؛
فبِداخِلِي ينبُتُ وطنٌ.
أُحلَّقُ حوْلَ الْهَرَمِ، أبْحَثُ عنْ تلكَ اللقْمةِ الَّتِي سقطتْ منْ أمِّي
لحظةَ هروبِها، لحظةَ سقوطِها،
أقِفُ أمامَ تَوْأمِي محاولاً فَكَّ الشَّفْرةِ الجينيَّةِ؛
فأجدُهُ يحملُ نُجومًا فوقَ كَتِفِهِ، وبقلبِهِ يطيرُ نسرٌ،
يحملُ حقيبةً وزاريَّةً، ويمسِكُ صوْلجانَ الحُكْمِ.
خُذِي يا أمي دموعِي،
اُنْسُجِي منْها طعامًا في ليْلِكِ الحالِكِ،
خذي نورَ عينَيَّ،
وآمْنَحيهِ للأرضِ التي تحملُ دمائِي،
علَّني أولدُ من جديدٍ،
نجمًا آخر،
نَّسْرًا يضيءُ الكونَ،
مِيزَانًا نورانيًّا.
وطني يا شجرةَ الحريةِ،
يا دموعيَ الهاربةَ للفرحِ،
يا عشقيَ المزيَّنَ بالأملِ،
يا طودًا أخضرَ،
تيناً وزيتونًا.
يا عصفورَ الحقِّ حلقْ فوقَ رؤوسِنَا،
فنحن أبناءُ الشمسِ،
شعاعُها النورانِيُّ،
نحملُ الحقَّ في طياتِ ملابسِنَا،
وبداخلِ قلوبِنَا تنمُو زهرةُ الْحياةِ